ثُمَّ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لَهَا تَشْهَدُ (بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ) تَطُوفُ بِالدَّارِ دَاخِلًا وَخَارِجًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ الَّتِي شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ أَوْ غَيْرُهَا (قَائِلَةً) لِمَنْ يُوَجِّهُهُ الْقَاضِي مَعَهَا مِمَّنْ يَعْرِفُ الْعَقَارَ وَيُحَدِّدَهُ بِحُدُودِهِ وَالْوَاحِدُ كَافٍ وَالِاثْنَانُ أَوْلَى (هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ هِيَ) الدَّارُ (الَّتِي شُهِدَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (بِمِلْكِهَا لِلْغَائِبِ) لِيَشْمَلَ صُورَتَيْنِ شَهَادَتَهُمْ بِمِلْكِهَا وَشَهَادَةَ غَيْرِهِمْ بِهِ.
(وَإِنْ) (تَنَازَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ (فِي عُسْرِهِ) وَيُسْرِهِ (فِي) حَالَ (غَيْبَتِهِ) فَقَالَ لَهَا: كُنْت حَالَ غَيْبَتِي مُعْسِرًا فَلَا نَفَقَةَ عَلَيَّ، وَقَالَتْ لَهُ: بَلْ كُنْت مُوسِرًا (اُعْتُبِرَ حَالُ قُدُومِهِ) فَيُعْمَلُ عَلَيْهِ إنْ جُهِلَ حَالُ خُرُوجِهِ فَإِنْ قَدِمَ مُعْسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَقَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فَإِنْ عُلِمَ حَالُ خُرُوجِهِ عُمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَنَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فِي هَذَا كَالزَّوْجَةِ.
(وَ) إنْ تَنَازَعَا بَعْدَ قُدُومِهِ (فِي إرْسَالِهَا لَهَا) وَفِي تَرْكِهَا عِنْدَ السَّفَرِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينٍ (إنْ رَفَعَتْ) أَمْرَهَا فِي غَيْبَتِهِ (مِنْ يَوْمِئِذٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهَا لَا بِرَفَعَتْ أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ (لِحَاكِمٍ) لَا مِنْ يَوْمِ سَفَرِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ السَّفَرِ قَبْلَ الرَّفْعِ (لَا) إنْ رَفَعَتْ (لِعُدُولٍ وَجِيرَانٍ) مَعَ تَيَسُّرِ الْحَاكِمِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَرْفَعْ أَصْلًا أَوْ رَفَعَتْ لَا لِحَاكِمٍ مَعَ تَيَسُّرِ الرَّفْعِ لَهُ (فَقَوْلُهُ:) فِي الْإِرْسَالِ بِيَمِينِهِ وَهَذَا فِيمَنْ فِي الْعِصْمَةِ، وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ، وَلَوْ رَجْعِيًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مُطْلَقًا (كَالْحَاضِرِ) يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ أَوْ يَدْفَعُ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ اتِّفَاقًا، وَالْكِسْوَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالنَّفَقَةِ (وَ) حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا (حَلَفَ لَقَدْ قَبَضَتْهَا) مِنْهُ فِي الْحَاضِرِ أَوْ مِنْ رَسُولِهِ فِي الْغَائِبِ وَيَعْتَمِدُ فِي حَلِفِهِ عَلَى كِتَابِهَا وَنَحْوِهِ (لَا) يَحْلِفُ لَقَدْ (بَعَثْتُهَا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْعَقَارُ خُيِّرَ ذَلِكَ الْغَائِبُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِهِ لِلْعَقَارِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي أَيْ يَرُدُّهُ لَهُ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كَمَا تَجْرِي فِي بَيْعِ الْعَقَارِ لِلدَّيْنِ تَجْرِي فِي بَيْعِهِ لِلنَّفَقَةِ إذَا قَدِمَ وَأَثْبَتَ الْبَرَاءَةَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِلْكُ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يُوَجِّهَ مِنْ عِنْدِهِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ لِأَجْلِ حِيَازَتِهِ بِأَنْ يَطُوفَا بِهِ دَاخِلًا وَخَارِجًا، وَيُحِدَّانِهِ بِحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ يَقُولَانِ لِمَنْ يُوَجِّهُهُ الْقَاضِي مَعَهُمَا: هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي شُهِدَ بِمِلْكِهِ لِلْغَائِبِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُبَاعُ ذَلِكَ الْعَقَارُ، وَمَحَلُّ الِاحْتِيَاجِ لِبَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ إذَا كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ شَهِدَتْ بِأَنَّ لَهُ دَارًا بِمَحَلِّ كَذَا، وَلَمْ تَذْكُرْ حُدُودَهَا وَلَا جِيرَانَهَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْتَاجُ لِبَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ صُورَتَيْنِ شَهَادَتَهُمْ بِمِلْكِهَا إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ شَاهِدَا الْحِيَازَةِ هُمَا اللَّذَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِ اُحْتِيجَ لِأَرْبَعَةٍ فَقَطْ اثْنَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِ وَبِالْحِيَازَةِ وَاثْنَانِ مُوَجَّهَانِ مَعَهُمَا لِلْحِيَازَةِ وَإِنْ شَهِدَ بِالْحِيَازَةِ غَيْرُ شَاهِدَيْ الْمِلْكِ اُحْتِيجَ لِسِتَّةٍ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ قَدِمَ مُوسِرًا
(قَوْلُهُ: وَفِي إرْسَالِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَطَالَبَتْهُ الزَّوْجَةُ بِنَفَقَتِهَا مُدَّةَ غَيْبَتِهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتُهَا لَك أَوْ قَالَ: تَرَكْتهَا لَكِ عِنْدَ سَفَرِي، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ زَوْجَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إنْ كَانَتْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِحَاكِمٍ فِي شَأْنِ ذَلِكَ وَأَذِنَ لَهَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهَا وَالرُّجُوعِ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا لَكِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لَا مِنْ يَوْمِ السَّفَرِ فَإِذَا سَافَرَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، وَحَصَلَ الرَّفْعُ فِي نِصْفِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، وَأَمَّا نِصْفُ السَّنَةِ الْأَوَّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ رَفَعَتْ لِعُدُولٍ وَجِيرَانٍ مَعَ تَيَسُّرِ الْحَاكِمِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْفُتْيَا كَمَا فِي عبق نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ رَفْعَهَا إلَيْهِمْ كَرَفْعِهَا لِلْحَاكِمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْوَتِدُ وَصَوَّبَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَذَلِكَ لِثِقَلِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ عَلَى كَثِيرٍ وَحِقْدِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ إذَا قَدِمَ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ عَمَلَ قُضَاةِ بَلَدِهِ تُونُسَ عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ لِلْعُدُولِ بِمَنْزِلَةِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ، وَأَنَّ الرَّفْعَ لِلْجِيرَانِ لَغْوٌ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ نَفَقَةِ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ حُكْمُ نَفَقَتِهَا فَإِذَا نَازَعَتْهُ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ فِي نَفَقَةِ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ فَقَالَ: أَرْسَلْتهَا لَك أَوْ تَرَكْتهَا عِنْدَك قَبْلَ سَفَرِي فَإِنْ كَانَتْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا فِي ذَلِكَ لِحَاكِمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَنَى بِهِمْ عَلَى الظَّاهِرِ، وَقَوْلُهُ: لَا إنْ رَفَعَتْ لِعُدُولٍ أَيْ لَا إنْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا بِسَبَبِ نَفَقَتِهَا فِي حَالِ غِيَابِ زَوْجِهَا لِعُدُولٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا) أَيْ فِي عَدَمِ إرْسَالِ الزَّوْجِ النَّفَقَةَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ: إنَّهُ أَرْسَلَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَجْعِيًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ بَائِنًا حَامِلًا بَلْ وَلَوْ رَجْعِيَّةً (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) أَيْ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهَا لَهَا وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِحَاكِمٍ أَمْ لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا يُعْتَنَى بِأَمْرِهَا بِخِلَافِ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ) أَمَّا لَوْ تَجَمَّدَتْ عَلَيْهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ تِلْكَ الْمُتَجَمِّدَةَ لِمَا مَضَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُ فِي حَلِفِهِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: كَيْفَ يَصِحُّ حَلِفُهُ لَقَدْ قَبَضَتْهَا إذَا كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ أَرْسَلَهَا لَهَا، وَهُوَ غَائِبٌ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُوصِلْهَا لَهَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي يَمِينِهِ لَقَدْ قَبَضَتْهَا عَلَى إخْبَارِ الرَّسُولِ الَّذِي أَرْسَلَ مَعَهُ الدَّرَاهِمَ لِمَا يَعْرِفُ مِنْ أَمَانَتِهِ وَصِدْقِ مَقَالَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ اتِّفَاقًا) مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّفَقَةُ مُقَرَّرَةً وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute