للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالرَّدَاءَةُ) مِنْ جَانِبٍ (وَالْجَوْدَةُ) مِنْ جَانِبٍ آخَرَ مُعْتَبَرَتَانِ فِي الثَّمَنَيْنِ (كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ) فَالرَّدِيءُ كَالْقَلِيلِ وَالْجَيِّدُ كَالْكَثِيرِ فَحَيْثُ يُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ يُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الرَّدِيءُ وَحَيْثُ جَازَ يَجُوزُ هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ وَهُوَ يُفِيدُ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا اسْتَوَى الْأَجَلَانِ أَوْ دَفَعَتْ الْيَدُ السَّابِقَةُ أَجْوَدَ فَعَادَ إلَيْهَا أَرْدَأَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ مِنْ مَنْعِ صُوَرِ الْأَجَلِ كُلِّهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِ الثَّمَنِ الثَّانِي مُعَجَّلًا نَقْدًا وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي اتِّحَادِ الْقَدْرِ وَصُوَرُهَا ثَمَانِيَةٌ فَقَطْ يَجُوزُ مِنْهَا صُورَةٌ فَقَطْ وَهِيَ مَا نُقِدَ فِيهَا الْأَجْوَدُ وَيُمْنَعُ الْبَاقِي فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْآتِيَةِ.

ثُمَّ صَرَّحَ بِبَعْضِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: بِجِنْسِ ثَمَنِهِ بِقَوْلِهِ (وَمُنِعَ) بَيْعُ سِلْعَةٍ (بِذَهَبٍ وَ) شِرَاؤُهَا (بِفِضَّةٍ) أَوْ عَكْسُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ضَعِيفَةٌ فَإِذَا شَرَطَ نَفْيَهَا تَحَقَّقَتْ التُّهْمَةُ، وَأَمَّا مَا أَصْلُهَا الْمَنْعُ فَتَجُوزُ إذَا شَرَطَاهَا؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهَا قَوِيَّةٌ فَإِذَا شَرَطَاهَا بَعُدَتْ التُّهْمَةُ فَلِذَا قِيلَ بِالْمَنْعِ إذَا سَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِهَا.

(قَوْلُهُ: وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ) مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّ الصُّوَرَ اثْنَا عَشْرَ بِأَنْ تَقُولَ إذَا بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلِذَلِكَ الشِّرَاءُ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَبِيعَ بِجَيِّدٍ وَيَشْتَرِيَ بِرَدِيءِ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً، وَإِنَّ الصُّوَرَ الَّتِي تَمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهَا الْأَقَلُّ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَيُمْنَعُ تَعْجِيلُ الْأَرْدَإِ فِيهَا وَإِذَا اشْتَرَى بِأَرْدَأَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَجْوَدَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ صُّوَرَ الْأَجَلِ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: فَحَيْثُ يُمْنَعُ إلَخْ) أَيْ فَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ الَّتِي يُمْنَعُ فِيهَا تَعْجِيلُ الْأَقَلِّ يُمْنَعُ فِيهَا تَعْجِيلُ الرَّدِيءِ فَحَيْثُ ظَرْفُ مَكَان مَجَازًا.

(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ جَازَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ضَمِيرَ جَازَ رَاجِعٌ لِتَعْجِيلِ الْأَقَلِّ مَعَ أَنَّ تَعْجِيلَ الْأَقَلِّ دَائِمًا مَمْنُوعٌ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا مُقَاصَّةٌ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ضَمِيرَ جَازَ رَاجِعٌ لِلتَّعْجِيلِ لَا بِقَيْدِ الْأَقَلِّ أَوْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا اسْتَوَى الْأَجَلَانِ) أَيْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَجْوَدَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَرَادَ مِنْهُ كَانَ الثَّانِي أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: فَعَادَ إلَيْهَا أَرْدَأُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَرْدَأُ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ أَزْيَدَ عَدَدًا مِمَّا دَفَعَهُ أَوْ مُسَاوِيًا فِي الْعَدَدِ لِمَا دَفَعَهُ أَوَّلًا وَأَقَلَّ مِنْهُ فِي الْعَدَدِ.

(قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ إلَخْ) أَيْ فَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَنْعِ صُوَرَ الْأَجَلِ كُلِّهَا) أَيْ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ الثَّانِيَ إمَّا دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ فِي الْقَدْرِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِجَيِّدٍ وَالشِّرَاءُ بِرَدِيءٍ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ صُورَةً كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا الْمُقَاصَّةُ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِ الثَّمَنِ الثَّانِي مُعَجَّلًا) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْجَوْدَةُ وَالرِّدَاءُ فِي الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا أَيْ وَالْفَرْضُ اتِّحَادُ الثَّمَنَيْنِ فِي الْقَدْرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مُنِعَ فَكَذَا هُنَا إنْ كَانَ الْمُعَجَّلَ الْأَجْوَدَ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْأَرْدَأَ مُنِعَ وَقَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَخْ أَيْ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الْمَنْعَ فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا مُطْلَقًا وَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنَانِ غَيْرَ مُتَّحِدَيْ الْقَدْرِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَزْيَدَ مِنْ الْآخَرِ كَانَ هُنَاكَ قِلَّةٌ وَكَثْرَةٌ حَقِيقَةً فَلَا يَصِحُّ التَّشْبِيهُ.

(قَوْلُهُ: فِي اتِّحَادِ الْقَدْرِ) أَيْ قَدْرِ الثَّمَنِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَيْ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقَدْرِ وَالْعَدَدِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَيِّدًا أَوْ الْآخَرُ رَدِيئًا.

(قَوْلُهُ: وَصُوَرُهَا ثَمَانِيَةٌ) أَيْ وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنَانِ مُتَّحِدَيْ الْقَدْرِ وَبَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ أَوْ الْعَكْسُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ وَأَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا بَاعَ بِرَدِيءٍ وَاشْتَرَى بِجَيِّدٍ فَمَتَى كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ مُنِعَ لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلِلْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا، فَإِنْ عَجَّلَ الْأَرْدَأ مُنِعَ السَّلَفَ بِمَنْفَعَةٍ، وَإِنْ عَجَّلَ الْأَجْوَدَ جَازَ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَالْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ وَالسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ.

(قَوْلُهُ: فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْآتِيَةِ) أَيْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ أَخَصُّ مِنْ مَسْأَلَةِ السِّكَّتَيْنِ لِفَرْضِ هَذِهِ فِي اتِّحَادِ الثَّمَنَيْنِ قَدْرًا، وَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>