للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ (لَا يَبِيعَ) أَوْ لَا يَهَبَ أَوْ لَا يَتَّخِذُهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ لَا يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ لَا يَرْكَبَهَا أَوْ لَا يَلْبَسَهَا أَوْ لَا يَسْكُنَهَا أَوْ لَا يُؤَاجِرَهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ فَقَالَ لَهُ الْمُبْتَاعُ عَلَى شَرْطِ إنْ بِعْتهَا لِغَيْرِي فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْإِقَالَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا.

(إلَّا) شَرْطًا مُلْتَبِسًا (بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ) ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُنَافِيًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَمِثْلُ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ التَّحْبِيسُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَاحْتَرَزَ بِالتَّنْجِيزِ عَنْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَاِتِّخَاذِ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدٍ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ لِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وُجُوهًا أَرْبَعَةً أَوَّلُهَا الْإِبْهَامُ وَأَشَارَ لَهُ مَعَ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يُجْبَرْ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِتْقِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ (إنْ أَبْهَمَ) الْبَائِعُ فِي شَرْطِهِ الْعِتْقَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِأَنْ قَالَ: أَبِيعُك بِشَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِإِيجَابٍ وَلَا خِيَارٍ، وَشَرْطُ النَّقْدِ فِي هَذَا يُفْسِدُهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ.

وَثَانِيهَا التَّخْيِيرُ وَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْمُخَيَّرِ) عِنْدَ الشِّرَاءِ فِي الْعِتْقِ وَرَدِّ الْبَيْعِ أَيْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ إنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الْعِتْقَ وَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ أَيْضًا فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ.

وَثَالِثُهَا الْإِيجَابُ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ الِاشْتِرَاءِ عَلَى) شَرْطِ (إيجَابِ الْعِتْقِ) بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُك عَلَى شَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهُ لُزُومًا لَا تَخَلُّفَ لَكَ عَنْهُ فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ، فَإِنْ أَبَى أَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ.

وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (كَأَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْعِتْقِ لَا بِقَيْدِ الْجَبْرِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عِتْقٍ.

ثُمَّ عُطِفَ عَلَى مَا يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ قَوْلُهُ (أَوْ) شَرْطٌ (يُخِلُّ بِالثَّمَنِ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ إلَى جَهْلٍ فِيهِ بِزِيَادَةٍ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ نَقْصٍ إنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ (كَبَيْعٍ وَ) شَرْطِ (سَلَفٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثْمَنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَبِيعَ) أَيْ لِأَحَدٍ أَيْ أَصْلًا أَوْ إلَّا مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ إنْ بِعْتهَا لِغَيْرِي فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ فَيَجُوزُ) أَيْ وَيَعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ إنْ بَاعَهَا بِالْقُرْبِ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ: إلَّا شَرْطًا إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ مُلْتَبِسٍ بِكُلِّ كَيْفِيَّةٍ إلَّا شَرْطًا مُلْتَبِسًا إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيُفْسِدُ الْبَيْعَ

(قَوْلُهُ: وُجُوهًا أَرْبَعَةً) أَيْ أَقْسَامًا أَرْبَعَةً الْبَيْعُ فِيهَا صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا يُفْتَرَقُ الْجَوَابُ فِي صِفَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ مِنْ افْتِقَارِهِ لِصِفَةٍ وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ لَهَا وَفِي الْجَبْرِ عَلَى الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ وَفِي شَرْطِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى عِتْقِهِ بَلْ إنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ عِتْقَهُ وَإِذَا تَرَكَ عِتْقَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِإِيجَابٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ وَالْعِتْقُ لَازِمٌ لَك (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ أَوْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ) وَذَلِكَ لِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ فَيَتِمُّ الْبَيْعُ وَيَمْضِي وَفِي عَدَمِهِ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَفِي إمْضَائِهِ، فَإِنْ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْفَوَاتِ رَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ رَدَّ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ أَوْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ بَلْ إمَّا أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يُرَدَّ الْعَبْدُ لِبَائِعِهِ، فَإِنْ رَدَّهُ لَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ أَيْضًا) أَيْ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ إلَخْ) أَيْ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ بَلْ مُرَادُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَرَدِّ الْبَيْعِ

(قَوْلُهُ: عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ) أَيْ إلْزَامِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ أَيْ وَشَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ لَا يُفْسِدُهُ وَالْعِتْقُ هُنَا يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةٍ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ: كَأَنَّهَا) أَيْ الرَّقَبَةَ حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا يُفْسِدُهُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى صِيغَةٍ لِحُصُولِهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ مِنْ الْمُشْتَرِي) أَيْ صَادِرًا مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ غَالٍ لِأَنَّهُ الْمُتَسَلِّفُ أَمَّا لَوْ كَانَ الشَّرْطُ صَادِرًا مِنْ الْبَائِعِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُهَا بِنَقْصٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَسَلِّفٌ.

(قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ) مِثَالٌ لِلشَّرْطِ الَّذِي يُخِلُّ بِالثَّمَنِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَيْ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ صَادِرًا مِنْ الْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُثَمِّنُ أَيْ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ صَادِرًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْ وَالِانْتِفَاعُ بِالسَّلَفِ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذَا مُغَايِرٌ لَمُفَادِ قَوْلِهِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْأَوَّلِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ وَحَاصِلَ الثَّانِي الْجَهْلُ إمَّا بِالثَّمَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>