فَلَا تَرُدُّ هِيَ وَلَا وَرَثَتُهَا مِنْهَا شَيْئًا، وَمِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بَعْدَ أَشْهُرٍ فَلَا تَرُدُّهَا، وَمَفْهُومُ أَشْهُرٍ رَدُّهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
(بِخِلَافِ) (مَوْتِ الْوَلَدِ) الْمَحْضُونِ إذَا قَبَضَتْ حَاضِنَتُهُ كِسْوَتَهُ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَمَاتَ (فَيَرْجِعُ) الْأَبُ (بِكِسْوَتِهِ) عَلَيْهَا وَكَذَا مَا بَقِيَ مِنْ نَفَقَتِهِ (وَإِنْ) كَانَتْ (خَلَقَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَاللَّامِ أَيْ بَالِيَةً.
(وَإِنْ) (كَانَتْ) أَيْ الْبَائِنُ الْحَامِلُ (مُرْضِعَةً فَلَهَا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ) أَيْ أُجْرَتُهُ (أَيْضًا) زِيَادَةً عَلَى نَفَقَةِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا إرْضَاعَ عَلَيْهَا فَإِنْ أَرْضَعَتْ فَلَهَا أُجْرَةُ الرَّضَاعِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: سَابِقًا وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ - إذَا كَانَتْ مُرْضِعَةً - نَفَقَةَ الْحَمْلِ وَنَفَقَةَ الرَّضَاعِ مَعَ الْمَسْكَنِ وَالْكِسْوَةِ.
(وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (بِدَعْوَاهَا) الْحَمْلَ (بَلْ بِظُهُورِ الْحَمْلِ وَحَرَكَتِهِ) كَالتَّفْسِيرِ لِظُهُورِ الْحَمْلِ، وَهُوَ يَتَحَرَّكُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (فَتَجِبُ) لَهَا النَّفَقَةُ بِالظُّهُورِ وَالْحَرَكَةِ (مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ فَتُحَاسَبُ بِمَا مَضَى قَبْلَ الظُّهُورِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ آنِفًا، وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَالْكِسْوَةُ فِي أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى وُجُوبِهِ، وَهَذَا بَيَانٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي يُقَرَّرُ لَهَا فِيهِ النَّفَقَةُ وَتَسْتَحِقُّهَا فِيهِ مَعَ بَيَانِ أَنَّهَا تُحَاسَبُ بِمَا مَضَى.
(وَلَا نَفَقَةَ) عَلَى مُلَاعِنٍ (لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ) لِعَدَمِ لُحُوقِهِ وَلَهَا السُّكْنَى؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ (وَ) لِحَمْلِ (أَمَةٍ) عَلَى أَبِيهِ الْمُطَلِّقِ بَلْ هِيَ عَلَى سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مِلْكُهُ، وَالْمِلْكُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَرُدُّهَا إنْ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ أَشْهُرٍ مِنْ قَبْضِهَا.
(قَوْلُهُ: فَلَا تُرَدُّ هِيَ) أَيْ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ، وَقَوْلُهُ: وَلَا وَرَثَتُهَا أَيْ وَلَا يَرُدُّهَا وَرَثَتُهَا إنْ مَاتَتْ هِيَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ فَإِذَا كَسَاهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَلَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ أَشْهُرٍ مِنْ قَبْضِهَا فَلَا تَرُدُّ تِلْكَ الْكِسْوَةَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَإِنَّهَا تَرُدُّهَا
(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ الْأَبُ بِكِسْوَتِهِ عَلَيْهَا) أَيْ فَيَأْخُذُهَا الْأَبُ جَمِيعُهَا وَلَا حَظَّ مِنْهَا لِلْأُمِّ فَلَا تُورَثُ تِلْكَ الْكِسْوَةُ عَنْ الْوَلَدِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ كَعِبَارَاتِ صَاحِبِ الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَالْمُفِيدِ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إنَّمَا دَفَعَهَا لِظَنِّهِ لُزُومَهَا لَهُ، فَإِذَا هِيَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ، وَمَا وَقَعَ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ سَلْمُونٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذَلِكَ تَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِسْوَةِ وَوَرِثَتْ اهـ تَحْرِيفٌ، وَاَلَّذِي فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْ ابْنِ سَلْمُونٍ وَإِنْ رَثَّتْ وَكَذَا هُوَ فِي ابْنِ فَتُّوحٍ وَالْجَزِيرِيِّ وَالْمُفِيدِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ لَا وَرِثَتْ مِنْ الْإِرْثِ وَلِهَذَا قَالَ طفي: إنَّ مَا فِي عج عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ، وَهُوَ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ يَرْجِعُ الْأَبُ بِالْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَلَكَهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا يَوْمًا فَيَوْمًا خَطَأٌ صُرَاحٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ قُلْت مَا ذَكَرَهُ عج عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ مِنْ رُجُوعِهِ فِي الْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْهِبَةِ حَيْثُ قَالَ: مَا كَسَا ابْنَهُ مِنْ ثَوْبٍ فَهُوَ لِلِابْنِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْأَبُ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْإِمْتَاعِ اهـ فَالتَّخْطِئَةُ خَطَأٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفَّقَ بِحَمْلِ مَا لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْكِسْوَةِ الْغَيْرِ الْوَاجِبَةِ، وَمَا قَبْلَهُ عَلَى الْوَاجِبَةِ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا قَبَضَتْ حَاضِنَتُهُ كِسْوَتَهُ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ثُمَّ مَاتَ هَلْ يَأْخُذُهَا الْأَبُ بِتَمَامِهَا أَوْ يَأْخُذُ مِنْهَا مَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ فَقَطْ طَرِيقَتَانِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُمَّةُ الَّتِي قَبَضَتْ كِسْوَتَهُ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً
(قَوْلُهُ: فَلَهَا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ أَيْضًا) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَتَكُونُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ نَقْدًا لَا طَعَامًا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَضُرَّ رَضَاعُهَا بِالْوَلَدِ، وَهِيَ حَامِلٌ، وَإِلَّا كَانَتْ أُجْرَتُهُ لِمَنْ تُرْضِعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْأُمِّ فِي رَضَاعِهِ حِينَئِذٍ
(قَوْلُهُ: بَلْ بِظُهُورِ الْحَمْلِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِوَضْعِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَمْلِ بِتَحَرُّكِهِ أَوْ بِوَضْعِهِ رِوَايَتَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ: كَالتَّفْسِيرِ إلَخْ) أَيْ أَوْ إنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبَيَانِ مَبْدَأِ الْوُجُوبِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمَعْنَى وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَالْكِسْوَةِ إذَا حَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ فِي أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا بَيَانٌ لِلْوَقْتِ إلَخْ) أَيْ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَبْدَأِ الْوُجُوبِ
(قَوْلُهُ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ حَمْلِ مُلَاعَنَةٍ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ لِلتَّعَدِّيَةِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ لِأُمِّ حَمْلِ مُلَاعَنَةٍ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ لُحُوقِهِ بِهِ) أَيْ بِقَطْعِ نَسَبِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ لَا لِرُؤْيَةِ الزِّنَا، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الرَّمْيِ مَا لَمْ تَأْتِ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ عَنْهُ بِلِعَانِ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَبِيهِ الْمُطَلِّقِ) أَيْ الَّذِي طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَمَّا إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَنَفَقَةُ حَمْلِهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى سَيِّدِهَا، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إلَّا الرَّجْعِيَّةَ رَاجِعٌ لِلْفَرْعَيْنِ قَبْلَهُ لَا لِثَانِيهِمَا فَقَطْ، وَلَا لِأَوَّلِهِمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَارِحِنَا حَيْثُ قَالَ: إلَّا الْأَمَةَ الرَّجْعِيَّةَ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْأَمَةِ يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِلْفَرْعِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: إلَّا الزَّوْجَةَ الرَّجْعِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا أَمَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَوْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الثَّانِي كَانَ أَوْلَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ مُقَدَّمٌ) أَيْ فَالْمَالِكُ لِلْوَلَدِ مُقَدَّمٌ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ بِالتَّزْوِيجِ وَانْتِزَاعِ الْمَالِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ وَعَلَيْهِ حَوْزُ الْمِيرَاثِ دُونَ الْأَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ