للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى فَاعِلِهَا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُقَالِ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى سَائِلِ مَا ذُكِرَ لَا عَلَى مَسْئُولِهَا (فَكَالْقَرْضِ) الْفَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كَالْقَرْضِ أَيْ مَقِيسَةٌ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ فَمَنْ اقْتَرَضَ إرْدَبًّا مَثَلًا فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ وَإِذَا رَدَّهُ فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ وَمَحَلُّ التَّوَهُّمِ الْأَوَّلِ (وَاسْتَمَرَّ) ضَمَانُ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ عَلَى الْبَائِعِ (بِمِعْيَارِهِ) الشَّرْعِيِّ مِنْ مِكْيَالٍ، أَوْ مِيزَانٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ وَكِيلُهُ مِنْهُ. .

(وَلَوْ) (تَوَلَّاهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ (الْمُشَتَّرَيْ) نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ فَلَوْ سَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِغِرَارَةِ الْمُشْتَرِي فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَالَهُ الْبَائِعُ، أَوْ نَائِبُهُ وَنَاوَلَهُ لِلْمُبْتَاعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ الْقَبْضُ بِأَخْذِهِ وَلَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ. .

وَلَمَّا بَيَّنَ صِفَةَ قَبْضِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ صِفَةِ قَبْضِ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (وَقَبْضُ الْعَقَارِ) ، وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ (بِالتَّخْلِيَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ إنْ وُجِدَتْ، وَإِنْ لَمْ يُخْلِ الْبَائِعُ مَتَاعَهُ مِنْهَا إنْ لَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَى، وَأَمَّا هِيَ، فَإِنَّ قَبْضَهَا بِالْإِخْلَاءِ وَلَا يَكْفِي التَّخْلِيَةُ (وَ) قَبْضُ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ عُرُوضٍ وَأَنْعَامٍ وَدَوَابِّ (بِالْعُرْفِ) الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ كَاحْتِيَازِ الثَّوْبِ وَتَسْلِيمِ مِقْوَدِ الدَّابَّةِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْقَبْضِ فِيمَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ عَلَى فَاعِلِهَا) أَيْ وَهُوَ الْبَائِعُ أَعْنِي الْمُقِيلَ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرِكَ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا) أَيْ فَلَا يُضَرُّ بِإِلْزَامِهِ الْأُجْرَةَ.

(قَوْلُهُ عَلَى سَائِلِ مَا ذُكِرَ) أَيْ سَائِلِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَهُوَ الْمُقَالُ وَالْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا مَسْئُولُهَا) أَيْ، وَهُوَ الْمُقِيلُ وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فَاعِلِهَا (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَفَاعِلُ الْمَعْرُوفِ لَا يَغْرَمُ (قَوْلُهُ فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ) أَيْ لَا عَلَى الْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا وَفَاعِلُ الْمَعْرُوفِ لَا يَغْرَمُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ التَّوَهُّمِ الْأَوَّلِ) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْأُجْرَةِ صُورَةُ زِيَادَةٍ مُعَجَّلَةٍ (قَوْلُهُ بِمِعْيَارِهِ) حَالٌ أَيْ مَا دَامَ الْمَبِيعُ بِمِعْيَارِهِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ نَائِبُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمِعْيَارِ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ النَّائِبُ غَيْرَ الْبَائِعِ، أَوْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ. .

(قَوْلُهُ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا لِقَبْضِهِ كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ أَيْ هَذَا إذَا تَوَلَّى الْبَائِعُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ بَلْ وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي نِيَابَةً عَنْهُ فَإِذَا تَوَلَّاهُ الْبَائِعُ وَسَقَطَ الْمِكْيَالُ فَتَلِفَ مَا فِيهِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إذَا تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ وَسَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ فَهَلَكَ مَا فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِغَرَائِزِهِ، أَوْ أَوَانَيْهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمِكْيَالُ لَهُ، أَوْ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَيْسَ لَهُ إنَاءٌ حَاضِرٌ غَيْرُهُ فَضَمَانُ مَا فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ اسْتَعَارَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَضَمَانُ الْإِنَاءِ مِنْ رَبِّهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ هُنَا أَرْبَعٌ: الْأُولَى أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْوَزْنَ مَثَلًا ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَوْزُونَ لِيُفَرِّغَهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ اتِّفَاقًا، الثَّانِيَةُ مِثْلُهَا وَيَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي التَّفْرِيغَ أَيْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمِيزَانِ لِيُفَرِّغَهُ فِي ظَرْفِهِ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِمَا وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأُولَى فَقَالَ قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا خِلَافُ مُحَصَّلٍ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ مِنْ بَائِعِهِ، أَوْ مِنْ مُبْتَاعِهِ، الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْوَزْنَ وَالتَّفْرِيغَ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلٌ عَنْ الْبَائِعِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى ظَرْفِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا تَوَلَّى بِنَفْسِهِ الْوَزْنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِيَفْرُغَ قَبْضٌ لِنَفْسِهِ، الرَّابِعَةُ أَنْ لَا يَحْضُرَ ظَرْفُ الْمُشْتَرِي وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي حَمْلَ الْمَوْزُونِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ مِيزَانًا، أَوْ جُلُودًا، أَوْ أَزْيَارًا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ الْقَبْضَ حَقِيقَةً فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَعَلَيْك بِهَذَا التَّحْرِيرِ فَإِنَّهُ مِنْ زُبْدَةِ الْفِقْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِغِرَارَةِ الْمُشْتَرِي) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَالَهُ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. .

(قَوْلُهُ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ قَبْضُ الْمِثْلِيِّ بِالْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِكَذَا (قَوْلُهُ وَيُمَكِّنُهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَتْ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفَاتِيحُ كَفَى تَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَانْظُرْ لَوْ مَكَّنَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَمَنَعَهُ مِنْ الْمَفَاتِيحِ كَمَا لَوْ فَتَحَ لَهُ الدَّارَ وَأَخَذَ الْمَفَاتِيحَ مَعَهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا، أَوْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَشَارِحِنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّمْكِينِ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ عَدَمِ أَخْذِ الْمَفَاتِيحَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ قَبْضَهَا بِالْإِخْلَاءِ) أَيْ إخْلَاءِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي التَّخْلِيَةُ) أَيْ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ (قَوْلُهُ كَاحْتِيَازِ الثَّوْبِ) أَيْ حِيَازَتِهَا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْجَوَابِ عَنْ اعْتِرَاضِ الْمَوَّاقِ عَلَى قَوْل الْمُصَنِّفِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ إلَخْ بِأَنَّ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>