وَجُبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزِ وَاحِدٍ أَيْضًا (وَهَلْ) التَّفْرِقَةُ الْحَاصِلَةُ (بِغَيْرِ عِوَضٍ) كَهِبَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ التَّصَدُّقُ بِهِ أَوْ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَوْ هِبَتُهُمَا لِشَخْصَيْنِ (كَذَلِكَ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَفْسَخُ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بِلَا عِوَضٍ لَا فَسْخَ فِيهِ اتِّفَاقًا فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ (أَوْ يَكْتَفِي) فِي جَمْعِهِمَا (بِحَوْزٍ) ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا ابْتَدَأَ بِالْمَعْرُوفِ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ عَنْهُ (كَالْعِتْقِ) لِأَحَدِهِمَا، فَإِنَّهُ يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ قَصْدِ الضَّرَرِ فَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ
(وَجَازَ بَيْع نِصْفِهِمَا) مَثَلًا لِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ اتَّفَقَ الْجُزْءُ أَوْ اخْتَلَفَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ بَيْعَ نِصْفِ أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(و) جَازَ (بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ) النَّاجِزِ وَإِبْقَاءُ الْآخَرِ قِنًّا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ لِلْعِتْقِ قُيِّدَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ.
(و) جَازَ بَيْعُ (الْوَلَدِ مَعَ) بَيْعِ (كِتَابَةِ أُمِّهِ) يَعْنِي إذَا بِيعَتْ كِتَابَةُ أُمِّهِ وَجَبَ بَيْعُهُ مَعَهَا فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا الْإِذْنُ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ مَعَ كِتَابَةِ الْوَلَدِ فَلَوْ قَالَ وَأَحَدُهُمَا مَعَ كِتَابَةِ الْآخَرِ لَكَانَ أَشْمَلَ
(و) جَازَ (لَمُعَاهِدٍ) حَرْبِيٍّ نَزَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا (التَّفْرِقَةُ) بَيْنَهُمَا (وَكُرِهَ) لَنَا (الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ) بِالتَّفْرِقَةِ وَالْكَرَاهَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْجَمْعِ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ وَلَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُسِخَ رَجَعَ لِمِلْكِ الْمُعَاهِدِ
(وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ) مِنْ الْبَيْعِ أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ فَالْأَوَّلُ (كَأَنْ) يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: أَوْ هِبَتُهُمَا لِشَخْصَيْنِ) أَيْ بِأَنْ وَهَبَهُمَا مَالِكُهُمَا لِشَخْصَيْنِ، وَكَذَا لَوْ وَرِثَهُمَا شَخْصَانِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَالتَّفْرِقَةِ الْحَاصِلَةِ بِعِوَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ وَيُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ إنْ أَبَيَا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ) أَيْ وَأَمَّا مَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِالتَّأْوِيلِ الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ حُكْمَ مَا يَجِبُ إذَا وُجِدَ الْوَلَدُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَالْأُمُّ فِي مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمَ هَلْ صَارَ إلَيْهِمَا بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَالْحُكْمُ فِي هَذَا وُجُوبُ جَمْعِهِمَا بِمِلْكٍ وَلَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ كَمَا فِي عبق
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا) أَيْ لِاتِّحَادِ الْمَالِكِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُشْتَرِي ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلْعِتْقِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَوْ ثُلُثُهُمَا أَوْ نِصْفُ أَحَدِهِمَا وَرُبْعُ الْآخَرِ مَثَلًا وَبَقِيَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا مِنْ جُزْءِ الْآخَرِ فَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْعِهِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ) أَيْ وَإِبْقَاءُ الْآخَرِ قِنًّا وَيَجِبُ حِينَئِذٍ جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ وَلَا يَجُوزُ تَفْرِقَتُهُمَا (قَوْلُهُ: النَّاجِزُ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ بِالْأَوْلَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّحْبِيسُ كَالْعِتْقِ كَمَا فِي شب اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ الْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْوَلَدَ يُقْرَأُ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى نِصْفِهِمَا لَا بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَبَيْعُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: الْإِذْنُ) أَيْ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الْوَلَدُ مَعَ كِتَابَةِ أُمِّهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَتَقَتْ الْأُمُّ إلَى وَقْتِ الْإِثْغَارِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى جَمْعِ أُمِّهِ مَعَهُ فِي حَوْزِهِ إنْ أَبَى
(قَوْلُهُ: وَجَازَ لِمُعَاهَدٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ خِلَافًا لِابْنِ مُحْرِزٍ الْقَائِلِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: مُعَاهِدٌ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ لَهُ التَّفْرِقَةُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَمْنُوعَةً فِي شَرِيعَتِهِمْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَاهِدُ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْجَمْعِ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ أَيْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَبَاعَ مُفَرِّقًا لَهُمَا.
، فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ بَيْعُهُ لَكِنْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَالْمُعَاهَدُ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ
(قَوْلُهُ: وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ الْبَيْعِ إمَّا أَنْ لَا يَقْتَضِيَهُ الْعَقْدُ وَيُنَافِيَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَوْ يُخِلَّ بِالثَّمَنِ أَوْ يَقْتَضِيَهُ الْعَقْدُ أَوْ لَا يَقْتَضِيَهُ وَلَا يُنَافِيهِ فَالْمُضِرُّ الْأَوَّلَانِ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِثَالَ الْأَوَّلَيْنِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ كَشَرْطِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَالْقِيَامِ بِالْعَيْبِ وَرَدِّ الْعِوَضِ عِنْدَ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ فَهَذِهِ الْأُمُورُ لَازِمَةٌ دُونَ شَرْطٍ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ لَهَا فَشَرْطُهَا تَأْكِيدٌ وَالرَّابِعُ كَشَرْطِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ وَالرَّهْنِ فَهَذِهِ أُمُورٌ لَا تُنَافِي الْعَقْدَ وَلَا يَقْتَضِيهَا بَلْ إنْ اُشْتُرِطَتْ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا، هَذَا تَفْصِيلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى تَحْرِيمِ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ مُطْلَقًا لِمَا وَرَدَ مِنْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» وَذَهَبَ ابْنُ شُبْرُمَةَ إلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ جَابِرًا بَاعَ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاشْتَرَطَ حِلَابَهَا وَظَهْرَهَا لِلْمَدِينَةِ وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ مَعَ صِحَّةِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَأَعْتِقَهَا، وَإِنْ اشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَجَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَعَرَفَ مَالِكٌ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا فَاسْتَعْمَلَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَتَأَوَّلَهَا عَلَى وُجُوهِهَا وَلَمْ يُمْعِنْ غَيْرُهُ النَّظَرَ وَلَا أَحْسَنَ تَأْوِيلَ الْآثَارِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ