للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ جَرْيِ الْعَادَةِ (وَرُشْدٌ) الْمُرَادُ بِهِ صَوْنُ الْمَالِ فَلَا حَضَانَةَ لِسَفِيهٍ مُبَذِّرٍ لِئَلَّا يُتْلِفَ مَالَ الْمَحْضُونِ.

(لَا إسْلَامٌ) فَلَيْسَ شَرْطًا فِي الْحَاضِنِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (وَضُمَّتْ) الذَّاتُ الْحَاضِنَةُ (إنْ خِيفَ) عَلَى الْمَحْضُونِ مِنْهَا فَسَادٌ كَأَنْ تُغَذِّيَهُ بِلَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ خَمْرٍ (لِمُسْلِمِينَ) لِيَكُونُوا رُقَبَاءَ عَلَيْهَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَمْعُ بَلْ الْمُسْلِمُ الْوَاحِدُ كَافٍ فِي ذَلِكَ.

(وَإِنْ) كَانَتْ (مَجُوسِيَّةً أَسْلَمَ زَوْجُهَا) وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى الْكُفْرِ فَتَثْبُتُ لَهَا الْحَضَانَةُ وَتُضَمُّ إنْ خِيفَ لِمُسْلِمِينَ، وَلَا تَنْتَقِلُ لِلْأَبِ، وَمِثْلُ الْأُمِّ الْجَدَّةُ وَالْخَالَةُ وَالْأُخْتُ الْمَجُوسِيَّاتُ إذَا أَسْلَمَ الْأَبُ.

(وَ) شَرْطُ الْحَضَانَةِ (لِلذَّكَرِ) مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ (مَنْ يَحْضُنُ) مِنْ الْإِنَاثِ أَيْ مَنْ يَصْلُحُ لَهَا مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لِذَلِكَ أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى أَحْوَالِ الْأَطْفَالِ كَالنِّسَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ الذَّكَرِ لِمُطِيقَةٍ أَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا لَهَا، وَلَوْ فِي زَمَنِ الْحَضَانَةِ، كَأَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا، وَإِلَّا فَلَا حَضَانَةَ لَهُ، وَلَوْ مَأْمُونًا ذَا أَهْلٍ عِنْدَ مَالِكٍ.

(وَ) شَرْطُهَا (لِلْأُنْثَى) الْحَاضِنَةِ وَلَوْ أُمًّا (الْخُلُوُّ عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ) بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا سَقَطَتْ لِاشْتِغَالِهَا بِأَمْرِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ الدُّعَاءُ لِلدُّخُولِ كَالدُّخُولِ وَوَطْءُ السَّيِّدِ لِلْأَمَةِ الْحَاضِنَةِ كَدُخُولِ الزَّوْجَةِ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَهَا بِتَزَوُّجِهَا وَدُخُولِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُسْقِطٌ (وَيَسْكُتَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ وَقَوْلُهُ: ضِدُّهَا أَيْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمَانَةِ وَغَيْرِهَا فَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ أَنَّ مَنْ نَفَى شَرْطًا مِنْ الشُّرُوطِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ دَعْوَاهُ، وَالْحَاضِنُ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا حَتَّى يُثْبِتَ عَدَمَهَا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ جَرْيِ الْعَادَةِ) أَيْ وَلَيْسَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بِطَبِيعَةِ الْمَرَضِ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ الْمُعَارَضَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَ حَدِيثِ «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ» وَحَدِيثِ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ» وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحِ وَحَاصِلُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَمْرَاضَ لَا تُعْدِي بِطَبْعِهَا لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مُخَالَطَةَ الْمَرِيضِ لِلصَّحِيحِ سَبَبًا لِإِعْدَاءِ مَرَضِهِ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ ذَلِكَ عَنْ سَبَبِهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ فَقَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ «لَا عَدْوَى» مَعْنَاهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ يُعْدِي بِطَبْعِهِ وَالْأَمْرُ فِي حَدِيثِ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ» إلَخْ نَظَرًا لِكَوْنِ مُخَالَطَةِ الْمَرِيضِ سَبَبًا عَادِيًا فِي الْعَدْوَى فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَرُشْدٌ) اعْلَمْ أَنَّ الرُّشْدَ يُطْلَقُ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ الْمُصَاحِبِ لِلْبُلُوغِ وَيُطْلَقُ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُصَاحِبُهُ بُلُوغٌ فَالرُّشْدُ أَمْرٌ كُلِّيٌّ تَحْتَهُ فَرْدَانِ فَرْدٌ صَاحَبَهُ بُلُوغٌ وَفَرْدٌ لَمْ يُصَاحِبْهُ بُلُوغٌ فَنَكَّرَ الْمُصَنِّفُ رُشْدًا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَوْعٌ مِنْهُ، وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ مُجَرَّدًا عَنْ الْبُلُوغِ وَلَوْ عَرَّفَ الرُّشْدَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَامِلُ وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ الْمُصَاحِبِ لِلْبُلُوغِ فَإِذَا ثَبَتَ لِلصَّبِيِّ حِفْظُ الْمَالِ ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ فِي حَضَانَةِ غَيْرِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّغِيرُ مَعَ حَاضِنِهِ حَاضِنَيْنِ لِذَلِكَ الْمَحْضُونِ فَالصَّبِيُّ الْأَوَّلُ مَعَ حَاضِنِهِ يَشْتَرِكَانِ فِي حَضَانَةِ الصَّبِيِّ الثَّانِي فَحَضَانَةُ الْكَبِيرِ مِنْ حَيْثُ الْحِفْظُ لِلذَّاتِ، وَحَضَانَةُ الصَّغِيرِ مِنْ حَيْثُ الْحِفْظُ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ: وَصَوْنُ الْمَالِ) أَيْ لِحُسْنِ تُصَرِّفْهُ فِيهِ

(قَوْلُهُ وَضُمَّتْ الذَّاتُ الْحَاضِنَةُ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُسْلِمَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَجُوسِيَّةً) مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهَا لِلْحَضَانَةِ وَضَمِّهَا لِمُسْلِمِينَ إنْ خِيفَ عَلَى الْمَحْضُونِ مِنْهَا، وَقَالَ طفي: إنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهَا لِلْحَضَانَةِ لَا فِي الضَّمِّ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْأُمِّ) أَيْ الْمَجُوسِيَّةِ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لَهَا وَضَمِّهَا لِلْمُسْلِمِينَ إنْ خِيفَ الْجَدَّةُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْحَضَانَةِ) أَيْ وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ وَقَوْلُهُ لِلذَّكَرِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاضِنَ إذَا كَانَ ذَكَرًا فَيُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لَهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ الْإِنَاثِ مَنْ يَصْلُحُ لِتَوْلِيَةِ أَمْرِ الْمَحْضُونِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ) بَيَانٌ لِلذَّكَرِ أَيْ الَّذِي هُوَ أَبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ سُرِّيَّةٍ) هِيَ الْأَمَةُ الْمُتَّخَذَةُ لِلْفِرَاشِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ) أَيْ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ مُتَبَرِّعَةٍ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَوْ فِي زَمَنِ الْحَضَانَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ صَيْرُورَتُهُ مَحْرَمًا زَمَنَ الْحَضَانَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ قَبْلَهَا غَيْرَ مَحْرَمٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا) أَيْ بِأُمِّ الْمَحْضُونَةِ فِي زَمَنِ إطَاقَتِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا حَضَانَةَ لَهُ) أَيْ فِي زَمَنِ إطَاقَتِهَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) أَيْ خِلَافًا لِأَصْبَغَ

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا) أَيْ شَرْطُ ثُبُوتِهَا، وَقَوْلُهُ: لِلْأُنْثَى أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْحَاضِنُ أُنْثَى خُلُوُّهَا عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا، وَهَذَا صَادِقٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ أَصْلًا، أَوْ لَهَا زَوْجٌ وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا نَزَعَ الْوَلَدَ مِنْهَا مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى الْوَلَدِ بِنَزْعِهِ مِنْهَا الضَّرَرَ، وَإِلَّا بَقِيَ عِنْدَهَا، وَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا أَوْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ لَهُ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهُ إنْ كَانَ رَضِيعًا، وَإِلَّا سَقَطَتْ وَارْتَضَاهُ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ بِهَا سَقَطَتْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزَّوْجُ غَيْرَ بَالِغٍ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الدُّعَاءُ لِلدُّخُولِ كَالدُّخُولِ) أَيْ فِي إسْقَاطِ الْحَضَانَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الِاشْتِغَالُ عَنْ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ إلَّا إذَا دَخَلَ بِالْفِعْلِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَخْلُ عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا وَانْتَقَلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>