للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ) عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ وَادَّعَى التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ (وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ) مُشْتَرٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَمَعْنَى ضَمَانِهِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَبَضَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. .

وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي قَوْلِهِ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ، ذَكَرَ جِنَايَةَ الْعَاقِدَيْنِ وَأَنَّهَا سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً: ثَمَانِيَةٌ فِي الْبَائِعِ وَمِثْلُهَا فِي الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ كُلٍّ إمَّا عَمْدًا، أَوْ خَطَأً مُتْلَفَةً، أَوْ غَيْرَ مُتْلَفَةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى جِنَايَةِ الْبَائِعِ فَقَالَ (وَإِنْ) (جَنَى بَائِعٌ) زَمَنَ الْخِيَارِ (وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا) وَلَمْ يُتْلِفْهُ (فَرَدٌّ) أَيْ فَفِعْلُهُ دَالٌّ عَلَى رَدِّ الْبَيْعِ (وَخَطَأٌ فَلِلْمُشْتَرِي) إنْ أَجَازَ الْبَائِعُ بِمَالِهِ فِيهِ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي (خِيَارُ الْعَيْبِ) إنْ شَاءَ تَمَسَّكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ رَدَّ وَأَخَذَ الثَّمَنَ (وَإِنْ تَلِفَ) الْمَبِيعُ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْبَائِعِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَالْأَوْلَى التَّصْرِيحُ بِهِ (وَتَعَمَّدَ) الْبَائِعُ الْجِنَايَةَ وَلَمْ يُتْلِفْ الْمَبِيعَ (فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، أَوْ) الْإِمْضَاءُ (أَخَذَ) أَرْشَ (الْجِنَايَةِ، وَإِنْ) (تَلِفَتْ) السِّلْعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ (ضَمِنَ) لِلْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ.

(وَإِنْ) (أَخْطَأَ) الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (أَخْذُهُ نَاقِصًا) وَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ فَجِنَايَةُ الْبَائِعِ عَلَى مِلْكِهِ، أَوْ رَدِّهِ لِلْبَائِعِ (وَإِنْ) (تَلِفَتْ) السِّلْعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ جِنَايَةِ الْبَائِعِ

، ثُمَّ شَرَعَ فِي ثَمَانِيَةِ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ وَلَمْ يُتْلِفْهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا) كَمَا تَقَدَّمَ (وَخَطَأٌ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ) وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ (وَإِنْ أَتْلَفَهَا) الْمُشْتَرِي فِيهِمَا (ضَمِنَ) لِلْبَائِعِ (الثَّمَنَ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ خَيَّرَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْبَائِعُ (وَجَنَى) الْمُشْتَرِي (عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) وَلَمْ تَتْلَفْ السِّلْعَةُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ رَدُّ الْبَيْعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ، أَوْ) الْإِمْضَاءِ وَأَخْذُ (الثَّمَنِ) فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ كَمَا عَلَيْهِ جُمْلَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ لِلْبَائِعِ حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ الثَّمَنِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ وَفِي تَرْكِ الْمَبِيعِ مَعَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) فِي الْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَأِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ. .

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاخْتِيَارِ الْمُجَامِعِ لِلْخِيَارِ وَالْمُنْفَرِدِ عَنْهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الثَّمَنَ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِ لَقَدْ ضَاعَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ. بْن وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَقَاصَّانِ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْمُقَاصَّةِ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنَانِ مُتَّفِقَيْنِ حُلُولًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا بِمُؤَجَّلٍ، وَقَدْ تَلْفِت عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَغْرَمُ الثَّمَنَ حَالًّا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ غَرِمَ الْمُشْتَرِي مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لعبق وَفِي بْن الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَتَقَاصَّانِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُ الثَّمَنَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِنْ أَجَلٍ، أَوْ حُلُولٍ وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ فَعَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا. .

(قَوْلُهُ أَيْ فَفِعْلُهُ دَالٌّ عَلَى رَدِّ الْبَيْعِ) أَيْ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْبَيْعَ قَبْلَ جِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ شَأْنُهُ لَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا الْإِجَارَةَ كَرَّرَهُ لِأَجْلِ تَتْمِيمِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ وَخَطَأٌ) أَيْ، وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهُ (قَوْلُهُ إنْ أَجَازَ الْبَائِعُ) أَيْ الْبَيْعَ وَأَمْضَاهُ بِسَبَبِ مَالِهِ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي، فَإِنْ رَدَّ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ جِنَايَتُهُ خَطَأً رَدًّا كَجِنَايَتِهِ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ مُنَافٍ لِقَصْدِ الْفَسْخِ إذْ الْخَطَأُ لَا يُجَامِعُ الْقَصْدَ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ تَمَسَّكَ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ) أَيْ، وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَتَلِفَ الْمَبِيعُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْجِنَايَةِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ) أَيْ عَمْدًا (قَوْلُهُ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَخْتَارَ الرَّدَّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ، أَوْ الْإِمْضَاءَ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ أَخْذِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا جَنَى عَمْدًا، أَوْ خَطَأً عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ جِنَايَةً غَيْرَ مُتْلِفَةٍ فَفِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَانِ: طَرِيقَةٌ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَائِعَ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِمَّا أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَطَرِيقَةٌ لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْجِنَايَةَ إنْ كَانَتْ عَمْدًا خُيِّرَ الْبَائِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْمَبِيعِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ يَدْفَعُهُ فِي كُلٍّ مِنْ حَالَتَيْ تَخْيِيرِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَعَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَيْ حَالَتَيْ تَخْيِيرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَالَةَ الْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَأِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ وَفِي تَرْكِ) أَيْ رَدِّ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ أَعَادَهُ لِتَتِمَّ الْأَقْسَامُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ لِمَا لَهُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>