للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ لَمْ تَحْمِلْ، فَإِنْ حَمَلَتْ فَلَهَا النَّفَقَةُ كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهَا) أَيْ الْبَائِنِ (نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَ) لَهَا (الْكِسْوَةُ) (فِي أَوَّلِهِ) أَيْ إذَا طَلُقَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ فَلَهَا الْكِسْوَةُ إلَى آخِرِ الْحَمْلِ عَلَى عَادَتِهَا، وَلَوْ بَقِيَتْ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ (وَ) لَهَا (فِي الْأَشْهُرِ) لِلْحَمْلِ أَيْ إذَا أَبَانَهَا بَعْدَ مُضِيِّ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا فَلَهَا مِنْ الْكِسْوَةِ (قِيمَةُ مَنَابِهَا) أَيْ الْأَشْهُرِ فَيُقَوَّمُ مَا يَصِيرُ لِتِلْكَ الْأَشْهُرِ مِنْ الْكِسْوَةِ لَوْ كُسِيَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ فَتُعْطَى تِلْكَ الْقِيمَةَ دَرَاهِمَ.

(وَاسْتَمَرَّ) أَيْ الْمَسْكَنُ لِلْحَامِلِ الْبَائِنِ (إنْ مَاتَ) الزَّوْجُ قَبْلَ وَضْعِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمُطَلِّقِ فَلَا يُسْقِطُهُ الْمَوْتُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَمْ لَا نَقَدَ كِرَاءَهُ أَمْ لَا، وَلِلْبَائِنِ غَيْرِ الْحَامِلِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَالْأُجْرَةُ فِيهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ وَاَلَّتِي فِي الْعِصْمَةِ فَلَا يَسْتَمِرُّ لَهَا الْمَسْكَنُ إنْ مَاتَ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ كَمَا مَرَّ وَتَسْقُطُ الْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ لِكَوْنِ الْحَمْلِ صَارَ وَارِثًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِسْوَةَ وَالنَّفَقَةَ يَسْقُطَانِ فِي الْجَمِيعِ بِالْمَوْتِ وَيَسْتَمِرُّ الْمَسْكَنُ فِي الْبَائِنِ مُطْلَقًا وَفِي الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ.

(لَا إنْ) (مَاتَتْ) الْمُطَلَّقَةُ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا فِي كِرَاءِ الْمَسْكَنِ (وَرُدَّتْ النَّفَقَةُ) الْأَوْلَى قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ خَمْسَ صُوَرٍ: مَوْتُهُ وَمَوْتُهَا، وَهِيَ فِيهِمَا إمَّا فِي الْعِصْمَةِ لَهُ أَوْ رَجْعِيَّةً، وَإِمَّا بَائِنَةً، وَهِيَ حَامِلٌ، أَوْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيًّا وَلَكِنْ يُطَلِّقُهَا بَعْدَ قَبْضِ النَّفَقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا، وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ (كَانْفِشَاشِ الْحَمْلِ) فَتُرَدُّ نَفَقَتُهُ جَمِيعُهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ لِوَقْتِ الِانْفِشَاشِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَمِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ كِسْوَتُهُ، وَلَوْ بَعْدَ أَشْهُرٍ، وَسَوَاءٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ظُهُورِهِ أَمْ لَا.

(لَا) (الْكِسْوَةُ) الَّتِي قَبَضَتْهَا، وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ وَمَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (بَعْدَ) مُضِيِّ (أَشْهُرٍ) مِنْ قَبْضِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَحْمِلْ) شَرْطٌ فِي مَسْأَلَةِ مَنْعِ الْوَطْءِ، وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا خَرَجَتْ مِنْ مَحَلِّ سُكْنَاهَا أَمْ لَا عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا بَعْدَ أَنْ خَرَجَتْ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ إذَا طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِهِ أَيْ إنَّهُ إذَا حَصَلَتْ بِبَيْنُونَةٍ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى الْحَمْلِ قَبْلَ ظُهُورِهِ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهَا وَانْتَظَرَ ظُهُورَهُ وَحَرَكَتَهُ فَإِنَّ لَهَا كِسْوَتَهَا الْمُعْتَادَةَ وَلَوْ كَانَتْ تَبْقَى بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْكِسْوَةِ إذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً لَهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَشْهُرِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي أَثْنَاءِ الْأَشْهُرِ وَقَوْلُهُ: قِيمَةُ مَنَابِهَا أَيْ قِيمَةُ مَنَابِ الْأَشْهُرِ مِنْ الْكِسْوَةِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَفَقَةُ الْحَمْلِ أَيْ وَلَهَا قِيمَةُ مَنَابِ الْأَشْهُرِ مِنْ الْكِسْوَةِ إذَا أَبَانَهَا فِي أَثْنَائِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَبَانَهَا بَعْدَ مُضِيِّ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا فَلَهَا مَنَابُ الْأَشْهُرِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْكِسْوَةِ فَيُقَوَّمُ مَا يَصِيرُ لِتِلْكَ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ مِنْ الْكِسْوَةِ لَوْ كُسِيَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ فَيَسْقُطُ وَتُعْطَى مَا يَنُوبُ الْأَشْهُرَ الْبَاقِيَةَ الْقِيمَةَ دَرَاهِمَ

(قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا قَبْلَ وَضْعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ بَطْنَهَا صَارَ قَبْرًا لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِنُزُولِهِ كَذَا فِي شب خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى إذَا مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالسُّقُوطِ قَوْلُ ابْنِ الشِّقَاقِ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَالْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَاعْتَمَدَهُ عج وَصَوَّبَ شَيْخُنَا وَبِنَّ اعْتِمَادَهُ لَهُ وَمَا فِي الشَّامِلِ وَإِنْ حَكَمَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ كَابْنِ الْخَرَّازِ وَأَفْتَى بِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ كَمَا قَالَ عج (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ وَضْعِهَا) أَيْ فَيَسْتَمِرُّ الْمَسْكَنُ لَهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْوَضْعِ (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِنِ غَيْرِ الْحَامِلِ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ لِلْبَائِنِ غَيْرِ الْحَامِلِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَائِنَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا يَسْتَمِرُّ لَهَا الْمَسْكَنُ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَامِلِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأُجْرَةُ فِيهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ فِي الْبَائِنِ الْحَامِلِ وَغَيْرِ الْحَامِلِ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ الْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ) أَيْ كِسْوَةُ الْبَائِنِ الْحَامِلِ وَنَفَقَتُهَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ كَمَا تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ نَفَقَةُ وَكِسْوَةُ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنِ حَامِلًا كَانَتْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَمْ لَا نَقَدَ كِرَاءَهُ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: فِي كِرَاءِ الْمَسْكَنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى إنَّمَا كَانَتْ حَقًّا لِذَاتِهَا لِوُجُوبِ عِدَّتِهَا فِي مَنْزِلِهَا وَلَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِيهَا حَتَّى تُورَثَ (قَوْلُهُ: خَمْسَ صُوَرٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى سَبْعُ صُوَرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِمَّا بَائِنَةً وَهِيَ حَامِلٌ) أَيْ يَمُوتُ زَوْجُهَا بَعْدَ قَبْضِهَا النَّفَقَةَ أَوْ تَمُوتُ هِيَ (قَوْلُهُ: كَانْفِشَاشِ الْحَمْلِ) أَيْ حَمْلِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا، وَالْمُرَادُ بِانْفِشَاشِهِ تَبَيُّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَمْلٌ بِهَا بَلْ كَانَ عِلَّةً أَوْ رِيحًا كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَغَيْرُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ فَسَادَهُ وَاضْمِحْلَالَهُ بَعْدَ تَكَوُّنِهِ (قَوْلُهُ فَتُرَدُّ نَفَقَتُهُ جَمِيعُهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِنْفَاقُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ لَا، وَقِيلَ: إنَّهَا لَا تُرَدُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ رَدَّتْهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالثَّانِي رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَالثَّالِثُ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا مِنْ رَجُلٍ يَجِبُ لَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ أَنَّهُ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ، وَهَذَا يُرَجِّحُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ: فَمِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ أَيْ فَتُرَدُّ النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ كِسْوَتُهُ) أَيْ كِسْوَةُ الْحَمْلِ إذَا أَنْفَشَ فَإِنَّهَا تَرُدُّهَا، وَلَوْ لَبِسَتْهَا أَشْهُرًا (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ صَدَّقَهَا

(قَوْلُهُ: لَا الْكِسْوَةُ) أَيْ بِخِلَافِ كِسْوَةٍ كَسَاهَا لَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>