عَنْ النِّصْفِ (وَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْفُلُوسِ كَطَعَامٍ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ: أَوَّلُهَا كَوْنُ الْمَبِيعِ دِرْهَمًا لَا أَكْثَرَ، ثَانِيهَا كَوْنُ الْمَرْدُودِ نِصْفَهُ فَأَقَلَّ لِيَعْلَمَ أَنَّ الشِّرَاءَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: دِرْهَمٌ بِنِصْفِ، ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ (فِي بَيْعٍ) لِذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ إنْ دَفَعَ الدِّرْهَمَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الصَّانِعِ أُجْرَةً لَهُ وَعَجَّلَ الصَّانِعُ نِصْفَهُ، وَأَشَارَ لِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَسَكًّا) أَيْ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ فَلَوْ كَانَ قِطْعَتَيْ فِضَّةٍ لَا سِكَّةَ فِيهِمَا لَمْ يَجُزْ، وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَاتَّحَدَتْ) سِكَّتِهِمَا أَيْ تُعُومِلَ بِهِمَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَتَعَامَلُ بِهِ فَلَوْ قَالَ وَتُعُومِلَ بِهِمَا كَانَ أَوْضَحَ، وَلِسَادِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَعُرِفَ الْوَزْنُ) أَيْ عُرِفَ أَنَّ هَذَا يَرُوجُ بِدِرْهَمٍ وَهَذَا بِنِصْفٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا وَزْنًا، وَلِسَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَانْتَقَدَ الْجَمِيعُ) أَيْ الدِّرْهَمُ وَمُقَابِلُهُ مِنْ النِّصْفِ مَعَ السِّلْعَةِ (كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَإِلَّا فَلَا) صَوَابُهُ تَقْدِيمٌ وَإِلَّا فَلَا عَلَى كَدِينَارٍ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ شَرْطٌ فَلَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ مِثَالٌ لِمَا انْخَرَمَ فِيهِ بَعْضُ الشُّرُوطِ وَالْأَحْسَنُ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَيْ كَالرَّدِّ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ كَأَنْ يَدْفَعَ دِينَارًا وَيَأْخُذَ بِنِصْفِهِ ذَهَبًا وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ سِلْعَةً أَوْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ لِيَأْخُذَ دِرْهَمًا وَبِالثَّانِي سِلْعَةً فَتَأَمَّلْ
(وَرُدَّتْ زِيَادَةٌ) زَادَهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَصْلِ حَيْثُ وَقَعَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الصَّرْفِ بِأَنْ لَقِيَ صَاحِبَهُ فَقَالَ لَهُ اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ فَزِدْنِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
نِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ فَالْأَوَّلُ كَتِسْعَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ وَالثَّانِي كَالزَّلَاطَةِ الْخَمْسَاوِيَّةِ أَوْ خَمْسَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ عَدَدِيَّةٍ.
(قَوْلُهُ: كَوْنُ الْمَبِيعِ دِرْهَمًا) أَيْ شَرْعِيًّا أَوْ مَا يَرُوجُ رَوَاجُهُ زَادَ وَزْنُهُ عَنْهُ كَثَمَنِ رِيَالٍ أَوْ نَقَصَ كَزَلَاطَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَدَمُ الْجَوَازِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ رِيَالًا أَوْ نِصْفَ رِيَالٍ أَوْ رُبْعَ رِيَالٍ وَلَكِنْ قَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فِي الرِّيَالِ الْوَاحِدِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ رُبْعِهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أُجِيزَ صَرْفُ الرِّيَالِ الْوَاحِدِ بِالْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ، وَكَذَا نِصْفُهُ وَرُبْعُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فَلَا يَجُوزُ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ) أَيْ فَلَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ وَيَأْخُذَ نِصْفًا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَدْفَعُ ثَلَاثَةً وَيَأْخُذُ نِصْفًا (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَقْصُودُ) أَيْ بِالذَّاتِ، وَأَمَّا الصَّرْفُ وَالْمُبَادَلَةُ فَغَيْرُ مَقْصُودَةٍ (قَوْلُهُ: فِي بَيْعٍ لِذَاتٍ) أَيْ كَأَنْ تَشْتَرِي سِلْعَةً بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَتَدْفَعُ لِلْبَائِعِ دِرْهَمًا لِيَرُدَّ لَكَ نِصْفَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةٍ) أَيْ كَإِجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ كَدَفْعِك لِلصَّانِعِ نَعْلًا أَوْ دَلْوًا يُصَلِّحُهُ فَبَعْدَ إصْلَاحِهِ دَفَعْت لَهُ دِرْهَمًا كَبِيرًا نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ أُجْرَتِهِ وَرَدَّ عَلَيْك الصَّانِعُ نِصْفَ دِرْهَمٍ حَالًّا فَلَوْ دَفَعْت لَهُ الدِّرْهَمَ وَأَخَذْت مِنْهُ نِصْفَهُ وَتَرَكْت شَيْئَكَ عِنْدَهُ لِيُصَلِّحَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْجَوَازِ انْتِقَادَ الْجَمِيعِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَاحْتَرَزَ بِالْبَيْعِ مِنْ الْقَرْضِ وَالصَّدَقَةِ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فُلُوسٌ مَثَلًا أَوْ عَرَضٌ مِنْ قَرْضٍ فَيَدْفَعُ دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَكَأَنْ يَدْفَعَ لِآخَرَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ صَدَقَةً وَيَرُدُّ لَهُ نِصْفَهُ فِضَّةً.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ أَوْضَحَ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرْطَ التَّعَامُلُ بِهِمَا لَا كَوْنُهُمَا سِكَّةَ سُلْطَانٍ وَاحِدٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَرَفَ إلَخْ) أَيْ إنْ عَرَفَ أَنَّ هَذَا يَشْتَرِي بِهِ قَدْرَ مَا يَشْتَرِي بِالْآخَرِ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا وَزْنًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ النِّصْفُ الْمَرْدُودُ أَكْثَرَ فِي الْوَزْنِ مِنْ الدِّرْهَمِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالنِّفَاقِ وَالرَّوَاجِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى جَرَى الْعُرْفُ أَنَّ هَذَا نِصْفُ هَذَا فَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ وَزْنِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ لِلرَّدِّ وَبَعْضُهُمْ مَنَعَ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالْوَزْنِ، قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ الْوَزْنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ جُزَافًا وَلَا خَفَاءَ فِي مَنْعِهِ (قَوْلُهُ: صَوَابُهُ تَقْدِيمُ إلَخْ) إنَّمَا صَوَّبَهُ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الِانْتِقَادِ وَأَنَّ الْمَعْنَى يَشْتَرِطُ فِي الْجَوَازِ هُنَا انْتِقَادَ الْجَمِيعِ كَمَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَسْأَلَةَ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا انْتَقَدَ الْجَمِيعُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَا يَتَوَقَّفُ الْجَوَازُ عَلَى انْتِقَادِ الْجَمِيعِ بَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ أَيْضًا إذَا عُجِّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلَا تَجُوزُ وَصَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ لِلْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ دِرْهَمًا وَبِالثَّانِي سِلْعَةً) الْأَوْلَى لِيَأْخُذَ بِنِصْفِهِمَا فِضَّةً وَبِنِصْفِهِمَا الثَّانِي سِلْعَةً تَأَمَّلْ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَهِيَ صُورَةُ الدِّينَارِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ سَابِقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ بَيْعٌ وَصَرْفٌ فِي دِينَارٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ بَيْعُ نِصْفِ الدِّينَارِ بِالسِّلْعَةِ وَأَخَذَ نِصْفَهُ الثَّانِيَ ذَهَبًا وَالصَّرْفُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، وَأَمَّا الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ فَهُوَ لَيْسَ بِصَرْفٍ حَتَّى يُقَالَ: يَجْتَمِعَانِ فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَرُدَّتْ إلَخْ) صُورَتُهَا رَجُلٌ صَرَفَ مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ لَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ: قَدْ اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ فَنَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ فَزِدْنِي فَزَادَهُ دَرَاهِمَ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَا يَنْقُضُ الصَّرْفَ فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الدَّرَاهِمِ الْأَصْلِيَّةِ فَرَدَّهَا فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تُرَدُّ مَعَ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ) أَيْ وَنَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: فَزِدْنِي) أَيْ فَزَادَهُ دَرَاهِمَ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute