فِي الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي تَقْدِيمِ الذَّهَبِ وَمِثْلُهَا فِي تَقْدِيمِ الْفِضَّةِ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ أَيْ الِاتِّهَامِ عَلَيْهِ، وَلِذَا لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ جَازَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا) بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَجَّلُ يَزِيدُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمُؤَخَّر كَبَيْعِ ثَوْبٍ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِسِتِّينَ دِرْهَمًا نَقْدًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ.
(و) مُنِعَ الْبَيْعُ ثُمَّ الشِّرَاءُ (بِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ) سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ أَوْ اخْتَلَفَا وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْعَدَدِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ أَمْ لَا (كَشِرَائِهِ لِلْأَجَلِ) الْأَوَّلِ وَأَوْلَى لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ (بِمُحَمَّدِيَّةٍ) نِسْبَةً لِمُحَمَّدٍ السَّفَّاحِ أَوَّلِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَهِيَ الْجَيِّدَةُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ) نِسْبَةً لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهِيَ الرَّدِيئَةُ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمُقَاصَّةِ هُنَا إذْ شَرْطُهَا تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ
(وَإِنْ اشْتَرَى) مَا بَاعَهُ (بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِأَنْ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاشْتَرَاهَا بِشَاةٍ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَقَلَّ أَوْ لِأَكْثَرَ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِ إمَّا قِيمَتُهَا قَدْرَ قِيمَةِ السِّلْعَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْآتِيَةُ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ اتِّحَادِهِمَا قَدْرًا أَوْ كَوْنُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ) حَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِفِضَّةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِذَهَبٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ قِيمَةَ الْفِضَّةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً وَمِثْلُهَا يُقَالُ فِيمَا إذَا بَاعَ أَوَّلًا بِذَهَبٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِفِضَّةٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِتُهْمَةِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ عَجَّلَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا كَأَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِسِتِّينَ دِرْهَمًا لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِدِينَارَيْنِ نَقْدًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ هَلْ هُوَ جَائِزٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تُهْمَةَ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ مُنْتَفِيَةٌ بِالْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُحْتَاجَ قَدْ يَأْخُذُ الْقَلِيلَ لِحَاجَتِهِ وَيَدْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَثِيرَ جِدًّا فَفِيهِ دَفْعُ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، كَذَا نَظَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ بْن وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمَنْعِ وَذَكَرَ نَصَّهَا فَانْظُرْهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ وَالْمُسَاوَاةَ هُنَا أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِاعْتِبَارِ صَرْفِ الْمِثْلِ لَا بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ؛ لِأَنَّ الْقِلَّةَ وَالْمُسَاوَاةَ وَالْكَثْرَةَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ إنَّمَا تَتَأَتَّى فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ
(قَوْلُهُ: وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِسِكَّةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِسِكَّةٍ أُخْرَى لِأَجَلٍ فَإِمَّا أَنْ يَتَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَوْ يَكُونَ الْأَجَلُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَسَاوَى الثَّمَنَانِ فِي الْقَدْرِ أَوْ يَكُونُ الثَّانِي أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَبِيعَ بِسِكَّةٍ جَيِّدَةٍ وَيَشْتَرِي بِرَدِيئَةٍ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ ثَمَانَ عَشَرَةَ صُورَةً مَمْنُوعَةً لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ كُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا كَالْأَوَّلِ، أَمَّا إنْ كَانَ نَقْدًا فَصُوَرُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إمَّا قَدْرُ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِالْأَجْوَدِ أَوْ الْأَرْدَإِ يَجُوزُ مِنْهَا اثْنَتَانِ مَا إذَا اشْتَرَى بِأَجْوَدَ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَالْأَرْبَعَةُ مَمْنُوعَةٌ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَعْتَرِضُ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِالسِّكَّتَيْنِ كَالِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَأُخِذَ مِمَّا هُنَا الْمَنْعُ فِي صُوَرِ الْأَجَلِ كُلِّهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ كَمَا عَلِمْت وَأُخِذَ مِمَّا تَقَدَّمَ التَّفْصِيلَ فِي صُوَرِ النَّقْدِ وَهِيَ سِتَّةٌ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ وَأَوْلَى عَكْسُهُ فَقَدْ نَبَّهَ بِالْمِثَالِ الْأَخَفِّ تُهْمَةً عَلَى مَنْعِ الْأَشَدِّ تُهْمَةً.
(قَوْلُهُ: تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ) أَيْ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ
(قَوْلُهُ: بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنُهُ) الضَّمِيرُ فِي مُخَالِفٍ رَاجِعٌ لِعَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ نَعْتٌ لَهُ وَضَمِيرُ ثَمَنِهِ لِلْمَبِيعِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِمُخَالِفٍ أَيْ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ ذَلِكَ الْعَرَضَ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ أَوَّلًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِيعَ أَوَّلًا بِعَرَضٍ أَوْ بِعَيْنٍ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَالْحَيَوَانَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ لِصِنْفِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَانَ أَظْهَرَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مُخَالِفٌ ثَمَنَهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ مُوَافِقٍ لِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ فِي الصِّنْفِيَّةِ كَمَا لَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَوْبٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَوْبٍ فَالشِّرَاءُ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً يُمْنَعُ مِنْهَا مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِيَةِ أَقَلَّ وَكَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى وَكَانَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَمَا عَدَاهَا فَالْجَوَازُ اتِّفَاقًا فِي الْجَمِيعِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لَقِيمَةِ الْأُولَى كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوَّلَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى وَكَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوَّلِهِ أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْأُولَى وَكَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي لِلْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق إذَا عَجَّلَ الْأَكْثَرَ فَفِي جَوَازِهِ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذَا جَائِزٌ اتِّفَاقًا