للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا) نَفَقَةَ (عَلَى عَبْدٍ) لِحَمْلِ مُطَلَّقَتِهِ وَالْبَائِنِ فَإِنْ عَتَقَ الزَّوْجُ وَهِيَ حَامِلٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ عِتْقِهِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ إلَخْ إلَى شُرُوطِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَمْلِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ كَوْنُهُ لَاحِقًا بِهِ وَحُرًّا، وَأَبُوهُ حُرٌّ بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا كَمَا هِيَ عَادَتُهُ (إلَّا) الْأَمَةَ (الرَّجْعِيَّةَ) فَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ حَامِلًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ.

(وَسَقَطَتْ) النَّفَقَةُ عَنْ الزَّوْجِ (بِالْعُسْرِ) وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ بِهَا بَعْدَ يُسْرِهِ وَمَعْنَى سَقَطَتْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِهَا مَا دَامَ مُعْسِرًا.

(لَا إنْ) (حُبِسَتْ) أَيْ سُجِنَتْ فِي دَيْنٍ فَلَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا (أَوْ حُبِسَتْ) هِيَ فِي دَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَالٌ، وَأَخْفَاهُ عَنْهَا فَيَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِأَدَائِهِ لَهَا وَأَحْرَى لَوْ حَبَسَهُ غَيْرُهَا لَمْ تَسْقُطْ (أَوْ حَجَّتْ الْفَرْضَ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَتَطَوُّعٍ بِإِذْنِهِ (وَلَهَا نَفَقَةُ) حَضَرٍ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَنْهَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَاهَا وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً (وَإِنْ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ (رَتْقَاءَ) وَنَحْوَهَا مِنْ كُلِّ ذَاتِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْوَطْءَ إنْ دَخَلَ بِهَا عَالِمًا أَوْ رَضِيَ بِاسْتِمْتَاعِهِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ.

(وَإِنْ) (أَعْسَرَ) الزَّوْجُ فِي زَمَنٍ (بَعْدَ يُسْرٍ) وَلَمْ يُنْفِقْ زَمَنَ الْيُسْرِ (فَالْمَاضِي) زَمَنَ الْيُسْرِ هُوَ الَّذِي (فِي ذِمَّتِهِ) تُطَالِبُهُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ (وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهُ) عَلَيْهِ (حَاكِمٌ) وَلَا يَسْقُطُ الْعُسْرُ إلَّا زَمَنَهُ خَاصَّةً فَلَا يَنْعَطِفُ السُّقُوطُ فِي زَمَنِ الْعُسْرِ عَلَى مَا تَجَمَّدَ فِي زَمَنِ الْيُسْرِ.

(وَرَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ (بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ) حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ سَرَفٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِلَى زَمَنِ الْإِنْفَاقِ إلَّا أَنْ تَقْصِدَ بِهِ الصِّلَةَ فَلَا تَرْجِعُ (وَإِنْ) كَانَ (مُعْسِرًا) حَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ (كَمُنْفِقٍ عَلَى) كَبِيرٍ (أَجْنَبِيٍّ) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ غَيْرَ سَرَفٍ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا (إلَّا لِصِلَةٍ) فَلَا رُجُوعَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الصِّلَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي إنْفَاقِهَا عَلَى زَوْجِهَا الصِّلَةُ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهَا، وَفِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ عَلَى عَبْدٍ لِحَمْلِ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] خَاصٌّ بِالزَّوْجِ الْحُرِّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَوْلَادِهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ بَلْ إنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ حُرَّةً فَنَفَقَتُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَنَفَقَتُهُمْ عَلَى سَيِّدِهَا (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ، وَحِينَئِذٍ فَنَفَقَةُ حَمْلِهَا دَاخِلَةٌ فِي نَفَقَتِهَا، وَنَفَقَتُهَا لَازِمَةٌ لِزَوْجِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَفَقَةَ حَمْلِ الرَّجْعِيَّةِ لَازِمَةٌ لِلْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ انْدِرَاجِهَا فِي نَفَقَةِ أَمَةٍ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلْزَمُهُ بِالْأَصَالَةِ

(قَوْلُهُ:) (وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ) أَيْ بِعُسْرِ الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ بِهَا بَعْدَ يُسْرِهِ) أَيْ لَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ بَعْدَ يُسْرِهِ بِنَفَقَتِهَا زَمَنَ عُسْرِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً بِحُكْمِ حَاكِمٍ مَالِكِيٍّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةٍ بِحُكْمِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِمَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ) أَيْ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ السُّقُوطَ وَأَرَادَ عَدَمَ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِهَا إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا سَقَطَتْ لِلْإِعْسَارِ فَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا شَيْئًا فِي زَمَنِ الْإِعْسَارِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ فِي زَمَنِ إنْفَاقِهَا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ مَا دَامَ مُعْسِرًا) فَإِنْ عَادَ لَهُ الْمَلَاءُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْعُسْرُ سَقَطَتْ وَلَا تَعُودُ

(قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ مُمَاطِلَةً فَإِنَّهَا تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: حُبِسَتْ فِي دَيْنٍ أَيْ بِسَبَبِ دَيْنٍ بِأَنْ حُبِسَتْ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهَا اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَأَحْرَى لَوْ حَبَسَهُ غَيْرُهَا) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: حَبَسَتْهُ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ فِي النَّصِّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَجَّتْ الْفَرْضَ) أَيْ أَصَالَةً وَأَمَّا الْمَنْذُورُ فَكَالتَّطَوُّعِ إنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا، وَإِلَّا سَقَطَتْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ) أَيْ بِأَنْ زَادَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ أَوْ سَاوَتْهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ نَقَصَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَنْ نَفَقَةِ الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَاهَا) أَيْ سِوَى نَفَقَةِ السَّفَرِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً أَيْ وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْحَضَرِ مُقَرَّرَةً (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ بِهَا عَالِمًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِطَاقَةِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ فَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِهَا فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَتْقَاءَ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ

(قَوْلُهُ: غَيْرَ سَرَفٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ سَرَفًا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الْمُعْتَادِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَقْصِدَ بِهِ الصِّلَةَ فَلَا تَرْجِعُ) أَيْ وَعَدَمُ الْقَصْدِ أَصْلًا كَقَصْدِ الرُّجُوعِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا حَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ فِي زَمَنِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مُوسِرًا بَلْ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ الْعُسْرَ لَا يُسْقِطُ عَنْ الزَّوْجِ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ لَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: كَمُنْفِقٍ عَلَى كَبِيرٍ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَإِذَا كَانَ شَخْصَانِ فِي مَحَلٍّ فَأَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِمَا، وَلَمْ يُنْفِقْ الْآخَرُ فَلَهُ مُحَاسَبَتُهُ بِمَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ غَيْرَ سَرَفٍ، وَإِلَّا حَاسَبَ بِقَدْرِ الْمُعْتَادِ فَقَطْ فِي مَحَلِّ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِصِلَةٍ) أَيْ لَا لِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَيَكُونَ فِي الْكَلَامِ احْتِبَاكٌ فَحَذَفَ صِلَةً مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَحَذَفَ غَيْرَ سَرَفٍ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُنْفِقُ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا مَحْمُولٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ عَلَى عَدَمِ الصِّلَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>