إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، أَوْ إذَا بِيعَ الْعَقَارُ مُذَارَعَةً، أَوْ غَيْرَهُ إذَا كَانَ غَائِبًا، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ الصَّحِيحُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَخْلِيَةٍ وَلَا عُرْفٍ (وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْحَاضِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا عُهْدَةُ ثَلَاثِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ خَمْسَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (إلَّا) السِّلْعَةَ (الْمَحْبُوسَةَ) عِنْدَ بَائِعِهَا (لِلثَّمَنِ) الْحَالِّ أَيْ لِإِتْيَانِ الْمُشْتَرِي بِهِ (أَوْ) الْمَحْبُوسَةِ (لِلْإِشْهَادِ) عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي (فَكَالرَّهْنِ فِيهِمَا) أَيْ فَيَضْمَنُهَا الْبَائِعُ ضَمَانَ الرِّهَانِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ الثَّانِي، وَهُوَ رَأْيُ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (وَإِلَّا) الْمَبِيعُ (الْغَائِبُ) غَيْرُ الْعَقَارِ عَلَى صِفَةٍ، أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (فَبِالْقَبْضِ) كَالْفَاسِدِ مُطْلَقًا عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ (وَإِلَّا الْمُوَاضَعَةُ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ) يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (وَإِلَّا الثِّمَارُ) الْمَبِيعَةُ بَيْعًا صَحِيحًا عَلَى أُصُولِهَا بَعْدَ الطِّيبِ فَضَمَانُهَا عَلَى بَائِعِهَا (لِلْجَائِحَةِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَائِدَتُهُ فِي الْفَاسِدِ وَفِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ كَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ فَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ كَانَ أَوْلَى، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إلَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَلْ تَظْهَرُ فِيهِ وَفِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ إنَّمَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ إذَا بِيعَ مُذَارَعَةً لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ إذَا بِيعَ بِالصِّفَةِ، أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ فَائِدَةَ الْقَبْضِ تَظْهَرُ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ قُلْنَا إنَّ فَائِدَتَهُ تَظْهَرُ فِيمَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ إلَخْ (قَوْلُهُ يَدْخُلُ) أَيْ مُتَعَلِّقُهُ وَهُوَ الْمَبِيعُ، وَلَوْ قَالَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا يَدْخُلُ إلَخْ كَانَ، أَوْلَى وَمَحَلُّ الدُّخُولِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا مُوَاضَعَةٍ وَلَا عُهْدَةٍ وَلَا مَحْبُوسًا لِلثَّمَنِ، أَوْ لِلْإِشْهَادِ عَلَى مَا قَالَ بَعْدَ (قَوْلِهِ الْمَبِيعُ الْحَاضِرُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْغَائِبُ وَمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى الْعُهْدَةِ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ يَتَوَقَّفُ دُخُولُهُ فِي ضَمَانِهِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعُهْدَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ خَمْسَ مَسَائِلَ وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَمَا فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَمَا بِيعَ بِخِيَارٍ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ ثَمَانِيَةً وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْمَزِيدَةَ اتِّكَالًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَالْعُهْدَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَأَنَّ مَا فِيهِ حَقَّ تَوْفِيَةٍ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدٍّ (قَوْلُهُ ضَمَانُ الرِّهَانِ) أَيْ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ، أَوْ هَلَاكَهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ هُوَ فِي ضَمَانِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ، وَهُوَ مُسْلَمٌ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) تَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مَا جَرَى فِي إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ الْخِلَافِ يَجْرِي فِي الْأُخْرَى لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَفِي مَعْنَى احْتِبَاسِهِ لِأَجْلِ الثَّمَنِ احْتِبَاسُهُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ. بْن ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ لَا يَحْسُنُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ كَالرَّهْنِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إذْ الْبَائِعُ إذَا ضَمِنَهُ إنَّمَا يَضْمَنُهُ ضَمَانَ تُهْمَةٍ فَقَطْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ ضَمَانَهُ أَصَالَةً عَلَى الْمُشْتَرِي، أَلَا تَرَى أَنَّ الضَّمَانَ يَنْتَفِي عَنْ الْبَائِعِ بِالْبَيِّنَةِ نَعَمْ يَحْسُنُ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْبَائِعِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَكَّنْ الْمُشْتَرِي مِنْهَا فَلَيْسَ كَالرَّهْنِ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ أَيْ كَمَا قَالَهُ طفى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ مُقَابِلِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى غَيْرُ مَعْلُومَةٍ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي بْن أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ وَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ قَبَضَهَا أَمْ لَا وَهَذَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا رَأَتْ الدَّمَ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ التَّابِعِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ مِنْ بِمَعْنَى إلَى أَيْ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي بِيعَتْ فِيهِ إلَى الْحَيْضَةِ (قَوْلُهُ الْمَبِيعَةُ بَيْعًا صَحِيحًا) أَيْ، وَأَمَّا الثِّمَارُ الْمَبِيعَةُ بَيْعًا فَاسِدًا، فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ طِيبِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ لَنَا فَاسِدٌ يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ طِيبِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَجُذَّهَا الْمُشْتَرِي كَذَا فِي عج وَتَبِعَهُ عبق وخش وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ لِي فِيهِ وَقْفَةٌ مَعَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفَاسِدَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبْضِ بِالْفِعْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute