(وَالْغَلَّةُ) الْحَادِثَةُ زَمَنَ الْخِيَارِ مِنْ لَبَنٍ وَسَمْنٍ وَبَيْضٍ (وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ) عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ (لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ فِيهِمَا (بِخِلَافِ الْوَلَدِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ لَا غَلَّةٍ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُوَبَّرَةُ فَكَمَال الْعَبْدِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِشَرْطٍ (وَالضَّمَانُ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَكَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَثَبَتَ تَلَفُهُ، أَوْ ضَيَاعُهُ بِبَيِّنَةٍ وَسَوَاء كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا (وَحَلَفَ مُشْتَرٍ) فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ ادَّعَى تَلَفَهُ، أَوْ ضَيَاعَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ مُتَّهَمًا أَمْ لَا وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت وَيَحْلِفُ غَيْرُهُ مَا فَرَّطَتْ فَقَطْ (إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) كَأَنْ يَقُولَ ضَاعَتْ، أَوْ مَاتَتْ فَتَقُولُ الْبَيِّنَةُ بَاعَهَا، أَوْ أَكَلَهَا، أَوْ يَقُولُ ضَاعَتْ يَوْمَ كَذَا فَتَقُولُ الْبَيِّنَةُ رَأَيْنَاهَا عِنْدَهُ بَعْدَهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُغَابَ عَلَيْهِ) كَحَلْيٍ وَثِيَابٍ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. .
ثُمَّ بَيَّنَ مَا بِهِ يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خَيَّرَ الْبَائِعُ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ (الْأَكْثَرُ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ، أَوْ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ اخْتِيَارُ الْإِمْضَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ وَالرَّدُّ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا فَرَّطَ (فَالثَّمَنُ) يَضْمَنُهُ دُونَ الْتِفَاتٍ إلَى الْقِيمَةِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي ضَمَانِهِ الثَّمَنَ قَوْلُهُ (كَخِيَارِهِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَالظَّاهِرُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْمَجْهُولُ كَاَلَّذِي يُوهَبُ لَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. .
(قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ لَهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ مُدَّةَ الْخِيَارِ عَلَيْهِ لَازِمَةٌ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِهِ وَإِذَا أَخَذَ الْبَائِعُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مَعِيبًا مَجَّانًا وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ فِيهِمَا) أَيْ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا لَهُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ) أَيْ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْجُزْءِ الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ كَجُزْءٍ فَاتَ، وَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَغَيْرُ التَّامِّ، وَعَلَى هَذَا فَالصُّوفُ التَّامُّ مُخَالِفٌ لِلثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مِثْلُهَا عَلَى الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالضَّمَانُ مِنْهُ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا، أَوْ كَانَ فَاسِدًا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ انْتِقَالِ ضَمَانِ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ فَهُوَ فِي بَيْعِ الْبَتِّ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيْعِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ مُتَّهَمًا أَمْ لَا) أَيْ بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالشَّرِيكِ فَلَا يَحْلِفُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَّهَمًا، وَالْمُرَادُ الْمُتَّهَمُ عِنْدَ النَّاسِ لَا عِنْدَ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) اسْتِثْنَاءً مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَلَيْسَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ وَقَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ رَاجِعٌ لِيُغَابَ عَلَيْهِ لَا لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ أَيْضًا وَرَجَّعَهُ بَعْضُهُمْ لَهُمَا مَعًا فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِكَذِبِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِصِدْقِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ صِدْقِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْهُمَا مَعًا وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْكَذِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الثَّانِي فَقَطْ، وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي، وَهُوَ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْكَذِبِ اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ، أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ ضَمَانِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ مَعَ الضَّمَانِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ وَهِيَ أَكْثَرُ، أَوْ غَرِمَ الثَّمَنَ، وَهُوَ مُسَاوٍ، أَوْ أَكْثَرُ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. بْن. .
(قَوْلُهُ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِخِيَارٍ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ كَذِبُهُ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ لَكِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ كَمَا أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ فِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ إلَخْ) هَذَا يَجْرِي فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُ وَفِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْأَخِيرِ إذْ لَا يَمِينَ مَعَ ظُهُورِ الْكَذِبِ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ (قَوْلُهُ، أَوْ الْقِيمَةُ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ) لَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى الْإِمْضَاءُ فِي مَعْدُومٍ؟ لِأَنَّا نَقُولُ الْعَدَمُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَكَأَنَّهُ فِي مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ) أَيْ أَنَّهُ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، أَوْ يَحْلِفُ أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ فَالثَّمَنُ يَضْمَنُهُ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ، أَوْ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ غَرِمَهُ وَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ وَغَرِمَهَا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَغْرَمَ الثَّمَنَ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا حَلَفَ الْيَمِينَ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ مَعَ الضَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ رَاضِيًا وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الشِّرَاءَ، وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ مَا فَرَّطَ، وَإِلَّا ضَمِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute