فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسَةً مِنْ كُلِّ دِينَارٍ (و) الْحُكْمُ (فِي) فَضْلِ (أَكْثَرَ) مِنْ دِرْهَمَيْنِ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَيْ دِرْهَمٍ فَمَجْمُوعُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ حِينَئِذٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا عِشْرُونَ مِنْهَا فِي نَظِيرِ دِينَارٍ يَفْضُلُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ (كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) أَيْ كَاجْتِمَاعِهِمَا فِي دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الدِّينَارِ التَّاسِعِ فِي الْمِثَالِ فَيَجُوزُ إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ
(و) حَرُمَ اتِّفَاقًا (صَائِغٌ) أَيْ مُعَاقَدَتُهُ وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (يُعْطَى الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ) أَيْ حَرُمَ إعْطَاءُ صَائِغٍ الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَائِغٍ سَبِيكَةَ فِضَّةٍ بِوَزْنِهَا دَرَاهِمَ أَوْ أَنْصَافَ فِضَّةٍ مَسْكُوكَةٍ وَيَدْفَعُ لَهُ السَّبِيكَةَ لِيَصُوغَهَا لَهُ وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يُرَاطِلَهُ الشَّيْءَ الْمَصُوغَ عِنْدَهُ بِجِنْسِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةُ وَالْأُولَى تُمْنَعُ وَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ أُجْرَةً، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَحَلُّ الْمَنْعِ إنْ زَادَهُ وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِنَقْدٍ مُخَالِفٍ لِنَقْدِ الصَّائِغِ جِنْسًا كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ امْتَنَعَتْ الْأُولَى لِلتَّأْخِيرِ وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ يَدًا بِيَدٍ (كَزَيْتُونٍ) أَيْ كَمَنْعِ دَفْعِ زَيْتُونٍ مَثَلًا (وَأُجْرَتِهِ) أَيْ أُجْرَةِ عَصْرِهِ (لِمُعْصِرِهِ) وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْآنَ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالتَّحَرِّي لِلشَّكِّ فِي الْمُمَاثَلَةِ أَوْ يَخْلِطُهُ عَلَى زَيْتُونٍ عِنْدَهُ ثُمَّ يَقْسِمُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ عَلَى حَسَبِ كُلٍّ، وَأَمَّا عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ لَهُ بِعَيْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ وَالْمَنْعُ فِي الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أُجْرَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِخِلَافِ نِصْفِ تِبْرٍ) وَمَسْكُوكٍ بِسِكَّةٍ لَا تَرُوجُ بِمَحَلِّ الْحَاجَةِ لِلشِّرَاءِ بِهَا كَسِكَّةٍ مَغْرِبِيَّةٍ بِمِصْرَ (يُعْطِيهِ الْمُسَافِرُ) الْمُحْتَاجَ (و) يُعْطِي (أُجْرَتَهُ دَارَ الضَّرْبِ) أَيْ أَهْلَهُ (لِيَأْخُذَ) عَاجِلًا (زِنَتَهُ) فَيَجُوزُ لِحَاجَتِهِ إلَى الرَّحِيلِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَشْتَدَّ (وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) ، وَلَوْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَإِلَّا جَازَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.
(وَبِخِلَافِ) إعْطَاءِ (دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ) أَيْ فِيمَا يَرُوجُ رَوَاجَ النِّصْفِ، وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ أَوْ نَقَصَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ وَدَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعْطِيهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ عَنْهُ الْعَاشِرَ لِلْمُقَاصَّةِ وَيَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَثْوَابَ الْعَشَرَةَ وَدِرْهَمًا (قَوْلُهُ: دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ وَالْحُكْمُ فِي فَضْلِ الدِّرْهَمِ وَقَوْلُهُ: أَوْ خُمُسُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ خُمُسُهُ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسُ دِرْهَمٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَدَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ لِلْبَائِعِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ عَنْهُ دِينَارًا لِلْمُقَاصَّةِ وَيَدْفَعُ الْبَائِعُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَدِرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: عِشْرُونَ مِنْهَا فِي نَظِيرِ دِينَارٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ لِلْمُقَاصَّةِ وَيَدْفَعُ الْبَائِعُ لَهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) أَيْ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا بَيْعٌ وَصَرْفٌ حَقِيقَةً فَكَيْفَ يُشَبِّهُ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ لَيْسَتْ نَفْسَ الْإِعْطَاءِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَدْفَعُ لَهُ السَّبِيكَةَ إلَخْ) أَيْ فَآلَ الْأَمْرُ لِلْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى تُمْنَعُ) أَيْ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ فِي بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَتْ الْأُولَى) أَيْ سَوَاءٌ دَفَعَ لَهُ أُجْرَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ سَوَاءٌ دَفَعَ لَهُ أُجْرَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَزَيْتُونٍ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ الْجُلْجُلَانَ وَبِزْرَ الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ وَالْقَمْحَ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَطْحَنُهُ وَيَأْخُذُ الْآنَ مِنْهُ دَقِيقًا قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالتَّحَرِّي (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أُجْرَةً) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُجْرَتُهُ لِمُعْصِرِهِ إذْ الْمَنْعُ حَاصِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ أُجْرَةً لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً وَلِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: وَمَسْكُوكٌ بِسِكَّةٍ لَا تَرُوجُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلتِّبْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ عَبَّرَ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْمَالِ وَعَبَّرَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عبق وَانْظُرْ لَوْ كَانَ مَعَ الْمُسَافِرِ مَصُوغٌ إلَى قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ غَيْرُ صَوَابٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: يُعْطِيهِ الْمُسَافِرَ الْمُحْتَاجَ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّ غَيْرَ الْمُسَافِرِ يُمْنَعُ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا دَارُ الضَّرْبِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِمْ فَلَوْ أَعْطَاهُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ دَارِ الضَّرْبِ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِدَارِ الضَّرْبِ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ بِمَا هُوَ الشَّأْنُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ الْجَوَازِ وَهُوَ الْمَنْعُ
(قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مِمَّا أُجِيزَ لِضَرُورَةٍ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الشَّخْصُ دِرْهَمًا لِآخَرَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِنِصْفِهِ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا أَوْ فُلُوسًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِضَّةٌ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِهِ شُرُوطًا تَبَعًا لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنِ لُبٍّ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الْجَوَازُ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ بِسَبَبِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مَثَلًا بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَهُ سِلْعَةٌ وَالسِّلْعَةُ تُجْعَلُ مِنْ جِنْسِ مَا انْضَمَّتْ إلَيْهِ فَيَكُونُ هُنَاكَ تَفَاضُلٌ مَشْكُوكٌ (قَوْلُهُ: بِنِصْفٍ) أَيْ فِي نِصْفِ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا يَرُوجَ رَوَاجَ النِّصْفِ) أَيْ مِثْلَ الْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ والزلاطة الخمساوية وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يَرُوجُ رَوَاجُهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي النَّفَاقِ بِفَتْحِ النُّونِ بِأَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ الَّتِي تُشْتَرَى بِهَذَا تُشْتَرَى بِالْآخِرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ) أَيْ وَزْنُ ذَلِكَ الرَّائِجِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute