للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ ظَرْفٌ لِدَعْوَى الْمُقَدَّرِ أَيْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ أَيَّامَ خِيَارٍ لِيَأْخُذَهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ، أَوْ يُلْزِمُهَا لِمَنْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ (وَلَا) يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (بَيْعُ مُشْتَرٍ) لَهُ الْخِيَارُ فِي زَمَنِهِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ بَاعَ وَادَّعَى أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ (فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ) الْإِمْضَاءَ (بِيَمِينٍ، أَوْ) لَا يُصَدَّقُ وَ (لِرَبِّهَا نَقْضُهُ) وَلَهُ إجَازَتُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِانْقِضَائِهِ، وَهُوَ يَشْمَلُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ بِيَدِهِ الْمَبِيعُ، وَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا، وَغَابَ الْآخَرُ ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَادَّعَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ بَائِعًا أَنَّهُ أَمْضَاهُ فِي زَمَنِهِ، أَوْ مُشْتَرِيًا أَنَّهُ رَدَّ فِي زَمَنِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ إلَى الْإِشْهَادِ إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ، وَإِنْ أَرَادَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِشْهَادٍ، وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ فَلْيُشْهِدْ وَهَذَا بَيِّنٌ اهـ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْبَائِعِ ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ يُفْتَقَرُ فِيهَا إلَى الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ الْإِمْضَاءَ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيِّنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِي صُوَرٍ، وَقَدْ حَصَّلَهَا أَبُو الْحَسَنِ هَكَذَا اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَيَّامَ الْخِيَارِ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ بِانْقِضَاءِ أَمَدِهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ كَالْغَدِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْبَيْعِ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لَهُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ لِيَأْخُذَهُ مِنْ الْبَائِعِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ فَبَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ إجَازَةَ الْبَيْعِ لِأَجْلِ إلْزَامِ الْمُشْتَرِي فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ وَادَّعَى بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ الرَّدَّ لِيُلْزِمَهُ لِلْبَائِعِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ لِأَجْلِ انْتِزَاعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (قَوْلُهُ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ) أَيْ مِنْ اخْتِيَارِهِ الْإِمْضَاءَ وَالرَّدَّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى الْخِيَارِ، ثُمَّ بَاعَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَلَمْ يُخْبِرْ الْبَائِعَ بِاخْتِيَارِهِ إمْضَاءَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَأَرَادَ نَقْضَ الْبَيْعِ، أَوْ أَخْذَ الرِّبْحِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ فِي دَعْوَاهُ اخْتِيَارَ الْإِمْضَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِيَمِينٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ سَلَاطَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا بِأَخْذِ رِبْحٍ وَلَا بِنَقْضِ بَيْعٍ وَهَذَا مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ قَبْلَ بَيْعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ نَقْضِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي، وَبَيْنَ إجَازَتِهِ وَأَخْذِ رِبْحِهِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُصَدَّقُ وَلِرَبِّهَا نَقْضُهُ) كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ سَحْنُونًا طَرَحَ التَّخْيِيرَ فِي هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ إنَّ مَا فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَضَهُ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الْخِيَارِ لَمْ تَنْقَضِ، وَإِنَّمَا لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَتَّهِمُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى أَنَّهُ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَيَقُولُ لَهُ أَنْتَ بِعْت السِّلْعَةَ، وَهِيَ فِي ضَمَانِي فَالرِّبْحُ لِي فَالصَّوَابُ أَنْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، أَوْ لِرَبِّهَا رِبْحُهُ أَيْ رِبْحُ الْمُشْتَرِي الْحَاصِلُ فِي بَيْعِهِ قَوْلَانِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْمُشْتَرِي لَمَّا كَانَ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ نَقْضُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لَكِنَّهُ مِنْ أَجْلِ الرِّبْحِ يُتَّهَمُ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَانَ الرِّبْحُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>