وَلَا يُمَكَّنُ الرَّادُّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِمَنْ صَارَ لَهُ حِصَّةُ الْمُجِيزِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ (تَأْوِيلَانِ) ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ. .
(وَإِنْ) (جُنَّ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ الصَّبْرُ إلَيْهِ بِالْآخَرِ (نَظَرَ السُّلْطَانُ) فِي الْأَصْلَحِ لَهُ مِنْ إمْضَاءٍ، أَوْ رَدٍّ (وَنُظِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ انْتَظَرَ (الْمُغْمَى) عَلَيْهِ لِإِفَاقَتِهِ لِيَنْظُرَ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ طَالَ) إغْمَاؤُهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّرَرُ (فُسِخَ) الْبَيْعُ وَلَا يَنْظُر لَهُ السُّلْطَانُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْظُرُ لَهُ (وَالْمِلْكُ) زَمَنَ الْخِيَارِ (لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَلٌّ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلٌ لَا تَقْرِيرٌ (وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ) الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ فِي زَمَنِهِ لَهُ أَيْ لِلْبَائِعِ (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ) أَيْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) فَيَتْبَعَهُ. .
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْبَائِعُ بَيَانٌ لِمَنْ يَصِيرُ لَهُ نَصِيبُ الرَّادِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ الرَّادُّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمُجِيزِ وَقَوْلُهُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ عِلَّةٌ لِصَيْرُورَةِ حِصَّةِ الْمُجِيزِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ (قَوْلُهُ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي) ، وَهُوَ رَدُّ الْجَمِيعِ السِّلْعَةَ لِلْبَائِعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَإِنَّ مَنْ طَلَبَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْبَائِعُ) أَيْ وَفِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ، وَهُوَ إجَازَةُ الْجَمِيعِ لِلْبَيْعِ وَدَفْعُ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ. .
(قَوْلُهُ، وَإِنْ جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ) أَيْ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ بِطُولٍ، وَأَمَّا إنْ أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا بِقُرْبٍ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الصَّبْرُ إلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَلَا يَنْظُرُ السُّلْطَانُ (قَوْلُهُ نَظَرَ السُّلْطَانُ) أَيْ ذُو السَّلْطَنَةِ فَيَشْمَلُ نُوَّابَ السُّلْطَانِ فَلَوْ نَظَرَ السُّلْطَانُ وَحَكَمَ بِالْأَصْلَحِ مِنْ الرَّدِّ، أَوْ الْإِمْضَاءِ، ثُمَّ إنَّهُ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اخْتَارَهُ بَلْ مَا نَظَرَهُ السُّلْطَانُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ السُّلْطَانُ وَمَضَى يَوْمٌ، أَوْ يَوْمَانِ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَزَالَ الْجُنُونُ فَهَلْ تُحْسَبُ تِلْكَ الْمُدَّةُ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ لِقِيَامِ السُّلْطَانِ مَقَامَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تُلْغَى وَتُبْتَدَأُ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ السُّلْطَانُ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ فَلَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمَبِيعُ لَازِمٌ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ انْتَظَرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِإِفَاقَتِهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ إنَّهُ يَنْظُرُ لَهُ السُّلْطَانُ كَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ طَالَ إغْمَاؤُهُ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ مَضَى زَمَنُ الْخِيَارِ وَطَالَ إغْمَاءَهُ بَعْدَهُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّرَرُ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ فَسَخَ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَهُ اُسْتُؤْنِفَ لَهُ الْأَجَلُ وَمَفْهُومُ طَالَ أَنَّهُ لَوْ أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ بِقُرْبٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ وَهَلْ يَخْتَارُ فَوْرًا، أَوْ يُؤْتَنَفُ لَهُ أَجَلٌ طَرِيقَتَانِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ إذَا تَكَاسَلَ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَنْظُرْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ الْأَجَلُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَفْقُودَ كَالْمَجْنُونِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَإِنْ طَالَ فَسَخَ، وَأَمَّا الْأَسِيرُ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَالْمَفْقُودِ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ، فَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ نَظَرَ السُّلْطَانُ، وَإِنْ تَابَ نَظَرَ بِنَفْسِهِ لِقَصْرِ الْمُدَّةِ اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ) أَيْ وَالْمِلْكُ لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلُ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي فَالْإِمْضَاءُ تَقْدِيرٌ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي وَأَصْلُ مِلْكِهِ حَصَلَ بِالْعَقْدِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ أَيْ أَنَّ الْمَبِيعَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، أَوْ مُنْعَقِدٌ أَيْ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكِنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اتِّفَاقًا فَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ الْحَاصِلَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فَقَطْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلِلْمُشْتَرِي عَلَى الثَّانِي إلَّا أَنَّ كَوْنَ الْغَلَّةِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَمَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنَّ الْغُنْمَ هُنَا لِلْمُشْتَرِي وَالْغُرْمَ أَيْ الضَّمَانَ عَلَى الْبَائِعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ ثَمَرَاتٍ كَوْنِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ وَمَا يُوهَبُ مُبْتَدَأٌ وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي مَالَهُ أَيْ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِلْعَبْدِ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ لِلْعَبْدِ جَائِزٌ مُطْلَقًا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُخَالِفًا لِمَالِ الْعَبْدِ جَازَ الِاشْتِرَاطُ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ مُنِعَ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يُرَاعَى بَيْنَ مَالِ الْعَبْدِ وَثَمَنِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ نَاجِيٍّ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَتْبَعُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اسْتَثْنَى أَيْ اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَالُ الْمَعْلُومُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute