للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَرَكُّبِ الْعِلَّةِ مِنْهُمَا

(وَبَلَحٍ إنْ صَغُرَ) بِأَنْ انْعَقَدَ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْعَلَفِ لَا لِلْأَكْلِ فَأَحْرَى الْإِغْرِيضُ وَالطَّلْعُ، وَأَمَّا الزَّهْوُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ بُسْرٍ فَرُطَبٍ فَتَمْرٍ فَطَعَامٌ رِبَوِيٌّ وَهُوَ مَفْهُومُ صَغُرَ

(وَمَاءٌ) عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بَلْ وَلَا طَعَامٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَالْعَذْبُ جِنْسٌ وَالْمَالِحُ جِنْسٌ وَفَائِدَةُ اخْتِلَافِ الْجِنْسِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً بِخِلَافِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ (وَيَجُوزُ) بَيْعُهُ (بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ) ، وَكَذَا بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ لَا إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً كَأَنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْأَكْثَرَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تُهْمَةَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ تُوجِبُ الْمَنْعَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَكُونُ بِهِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ فَمِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ (وَالطَّحْنُ) لِلْحَبِّ (وَالْعَجْنُ) لِلدَّقِيقِ (وَالصَّلْقُ) لِشَيْءٍ مِنْ الْحُبُوبِ (إلَّا التُّرْمُسَ وَالتَّنْبِيذَ) لِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ (لَا يُنْقَلُ) كُلٌّ مِنْهَا عَنْ أَصْلِهِ فَالدَّقِيقُ لَيْسَ جِنْسًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ أَجْزَاءٍ وَالْعَجِينُ مَعَ الدَّقِيقِ أَوْ الْقَمْحِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْمَصْلُوقُ مَعَ غَيْرِهِ جِنْسٌ لَكِنْ لَا يُبَاعُ مَصْلُوقٌ بِمِثْلِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ، وَلَا بِيَابِسٍ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ، وَكَذَا التَّنْبِيذُ لَا يُنْقَلُ عَنْ أَصْلِهِ، وَكَذَا عَصِيرُ الْعِنَبِ مَعَ الْعِنَبِ، وَأَمَّا التُّرْمُسُ فَصَلْقُهُ يَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ لِطُولِ أَمَدِهِ وَتَكَلُّفِ مُؤْنَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَقْعِهِ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَحْلُوَ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ خَلِّهِ) يَعْنِي تَخْلِيلَ النَّبِيذِ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ عَنْ أَصْلِ النَّبِيذِ لَا عَنْ النَّبِيذِ إذْ الْخَلُّ وَالنَّبِيذُ جِنْسٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (و) طُبِخَ بِخِلَافِ (طَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ) ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ عَنْ النِّيءِ وَعَنْ الْمَطْبُوخِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِتَرَكُّبِ الْعِلَّةِ مِنْهُمَا) أَيْ لِتَرَكُّبِ عِلَّةِ الرِّبَا مِنْ أَمْرَيْنِ وَقَدْ انْتَفَى أَحَدُهُمَا فِيمَا ذَكَرَ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِيهِ هَذَا كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ انْعَقَدَ) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الرَّامِخِ وَهُوَ الصَّغِيرُ جِدًّا (قَوْلُهُ: فَأَحْرَى الْإِغْرِيضُ وَالطَّلْعُ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَرَاتِبَ الْبَلَحِ سَبْعَةٌ طَلْعٌ فَإِغْرِيضٌ فَبَلَحٌ صَغِيرٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنِّينِي فَبَلَحٌ كَبِيرٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالزَّهْوِ فَبُسْرٌ فَرُطَبٌ فَتَمْرٌ وَيَجْمَعُهَا قَوْلُك طَابَ زَبَرْتُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالْجُمْلَةُ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً الْمُكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً وَالْبَاقِي مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ بِمَا فِيهِ عِشْرُونَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ الطَّلْعِ بِمِثْلِهِ وَبِالسِّتَّةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْإِغْرِيضِ بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْكَبِيرِ بِمِثْلِهِ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبُسْرِ بِمِثْلِهِ وَالِاثْنَيْنِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الرُّطَبِ بِمِثْلِهِ وَبِالتَّمْرِ وَبَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَالْجَائِزُ مِنْ هَذِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ بِمِثْلِهِ بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُنَاجَزَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَالْجَوَازُ، وَلَوْ مَعَ التَّفَاضُلِ، وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَبَيْعُ الطَّلْعِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْإِغْرِيضِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعِ بَعْدَهُ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، وَلَوْ لِأَجْلِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ الْجُذَاذِ أَوْ مَجْذُوذًا، وَأَمَّا عَلَى التَّبْقِيَةِ فِي شَجَرِهِ حَتَّى يُرَادَ لِأَكْلِهِ فَيُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ بَيْعُ التَّمْرِ بِرُطَبٍ أَوْ بِبُسْرٍ أَوْ بِكَبِيرِ بَلَحٍ، وَكَذَا يُمْنَعُ بَيْعُ كَبِيرِ الْبَلَحِ بِرُطَبٍ لَا بِبُسْرٍ؛ لِأَنَّهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا يُمْنَعُ الْبُسْرُ بِالرُّطَبِ عَلَى أَيِّ حَالٍ لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا فَصُوَرُ الْمَنْعِ خَمْسَةٌ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَإِلَّا لَمُنِعَ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَالْعَذْبُ جِنْسٌ) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا يُشْرَبُ، وَلَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمِلْحِ مَا لَا يُشْرَبُ أَصْلًا، وَلَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً) أَيْ حِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَمُنَاجَزَةً أَوْ لِأَجَلٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ حَتَّى يَدْخُلَهُ رِبَا النَّسَاءِ وَحَيْثُ كَانَا جِنْسَيْنِ كَانَ ذَلِكَ سَلَمًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ) أَيْ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ إنَّمَا هُوَ الْقَلِيلُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْكَثِيرَ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُهُ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تُهْمَةَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ تُوجِبُ الْمَنْعَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ

(قَوْلُهُ: إلَّا التُّرْمُسُ) أَيْ فَإِنَّ صَلْقَهُ يَنْقُلُهُ عَنْ جِنْسِهِ وَأَلْحَقَ بِصَلْقِ التُّرْمُسِ تَدْمِيسَ الْفُولِ وَصَلْقَ الْفُولِ الْحَارِّ لِلْكُلْفَةِ أَيْ الْمَشَقَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْفُولِ الْمُدَمَّسِ وَالْفُولِ الْحَارِّ بِالْفُولِ الْيَابِسِ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ مُنَاجَزَةً.

(قَوْلُهُ: فَالدَّقِيقُ لَيْسَ جِنْسًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْحَبِّ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ هُنَا تُعْتَبَرُ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْعَجِينُ مَعَ الدَّقِيقِ أَوْ الْقَمْحِ جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ فَلَا يُبَاعُ الْعَجِينُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَمَاثِلًا وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي قَدْرِ الدَّقِيقِ تَحَرِّيًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي بَيْعِ الْعَجِينِ بِالْقَمْحِ وَفِي جَانِبِ الْعَجِينِ إذَا بِيعَ بِالدَّقِيقِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّبِيذَ مَعَ التَّمْرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ مَعَ الْخَلِّ جِنْسٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخَلِّ مُتَمَاثِلًا.

لَا مُتَفَاضِلًا، وَأَمَّا الْخَلُّ مَعَ التَّمْرِ فَهُمَا جِنْسَانِ فَالتَّمْرُ طَرَفٌ وَالْخَلُّ طَرَفٌ وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَعَ كُلِّ طَرَفٍ جِنْسٌ وَالطَّرَفَانِ جِنْسَانِ (قَوْلُهُ: وَطَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ) أَيْ وَأَمَّا طَبْخُ أَرْزٍ بِأَبْزَارٍ، فَإِنَّهُ لَا يُنْقَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>