(وَ) لَهَا (طَلَبُهُ) أَيْ مُطَالَبَتُهُ (عِنْدَ) قَصْدِ (سَفَرِهِ بِنَفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلِ) إلَى قُدُومِهِ لِيَدْفَعَهَا لَهَا مُعَجَّلَةً (أَوْ يُقِيمَ لَهَا كَفِيلًا) يَدْفَعُهَا لَهَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ الزَّوْجُ يَدْفَعُهَا لَهَا.
(وَفُرِضَ) أَيْ الْإِنْفَاقُ (لَهَا) بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ (فِي) (مَالِ) زَوْجِهَا (الْغَائِبِ وَ) فِي (وَدِيعَتِهِ) الَّتِي أَوْدَعَهَا النَّاسَ (وَ) فِي (دَيْنِهِ) الَّذِي عَلَى النَّاسِ (وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُنْكِرِ) لِلدَّيْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ، وَتَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ (بَعْدَ حَلِفِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَفُرِضَ فِي مَالِ الْغَائِبِ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ يُفْرَضُ لَهَا فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ (بِاسْتِحْقَاقِهَا) أَيْ بِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ النَّفَقَةَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا مَالًا وَلَا أَقَامَ لَهَا وَكِيلًا بِذَلِكَ (وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَةِ (بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ النَّفَقَةِ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْ مَالِ الْغَائِبِ (كَفِيلٌ وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا) (قَدِمَ) مِنْ سَفَرِهِ وَادَّعَى مُسْقِطًا فَإِنْ أَثْبَتَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا.
(وَبِيعَتْ دَارُهُ) فِي نَفَقَتِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا، وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهَا لِسُكْنَاهُ (بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ) لَهَا (وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ) إلَى الْآنَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَطْعِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: وَلَهَا طَلَبُهُ) عَطْفٌ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَهَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: يَدْفَعُهَا لَهَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ الزَّوْجُ يَدْفَعُهَا لَهَا) أَيْ مِنْ يَوْمٍ فَيَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ فَجُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ فَشَهْرٍ أَوْ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ السَّفَرَ الْمُعْتَادَ وَلَمْ يُتَّهَمْ وَأَمَّا إذَا اُتُّهِمَ فِي أَنَّ قَصْدَهُ السَّفَرُ الزَّائِدُ عَلَى الْمُعْتَادِ حَلَفَ وَدَفَعَ لَهَا نَفَقَةَ الْمُعْتَادِ أَوْ يُقِيمُ لَهَا حَمِيلًا بِنَفَقَةِ الزَّائِدِ عَلَى الْمُعْتَادِ بَعْدَ دَفْعِ الْمُعْتَادِ أَوْ إقَامَةِ حَمِيلٍ بِهَا أَيْضًا
(قَوْلُهُ: وَفُرِضَ لَهَا فِي مَالِ زَوْجِهَا إلَخْ) أَيْ إنَّ الزَّوْجَةَ إذَا غَابَ زَوْجُهَا فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا تَطْلُبُ نَفَقَتَهَا فَإِنَّ الْحَاكِمَ أَوْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ يَفْرِضُونَ لَهَا مَا طَلَبَتْ مِنْ النَّفَقَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا عَلَى مَا مَرَّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا لَكِنْ إنَّمَا يُفْرَضُ لَهَا بَعْدَ حَلِفِهَا أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ، وَمِثْلُ الزَّوْجَةِ فِي فَرْضِ نَفَقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ الْمَالُ الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ الْوَدِيعَةُ وَالدَّيْنُ وَالْأَوْلَادُ وَالْأَبَوَانِ فَتُفْرَضُ نَفَقَتُهُمْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إذَا طَلَبُوا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي مَالِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَالْقِرَاضِ مَثَلًا بِأَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ مَثَلًا: فَرَضْتُ لَكِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةَ أَنْصَافٍ مِنْ الْفِضَّةِ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ أَوْ الْمُودَعِ عِنْدَ النَّاسِ أَوْ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي وَدِيعَتِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَفِي دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى النَّاسِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَفَرْضُهَا فِي الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ مِنْ قَرْضٍ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَخَذَ مِنْهُ وَلَا يُبَاعُ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ وَيَكْفِي فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ فِي الدَّيْنِ إقْرَارُ الْمَدِينِ بِهِ بِلَا يَمِينٍ مِنْهَا أَنَّ لِزَوْجِهَا عَلَيْهِ دَيْنًا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنَّهُ تَنَازَعَهُ قَوْلُهُ: وَفُرِضَ، وَقَوْلُهُ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ لِيُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ الْفَرْضَ فِي مَالِ الْغَائِبِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ حَلِفِهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَكَذَا إقَامَتُهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُنْكِرِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ حَلِفِهَا (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهَا) أَيْ فَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا أَخَذَتْهُ وَتَرُدُّ لَهُ الزَّوْجَةُ إنْ تَزَوَّجَتْ، وَأَثْبَتَ أَنَّهُ تَرَكَ لَهَا النَّفَقَةَ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: لَا تُرَدُّ لَهُ بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ وَالْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلُ، وَالْمُوَافِقُ لِفَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: فِي نَفَقَتِهَا) أَيْ وَكَذَا فِي نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ لُبَابَةَ بَعْدَ حَلِفِهِمْ أَنَّهُ عَدِيمٌ، وَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ: إنَّهُ لَا يُبَاعُ لِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ عَقَارُ الْغَائِبِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَيْعُ جَمِيعِ مَالِ الْغَائِبِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِفَتْوَى ابْنِ لُبَابَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَفَقَةَ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ جِهَةِ فَرْضِهَا فِي مَالِ الْغَائِبِ وَوَدِيعَتِهِ وَدَيْنِهِ بِاتِّفَاقٍ، وَهَلْ هِيَ مِثْلُهَا مِنْ جِهَةِ بَيْعِ عَقَارِ الْغَائِبِ لَهَا أَوْ لَا قَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا) أَيْ وَشَهَادَتُهُمْ أَنَّهَا فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ مُغَايِرٌ لِلشَّهَادَةِ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَقُولُ: نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ، وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ وَالشَّهَادَةُ بِالْأَوَّلِ عَلَى الْقَطْعِ دُونَ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إلَّا إذَا قَالَ الشُّهُودُ ذَلِكَ وَقَدْ حَكَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ خِلَافًا فِي وُجُوبِهِ وَفِي كَوْنِهِ شَرْطَ كَمَالٍ (قَوْلُهُ: فِي عِلْمِهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَخْرُجُ فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْخُرُوجِ الْمَنْفِيِّ، وَعَلَيْهِ فَيَتَسَلَّطُ النَّفْيُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى قَيْدٍ زَائِدٍ فَالْقَيْدُ هُوَ الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْكَلَامِ وَعَلَيْهِ يَنْصَبُّ الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ غَالِبًا فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِهِمْ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِتَكُونَ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَوْ جَعَلْنَا الْعِلْمَ ظَرْفًا لِنَفْيِ الْخُرُوجِ لَكَانَتْ عَلَى الْقَطْعِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بَاعَهَا فِي غَيْبَتِهِ أَوْ بَاعَهَا سِرًّا قَبْلَ الْغَيْبَةِ هَذَا وَإِذَا بِيعَ عَقَارُ الْغَائِبِ لِلنَّفَقَةِ أَوْ فِي دَيْنٍ ثُمَّ قَدِمَ وَأَثْبَتَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا بِيعَ فِيهِ عَقَارُهُ فَذَكَرَ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ بِحَالٍ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بِمَا قَبَضَ وَقِيلَ: إنَّهُ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي وَقِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute