للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا عَدَاهُمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْغَالِبَ الدُّخُولُ عَلَى اخْتِيَارِ الْأَجْوَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا انْتِقَالَ وَبِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي مَحْمُولَةٍ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ سَمْرَاءَ مِثْلَ الْكَيْلِ بَعْدَ الْأَجَلِ وَحِينَئِذٍ فَالطَّعَامُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَيَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِمَا عَدَاهُمَا.

وَمَثَّلَ لِلطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (كَنَخْلَةٍ) أَيْ بَيْعُ نَخْلَةٍ (مُثْمِرَةٍ) عَلَى اللُّزُومِ لِيَخْتَارَهَا الْمُشْتَرِي (مِنْ نَخَلَاتٍ) مُثْمِرَاتٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا فَإِذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً يُعَدُّ أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَهَا غَيْرَهَا ثُمَّ انْتَقَلَ إلَيْهَا فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ إنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ وَإِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا.

وَلَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ عَدُّ الْمُخْتَارِ مُنْتَقِلًا مَوْجُودَةً فِيمَنْ بَاعَ بُسْتَانَهُ الْمُثْمِرَ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَدَ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَةٍ يَخْتَارُهَا أَشَارَ إلَى جَوَازِهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْبَائِعُ يَسْتَثْنِي خَمْسًا مِنْ جِنَانِهِ) الْمُثْمِرِ الْمَبِيعِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْهُ فَيَجُوزُ إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى أَوْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ مِنْ رَدِيئِهِ فَلَا يَخْتَارُ ثُمَّ يَنْتَقِلُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَرُ الْمُسْتَثْنَى قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ كَيْلًا أَوْ أَقَلَّ وَلَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ النَّخْلِ وَلَا لَقِيمَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(وَكَبَيْعِ حَامِلٍ) أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ (بِشَرْطِ الْحَمْلِ) إنْ قَصَدَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ كَمَا إذَا كَانَ صُبْرَتَانِ مِنْ الطَّعَامِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَوْبٌ أَوْ مَعَ إحْدَاهُمَا ثَوْبٌ دُونَ الْأُخْرَى وَيَقُولُ الْمَالِكُ لَهُمَا لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ مَعَ الثَّوْبِ الَّذِي مَعَهَا بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ وَلَك الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ، أَوْ أَبِيعُك إمَّا هَذِهِ الصُّبْرَةَ مَعَ الثَّوْبِ بِدِينَارٍ وَإِمَّا هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَحْدَهَا بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي تَعْيِينِ مَا يَأْخُذُهُ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهِمَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ أَوْ بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ لِدُخُولِ الشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهُمَا) أَيْ مِنْ الْجِنْسِ وَالْكَيْلِ وَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُقَاسَ هَذَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ فَقَطْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي النَّوْعِ وَالْكَيْلِ وَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: بِمَا عَدَاهُمَا) بِأَنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ أَوْ الْكَيْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ إذَا اتَّحَدَ الطَّعَامَانِ نَوْعًا وَكَيْلًا وَصِفَةً أَيْ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً فَأَجْزِ اخْتَلَفَا فِي النَّوْعِ أَوْ الْكَيْلِ فَامْنَعْ اتَّحَدَا فِي النَّوْعِ وَالْكَيْلِ وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ

(قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِلطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْبَلَحَ طَعَامٌ، وَاللِّيفَ وَالْجَرِيدَ وَالْخَشَبَ غَيْرُ طَعَامٍ (قَوْلُهُ: مِنْ نَخَلَاتٍ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ إلَيْهَا) أَيْ وَهَذِهِ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَلَحُهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُنْتَقِلِ عَنْهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ) أَيْ إنْ دَخَلَا عَلَى كَيْلِهِمَا أَوْ عَلَى كَيْلِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي بَيْعِ إحْدَى صُبْرَتَيْنِ عَلَى اللُّزُومِ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي بَيْعِ نَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ مِنْ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَاتٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَيَحْذِفُ مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: مَوْجُودَةً) أَيْ ظَاهِرًا فَلَا يُنَافِي جَوَابَيْهِ الْآتِيَيْنِ بِقَوْلِهِ إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى إلَخْ ثُمَّ إنَّ الْعِبَارَةَ لَا تَخْلُو عَنْ حَذْفٍ، وَالْأَصْلُ وَلَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً فِي مَنْ بَاعَ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَشَارَ لِجَوَازِهِ بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُسْتَثْنَى خَمْسًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذَا الْبُسْتَانَ الْمُثْمِرَ بِمِائَةٍ إلَّا خَمْسَ نَخَلَاتٍ أَخْتَارُهَا مِنْهُ وَأُعَيِّنُهَا عَلَى حِدَّةٍ فَالْمُسْتَثْنَى هُنَا الثَّمَرَةُ مَعَ الْأُصُولِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَصُبْرَةٌ وَثَمَرَةٌ وَاسْتِثْنَاءٌ قَدْرَ ثُلُثٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَاكَ الثَّمَرَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى) أَيْ لَا مُشْتَرًى، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ إلَخْ أَيْ أَوْ أَنَّهُ مُشْتَرًى لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثَمَرُ الْمُسْتَثْنَى) أَيْ ثَمَرُ النَّخْلِ الْمُسْتَثْنَى (قَوْلُهُ: قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ) أَيْ الَّذِي فِي الْبُسْتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ) أَيْ سَوَاءٌ زَادَ عَدَدُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى خَمْسِ نَخَلَاتٍ أَوْ نَقَصَ أَوْ كَانَ قَدْرُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ النَّخْلِ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ خَمْسَ نَخَلَاتٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ عَدَدَ النَّخْلِ الْمُسْتَثْنَى أَوْ قِيمَتَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثُلُثَ عَدَدِ نَخْلِ الْبُسْتَانِ أَوْ ثُلُثَ قِيمَةِ نَخْلِهِ

(قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ حَامِلٍ) أَيْ فَهُوَ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ بِشَرْطِ الْحَمْلِ مَضَى بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ مُخْتَلِفٌ فِي صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِصِحَّتِهِ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ بَحْثًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ عِنْدَ الْفَوَاتِ ظَهَرَ أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ ظَهَرَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَالصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى مَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ، كَذَا فِي المج وَهُوَ وَجِيهٌ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ يُزَادُ فِي ثَمَنِهَا فَأَخْذُ مَا زِيدَ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ) أَيْ الْبَائِعُ بِاشْتِرَاطِهِ الْحَمْلَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ مِثْلُهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ تُبَاعُ بِأَقَلَّ مِمَّا بِيعَتْ بِهِ وَهَذَا يَتَأَتَّى فِي الدَّوَابِّ وَالْأَمَةِ الْوَخْشِ

<<  <  ج: ص:  >  >>