للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ كَالْخَفِيِّ فِي الْوَخْشِ إذْ قَدْ يَزِيدُ ثَمَنُهَا بِهِ دُونَ الرَّائِعَةِ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ فِي الْوَخْشِ وَفِي غَيْرِ آدَمِيٍّ وَعَلَى التَّبَرِّي فِي الرَّائِعَةِ

(وَاغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ) إجْمَاعًا (لِلْحَاجَةِ) أَيْ لِلضَّرُورَةِ كَأَسَاسِ الدَّارِ فَإِنَّهَا تُشْتَرَى مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ عُمْقِهِ وَلَا عَرْضِهِ وَلَا مَتَانَتِهِ وَكَإِجَارَتِهَا مُشَاهَرَةٌ مَعَ احْتِمَالِ نُقْصَانِ الشُّهُورِ وَكَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ أَوْ لِحَافٍ وَالْحَشْوُ مَغِيبٌ وَشُرْبٍ مِنْ سِقَاءٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ مَعَ اخْتِلَافِ الشُّرْبِ وَالِاسْتِعْمَالِ (لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ غَيْرُ مَقْصُودٍ أَيْ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ قَصْدَهُ فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَسَارَةِ الْكَثِيرِ كَبَيْعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا وَبِقَيْدِ عَدَمِ الْقَصْدِ بِيعَ الْحَيَوَانُ بِشَرْطِ الْحَمْلِ عَلَى مَا مَرَّ.

(وَكَمُزَابَنَةٍ) بِالتَّنْوِينِ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ كُلّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَمَّا يَقْصِدُهُ مِنْهُ وَفَسَّرَهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ بِقَوْلِهِ (مَجْهُولٍ) أَيْ بَيْعُ مَجْهُولٍ (بِمَعْلُومٍ) رِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) بَيْعِ مَجْهُولٍ (بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ) فِيهِمَا لِلْغَرَرِ بِسَبَبِ الْمُغَالَبَةِ.

فَإِنْ تَحَقَّقَتْ الْمَغْلُوبِيَّةُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ جَازَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) الْمَجْهُولُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِالْمَعْلُومِ (إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعِوَضَيْنِ كَثْرَةً بَيِّنَةً تَنْتَفِي مَعَهَا الْمُغَالَبَةُ (فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ) أَيْ فِيمَا لَا رِبَا فَضْلٍ فِيهِ فَيَشْمَلُ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا نَسَاءٍ فَقَطْ كَالْفَوَاكِهِ وَمَا لَا يَدْخُلُهُ رِبًا أَصْلًا كَقُطْنٍ وَحَدِيدٍ لَكِنْ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الطَّعَامِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ، وَأَمَّا الرِّبَوِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِلتَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَقَوْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَلَمَّا قَيَّدَ الْمُزَابَنَةَ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ وَلَوْ بِدُخُولِ نَاقِلٍ لَا مُزَابَنَةَ فِيهِ عُطِفَ عَلَى فَاعِلِ جَازَ قَوْلُهُ (و) جَازَ (نُحَاسٌ) أَيْ بَيْعُهُ (بِتَوْرٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ إنَاءٌ مِنْ نُحَاسٍ يُشْرَبُ فِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَا فِي الْعِلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُوجِبُ زِيَادَةَ ثَمَنِهَا بَلْ نَقْصَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي) كَأَنْ يَقُولُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَخَافُ أَنْ أَبِيعَهَا لَك فَتَرُدُّهَا عَلَيَّ بِالْحَمْلِ فَأَنَا لَا أَبِيعُهَا لَك إلَّا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ لِأَجْلِ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَى رَدِّهَا لَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَقَوْلُهُ: فَإِنَّ قَصْدَ التَّبَرِّي أَيْ مِنْ عَيْبِ الْحَمْلِ وَاشْتِرَاطِ الْحَمْلِ لِلتَّبَرِّي لَا يَتَأَتَّى فِي الدَّوَابِّ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ إنَّمَا تَجُوزُ فِي الرَّقِيقِ لَا فِي الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ أَوْ وَخْشِهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الرَّائِعَةِ) وَذَلِكَ لِلْغَرَرِ فِي الْخَفِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجُوزُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ، فَإِنَّهُ قَادِمٌ عَلَيْهِ مُحَقَّقٌ لِوُجُودِهِ، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَالْحَمْلُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ وَخْشًا وَكَانَ الْحَمْلُ خَفِيًّا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْحَمْلِ لِأَجْلِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى فَرْضِ إذَا لَمْ يَصْدُقْ الْبَائِعُ لَا يَضُرُّهُ وُجُودُ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا بِخِلَافِ الْعِلِّيَّةِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ خَفِيًّا رُبَّمَا جَوَّزَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ وَلَمْ يَصْدُقْ الْبَائِعُ فَتَظْهَرُ أَنَّهَا حَامِلٌ فَيَعُودُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِمَا قَصَدَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحَمْلِ بِأَنْ يَقُولَ: أَرَدْت بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ الشَّرْطِ الْبَرَاءَةَ أَوْ الِاسْتِزَادَةَ فِي الثَّمَنِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِمَا قَصَدَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِمَا قَصَدَ فَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فَقَدْ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَهُ بِاشْتِرَاطِ الْحَمْلِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: غَرَرٌ يَسِيرٌ) أَيْ وَهُوَ مَا شَأْنُ النَّاسِ التَّسَامُحُ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَأَسَاسِ الدَّارِ) أَيْ كَالْغَرَرِ بِالنِّسْبَةِ لِأَسَاسِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَإِلَّا فَالْأَسَاسُ لَيْسَ غَرَرًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَكَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ أَوْ لِحَافٍ) أَيْ، وَأَمَّا حَشْوُ الطَّرَّاحَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَظَرِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا) أَيْ بَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْحَمْلِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْصَدُ فِي الْبَيْعِ عَادَةً وَهُوَ غَرَرٌ إذْ يَحْتَمِلُ حُصُولُهُ وَعَدَمُ حُصُولِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ فَهَلْ تَسْلَمُ أُمُّهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ تَمُوتُ

(قَوْلُهُ: بِالتَّنْوِينِ) هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ قِرَاءَتِهِ بِالْإِضَافَةِ وَتَكُونُ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ) مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ زَبُونٌ إذَا مُنِعَتْ مِنْ حِلَابِهَا وَالْمَنْعُ الدَّفْعُ وَمِنْهُ الزَّبَانِيَةُ لِدَفْعِهِمْ الْكُفَّارَ فِي النَّارِ (قَوْلُهُ: مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ) بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: رِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَبَيْعِ إرْدَبِّ قَمْحٍ بِغِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا فِيهَا مِنْ الْقَمْحِ وَكَقِنْطَارٍ خَوْخًا بِقَفَصٍ مَمْلُوءٍ خَوْخًا لَا يُعْلَمُ وَزْنَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ) أَيْ كَبَيْعِ غِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ قَمْحًا بِغِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ مِنْهُ وَلَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا فِيهِمَا أَوْ بَيْعُ قَفَصِ خَوْخٍ بِمِثْلِهِ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ وَالْمَجْهُولُ بِالْمَجْهُولِ أَيْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرِّبَوِيُّ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرِزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْهُ أَوْ بَيْعُ الْمَجْهُولَيْنِ مِنْهُ إذَا كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً بَيِّنَةً كَمَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ غَيْرُ بَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ) أَيْ كَبَيْعِ إرْدَبِّ أَرْزٍ بِصُبْرَةِ قَمْحٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرَ أَوْ صُبْرَتَيْنِ مِنْهُمَا مَجْهُولَتَيْ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَنُحَاسٌ) هُوَ مُثَلَّثُ النُّونِ أَيْ غَيْرُ مَصْنُوعٍ، وَقَوْلُهُ: بِتَوْرٍ هُوَ فِي اللُّغَةِ إنَاءٌ مِنْ نُحَاسٍ يُشْرَبُ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُطْلَقُ نُحَاسٍ مَصْنُوعٍ سَوَاءٌ كَانَ تَوْرًا أَوْ حُلَّةً أَوْ إبْرِيقًا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ النُّحَاسِ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ بِالنُّحَاسِ الْمَصْنُوعِ وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلُ أَرْبَعَةٌ الثَّانِيَةُ بَيْعُ النُّحَاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>