يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ (نُقِضَ) الصَّرْفُ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ عَيْنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهَا وَيُتَمَّمُ الصَّرْفُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ بِالْحَضْرَةِ (صَحَّ وَهَلْ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ (إنْ تَرَاضَيَا) بِالْبَدَلِ وَمَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ أَوْ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمِنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا جُبِرَ عَلَيْهِ (تَرَدُّدٌ) فِي الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي لِقَوْلِهِ فِي الْمَعِيبِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ وَقِيلَ بَلْ التَّرَدُّدُ جَارٍ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٌ
(وَلِلْمُسْتَحِقِّ) لِلْمَصُوغِ أَوْ الْمَسْكُوكِ الْمَصْرُوفِ (إجَازَتُهُ) أَيْ الصَّرْفُ وَإِلْزَامُهُ لِلْمُصْطَرِفِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَنْقُضُ فِيهَا وَذَلِكَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ فِي غَيْرِ مَصُوغٍ أَوْ فِيهِ مُطْلَقًا وَأَوْلَى فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَنْقُضُ صَرْفُ الْمَسْكُوكِ فِيهَا وَإِذَا أَجَازَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُصْطَرِفِ بِمَا أَخَذَهُ، فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ دِينَارًا وَأَخَذَ الْمُصْطَرِفُ نَظِيرَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ صَرْفًا مُؤَخَّرًا؛ لِأَنَّ الْمُنَاجَزَةَ وَقَعَتْ (إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفَ) بِأَنَّ مَنْ صَارَفَهُ مُتَعَدٍّ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِتَعَدِّيهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَةٌ وَالْمُصْطَرِفُ بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ آخِذِ الدَّرَاهِمِ وَآخِذِ الدَّنَانِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ اسْتَحَقَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُنْفَرِدَيْنِ شَرَعَ فِي بَيَانِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ مُتَّصِلًا بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَجَازَ مُحَلًّى) بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَيْ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبًا كَمُصْحَفٍ وَسَيْفٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُحَلَّى
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَسْوِيَةِ الْمَسْكُوكِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِالْمُعَيَّنِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فِيهَا وَسَحْنُونٌ فَفَرَّقَا بَيْنَ الْعَيْنِ يُنْتَقَضُ، وَغَيْرُهُ لَا يُنْتَقَضُ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي فَهْمِهَا عَلَى تَأْوِيلَاتٍ أَحَدُهَا لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِيمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ الطُّولِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ إذَا اسْتَحَقَّ بِالْحَضْرَةِ مُطْلَقًا، الثَّانِي لِابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّ خِلَافَهُمَا إذَا اسْتَحَقَّ بِالْحَضْرَةِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُنْتَقَضُ فِي الْمُعَيَّنِ وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى النَّقْضِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ الطُّولِ مُطْلَقًا، الثَّالِثُ لِلَّخْمِيِّ حُمِلَ الْإِطْلَاقُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى تَفْصِيلِ أَشْهَبَ وَخَصَّهُ بِمَا اسْتَحَقَّ فِي الْحَضْرَةِ فَجَعَلَهُ وِفَاقًا هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ فَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَضْرَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا فِي ح أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَأَشْهَبُ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَقُولُ: إذَا حَصَلَ التَّعْيِينُ يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ، وَلَوْ مَعَ الْحَضْرَةِ، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَخِيرِ اهـ بْن وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ إنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ بِمَسْكُوكَيْنِ أَوْ بِمَسْكُوكٍ وَمَصُوغٍ فَاسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمَصُوغَ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ وَالْمَكْسُورَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْمَجْلِسَ أَوْ بَعْدَ طُولٍ فَإِنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ يَنْقُضُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا حِينَ الْعَقْدِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَصُوغًا نُقِضَ عَقْدُ الصَّرْفِ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَصُوغَ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَسْكُوكًا بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ صَحَّ عَقْدُ الصَّرْفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فِيهِ التَّرَاضِي عَلَى الْبَدَلِ وَحِينَئِذٍ فَيُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الْبَدَلِ مَنْ أَرَادَ نَقْضَ الصَّرْفِ لِمَنْ أَرَادَ إتْمَامَهُ بِدَفْعِ الْبَدَلِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَقِيلَ: إنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ فِيهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْبَدَلِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ أَبَى لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَدَلِ مَنْ أَبَاهُ وَأَرَادَ نَقْضَ الصَّرْفِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اهـ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مَصُوغٌ نُقِضَ صَرْفُهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِالْحَضْرَةِ كَغَيْرِهِ مِنْ تِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ إنْ طَالَ وَالْأَصَحُّ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا أَوْ يُجْبَرُ الْآبِّي تَرَدُّدٌ كَانَ أَوْضَحُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُجْبَرُ فِيهِ مَنْ طَلَبَ نَقْصَ الصَّرْفِ لِمَنْ أَرَادَ إتْمَامَهُ بِدَفْعِ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ فِي الْمَعِيبِ إلَخْ أَيْ وَيُقَاسُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى الْعَيْبِ وَجُعِلَ التَّرَدُّدُ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ غَيْرِهِ طَرِيقَةٌ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الصِّحَّةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَضْرَةِ مُطْلَقَةٌ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا التَّرَدُّدُ فِي قَوْلِهِ: وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا إلَخْ فَتَخْصِيصُ الشَّيْخِ سَالِمٍ لَهُ بِالْمُعَيَّنِ وَإِنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَعِيبِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَعَيَّنْ فِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ يُخَالِفُ الْعَيْبَ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ وَإِلَى طَرِيقَةِ طفى أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ بَلْ التَّرَدُّدُ جَازَ إلَخْ وَهِيَ التَّحْقِيقُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ بْن فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ نَقْلَ ح يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ اهـ
(قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ) أَيْ وَلَهُ نَقْضُهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الَّذِي جُرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ كَمَا هُنَا لَيْسَ كَالْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ الَّذِي جُرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ كَالشَّرْطِيِّ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْإِجَازَةُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَنْقُضُ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يَنْقُضُ صَرْفُ الْمَسْكُوكِ فِيهَا) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا اسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ فِي الْحَضْرَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَةٌ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute