وَأَخْذُ الثَّمَنِ (قَوْلَانِ) وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ وَلَا بَيْعَ مُشْتَرٍ إلَخْ بِمَا مَرَّ مِنْ دَلَالَةِ التَّسَوُّقِ عَلَى الرِّضَا فَكَانَ الْبَيْعُ أَوْلَى وَالصَّوَابُ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّسَوُّقِ إنَّمَا هِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ فَالْبَيْعُ أَحْرَى فِي الرِّضَا وَمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ لِغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَالتَّسَوُّقُ أَحْرَى فِي عَدَمِ الرِّضَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَذْفُ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ هَذِهِ (وَانْتَقَلَ) الْخِيَارُ مِنْ مُكَاتَبٍ لَهُ الْخِيَارُ (لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ زَمَنَ خِيَارِهِ وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ (وَ) انْتَقَلَ خِيَارُ مَدِينٍ بَاعَ، أَوْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارٍ لَهُ (لِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ) بِمَالِ الْمَدِينِ الْحَيِّ، أَوْ الْمَيِّتِ وَقَامَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ خِيَارِهِ وَلَا يَحْتَاجُ الِانْتِقَالُ إلَى حُكْمٍ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغَرِيمِ وَإِذَا اخْتَارَ الْأَخْذَ فَالرِّبْحُ لَلْمَدِينِ وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْغَرِيمِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى الْغَرِيمُ الثَّمَنَ الَّذِي لَزِمَ الْمُفْلِسَ فِي بَيْعٍ لَازِمٍ فَالرِّبْحُ لِلْمُفْلِسِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ (وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) مَعَ هَذَا الْغَرِيمِ سَوَاءٌ قَامَ الْغَرِيمُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَ) الْوَارِثُ شَيْئًا (بِمَالِهِ) الْخَاصِّ بِهِ بَعْدَ رَدِّ الْغَرِيمِ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ حِينَئِذٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالنَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ تَضْعِيفُ التَّخْيِيرِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ أَمَّا لَوْ كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَوَقَعَ الْبَيْعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ بِتَخْيِيرِ الْبَائِعِ بَيْنَ نَقْضِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَأَخْذِ رِبْحِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ السِّلْعَةِ بَعْدَ النَّقْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اخْتِيَارٌ فَحَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَوَقَعَ النِّزَاعُ فِيهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ وَبَاعَ الْمُشْتَرِي زَمَنَهُ مَا بِيَدِهِ فَلِلْبَائِعِ رَدُّ الْمَبِيعِ قَطْعًا إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَزِمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالْقِيمَةُ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الثَّمَنُ فَقَطْ، فَإِنْ بَاعَهُ الْبَائِعُ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ، أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ) أَيْ رَبِحَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ التَّسَوُّقَ وَأَحْرَى الْبَيْعُ دَالٌّ عَلَى الرِّضَا وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ، وَإِنْ وَقَعَ وَبَاعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الرِّضَا، فَإِنْ كَانَ نِزَاعُهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَقَوْلَانِ الْأَوَّلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَالثَّانِي أَنَّ الْبَائِعَ يُخَيَّرُ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَأَخْذِ الرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَ نِزَاعُهُمَا قَبْلَ فَرَاغِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَوْلَانِ أَيْضًا الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الرِّبْحِ وَالْمُعْتَمَدُ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ مَا انْبَنَى عَلَيْهَا مِنْ الْخِلَافِ فَضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ لِسَيِّدِ مُكَاتِبٍ) أَيْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ، أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ، ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ شَاءَ السَّيِّدُ أَمْضَى الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَلَا كَلَامَ لِلْمُكَاتَبِ بَعْدَ عَجْزِهِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ بَعْدَ عَجْزِهِ يُؤَدِّي لِتَصَرُّفِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ.
(قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ خِيَارُ مَدِينٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلِغَرِيمٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ الْمَعْمُولُ لِانْتَقَلَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ خِيَارُ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَلِوَارِثٍ (قَوْلُهُ وَقَامَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ لَا تَكْفِي فِي انْتِقَالِ الْخِيَارِ الَّذِي لِلْمَدِينِ لِلْغَرِيمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَفْلِيسِهِ، وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ الِانْتِقَالُ إلَى حُكْمِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّفْلِيسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بَلْ يَنْتَقِلُ خِيَارُ الْمَدِينِ لِغُرَمَائِهِ بِمُجَرَّدِ تَفْلِيسِهِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ وَإِذَا اخْتَارَ) أَيْ الْغَرِيمُ الْأَخْذَ أَيْ لِلسِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ بِخِيَارِ (قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ عَلَى الْبَتِّ وَفَلَّسَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَهَا فَأَدَّاهُ الْغَرِيمُ فَإِنَّ رِبْحَهَا لِلْمُفْلِسِ وَخَسَارَتَهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ عَلَى الْبَتِّ ثَمَنُهَا لَازِمٌ لَهُ فَلِذَا كَانَ لَهُ رِبْحُهَا وَخَسَارَتُهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَاهَا بِخِيَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهَا إلَّا بِمَشِيئَةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ صَارَ لَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا عَلَيْهِ ضَرَرًا (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، وَقَدْ اشْتَرَى بِخِيَارٍ وَمَاتَ زَمَنَ الْخِيَارِ فَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ لِغُرَمَائِهِ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ وَقَوْلُهُ قَامَ الْغَرِيمُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عج مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْوَارِثُ شَيْئًا بِمَالِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَدِينَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ وَأَدَّى ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا، وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَرَدَّ الْغُرَمَاءُ تِلْكَ السِّلْعَةَ فَأَرَادَ الْوَارِثُ أَخْذَ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِمَالِهِ وَيُؤَدِّي ثَمَنَهَا لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَ بِخِيَارٍ لَهُ وَمَاتَ وَرَدَّ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهُ وَأَرَادَ الْوَارِثُ أَخْذَهَا وَدَفْعَ الثَّمَنِ لَهُمْ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فَصَحَّ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ أَيْ الثَّمَنَ لِلْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute