أَشَارَ إلَى مَنْعِهِ بِقَوْلِهِ (و) النَّقْدُ (الْأَجْوَدُ) جَوْهَرِيَّةً حَالَ كَوْنِهِ (أَنْقَصَ) وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِأَرْدَأَ جَوْهَرِيَّةٍ كَامِلًا وَزْنًا لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً) بِالرَّفْعِ عُطِفَ عَلَى الْأَجْوَدِ فَكَانَ الْأَجْوَدُ تَعْرِيفُهُ أَيْ وَهُوَ أَنْقَصُ فَحَذَفَهُ مِنْ هَذَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ كَمَا حُذِفَ مِمَّا قَبْلَهُ جَوْهَرِيَّةً لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ هُنَا سِكَّةً عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ: أَجْوَدُ سِكَّةً وَأَنْقَصَ وَزْنًا وَيُقَابِلُهُ رَدِيءُ السِّكَّةِ كَامِلٌ وَزْنًا، وَلَوْ قَالَ وَالْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةً أَوْ سِكَّةً أَنْقَصَ (مُمْتَنِعٌ) لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةً أَوْ سِكَّةً أَنْقَصَ بَلْ مُسَاوِيًا أَوْ أَوْزَنَ فَتَحْتُهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ (جَازَ) لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ.
وَلَمَّا قَدَّمَ الصَّرْفَ وَالْمُبَادَلَةَ ذَكَرَ الْمُرَاطَلَةَ بِقَوْلِهِ (و) جَازَتْ (مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (بِمِثْلِهِ) أَيْ بِعَيْنِ مِثْلِهِ، ذَهَبٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ وَزْنًا إمَّا (بِصَنْجَةٍ) فِي إحْدَى الْكِفَّتَيْنِ وَالذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ فِي الْأُخْرَى (أَوْ كِفَّتَيْنِ) يُوضَعُ عَيْنُ أَحَدِهِمَا فِي كِفَّةٍ وَعَيْنُ الْآخَرِ فِي أُخْرَى (وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا) أَيْ الْعَيْنَانِ قَبْلَ وَضْعِهِمَا فِي الْكِفَّتَيْنِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ عَيْنِهِ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ الْقَائِلِ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ الْعَيْنَيْنِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْبَيْعِ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا
وَتَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدُ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِقَصْدِ الْمُغَالَبَةِ فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ مِنْ أَصْلِهِ تَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي مَنْعَ الْمُبَادَلَةِ لَكِنَّ الشَّارِعَ أَجَازَهَا لِلْمَعْرُوفِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ تَمَحُّضُ الْفَضْلِ مِنْ جِهَةٍ، فَإِنْ دَارَ الْفَضْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ انْتَفَى الْمَعْرُوفُ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ فَتُمْنَعُ الْمُبَادَلَةُ حِينَئِذٍ فَعَلِمْتَ أَنَّ الَّذِي يَدُورُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إنَّمَا هُوَ الْفَضْلُ لَا الْمَعْرُوفُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَى مَنْعِهِ) أَيْ إلَى مَنْعِ دَوَرَانِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ هَذَا ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ: فَحَذَفَهُ) أَيْ الْحَالُ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْقَصُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَيْ وَحَيْثُ قَدَّرْنَا الْحَالَ فَلَا إشْكَالَ فِي الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي، وَحَاصِلُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ ظَاهِرُهُ مَنْعُ إبْدَالِ الْأَجْوَدِ سِكَّةً بِالْأَرْدَإِ سِكَّةً إذَا كَانَا كَامِلَيْنِ فِي الْوَزْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِوُجُودِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ الْحَالَ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ وَالْأَجْوَدُ سِكَّةً حَالَةَ كَوْنِهِ أَنْقَصَ وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِرَدِيءِ السِّكَّةِ الْكَامِلِ وَزْنًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مِنْ الْأَوَّلِ التَّمْيِيزَ وَهُوَ جَوْهَرِيَّةٌ، وَذَكَرَ الْحَالَ الَّذِي هُوَ أَنْقَصُ وَحَذَفَ مِنْ الثَّانِي الْحَالُ وَهُوَ أَنْقَصُ وَذَكَرَ التَّمْيِيزَ الَّذِي هُوَ سِكَّةً فَفِيهِ احْتِبَاكٌ، وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ الْحَالُ فِي الْمَعْطُوفِ لَأُشْكِلَ الْإِخْبَارُ بِالِامْتِنَاعِ وَذَلِكَ لِكَوْنِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَلَمَّا قَدَّرْنَا الْحَالَ ظَهَرَ أَنَّ الْفَضْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَظَهَرَ الِامْتِنَاعُ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ.
(قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٌ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ مُمْتَنِعَانِ مَعَ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ
(قَوْلُهُ: وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَيْنٌ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ بِخِلَافِ النَّقْدِ، فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْمَسْكُوكِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكُوكَانِ مُتَّحِدَيْ السِّكَّةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ: إمَّا بِصَنْجَةٍ أَوْ كِفَّتَيْنِ) أَوْ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ كَمَا فِي عبق وَالْقَوْلَانِ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ بِصَنْجَةٍ وَكِفَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَرْجَحِ مِنْهُمَا وَقِيلَ: إنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ عِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ اخْتَلَفَ فِي جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ بِالْمَثَاقِيلِ فَقِيلَ: لَا تَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ إلَّا بِكِفَّتَيْنِ وَقِيلَ: تَجُوزُ بِالْمَثَاقِيلِ أَيْضًا وَهُوَ أَصْوَبُ اهـ قَالَ طفى وَمَا صَوَّبَهُ عِيَاضٌ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ تَبَعًا لَهُمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَثَاقِيلِ كَمَا قَالَ الْأَبِيُّ: الصَّنْجَةُ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِصَنْجَةٍ أَيْ وَأَوْلَى بِكِفَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ كِفَّتَيْنِ يَعْنِي فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: بِصَنْجَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ أَمْ لَا وَالصَّنْجَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَبِالسِّينِ وَهُوَ أَفْصَحُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا عَلَى الْأَرْجَحِ) مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِهَا بِكِفَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: مِثْلُ عَيْنِهِ) ظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ اغْتِفَارِ الزِّيَادَةِ فِي الْمُرَاطَلَةِ، وَلَوْ قَلِيلَةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ بِخِلَافِ الْمُبَادَلَةِ، إنْ قُلْت: إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ عَيْنِهِ فَأَيُّ غَرَضٍ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ اعْتِبَارَ الرَّغْبَةِ فِي الْإِنْصَافِ دُونَ الْكِبَارِ أَوْ بِالْعَكْسِ إذَا كَانَتْ الْمُرَاطَلَةُ مِنْ كِبَارٍ وَصِغَارٍ أَوْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ فَيَرْغَبُ فِي ذَهَبِ صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ جَيِّدًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا) أَيْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ بِالْجُزَافِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمُرَاطَلَةِ إذَا كَانَتْ بِصَنْجَةٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا لِلتَّعَامُلِ بِهِمَا عَدَدًا، وَأَمَّا الْمُتَعَامِلُ بِهِمَا وَزْنًا فَيَتَّفِقُ عَلَى جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ فِيهِمَا بِصَنْجَةٍ مَجْهُولَةٍ وَبِكِفَّتَيْنِ، وَلَوْ لَمْ تُوزَنْ الْعَيْنَانِ قَبْلَ الْمُرَاطَلَةِ بِهِمَا لِجَوَازِ بَيْعِ النَّقْدِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا جُزَافًا كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْعَيْنَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْجَوْدَةِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ (قَوْلُهُ: كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ إلَخْ)