وَأَرَادَ إتْلَافَ بَعْضِهِ بِمَعْنَى تَعْيِيبِهِ، وَلَوْ قَالَ تَعْيِيبُهُ لَكَانَ أَصَرْحُ فِي الْمُرَادِ أَيْ تَعْيِيبُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِمَنْ مِنْهُ الضَّمَانُ وَتَعْيِيبُ الْبَائِعِ مَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي يُوجِبُ غُرْمَ أَرْشِ الْعَيْبِ لِلْمُشْتَرِي. .
(وَإِنْ) (أَهْلَكَ بَائِعٌ صُبْرَةً) مِنْ مِثْلِيٍّ بِيعَتْ (عَلَى الْكَيْلِ) ، أَوْ الْوَزْنِ، أَوْ الْعَدِّ كَكُلِّ صَاعٍ، أَوْ كُلِّ رِطْلٍ بِكَذَا (فَالْمِثْلُ) يَلْزَمُهُ (تَحَرِّيًا لِيُوفِيَهُ) لِلْمُشْتَرِي (وَلَا خِيَارَ لَك) يَا مُشْتَرِي فِي رَدِّ الْبَيْعِ، أَوْ التَّمَاسُكِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ مَعَ رِضَا الْبَائِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ لَهُ الْمِثْلُ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ (أَوْ) أَهْلَكَهَا (أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ) يَوْمَ التَّلَفِ (إنْ جُهِلَتْ الْمَكِيلَةُ) ، وَإِلَّا فَمِثْلُهَا (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ (اشْتَرَى) بِهَا (الْبَائِعُ مَا يُوفِي) قَدْرَ تَحَرِّي مَا فِيهَا مِنْ الصِّيعَانِ (فَإِنْ فَضَلَ) شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لِحُصُولِ رُخْصٍ (فَلِلْبَائِعِ) إذْ لَا ظُلْمَ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَخَذَ مِثْلَ مَا اشْتَرَى (وَإِنْ نَقَصَ) مَا اشْتَرَاهُ بِالْقِيمَةِ عَنْ قَدْرِ تَحَرِّي مَا فِيهَا مِنْ الصِّيعَانِ لِحُصُولِ غَلَاءٍ (فَكَالِاسْتِحْقَاقِ) ، فَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ عَنْ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَالتَّمَاسُكُ بِمَا يَخُصُّ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ (وَجَازَ) لِمُشْتَرٍ وَمَوْهُوبٍ شَيْئًا (الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) مِنْ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ (إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ الَّذِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْبَائِعِ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِلْمُشْتَرِي كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ كَانَ الْإِتْلَافُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْإِتْلَافُ لِكُلِّهِ، أَوْ لِبَعْضِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ
(قَوْلُهُ وَأَرَادَ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا إتْلَافُهُ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ تَعْيِيبُ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ قَبَضَ) أَيْ لِلْمَبِيعِ فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ كُلُّهُ وَمَا فِي خش أَنَّهُ يَغْرَمُ ثَمَنَ الْبَعْضِ، وَأَنَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا إلَى آخَرِ مَا قَالَهُ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَا قَالَهُ صَرَّحَ بِهِ أَحَدٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ لِمَا هُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِمَنْ مِنْهُ الضَّمَانُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا وَقَوْلُهُ وَتَعْيِيبُ الْبَائِعِ أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ مَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَيْ أَوْ الْبَيْعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْيِيبَ الْبَائِعِ يُوجِبُ غُرْمَهُ لِلْمُشْتَرِي الْمِثْلَ، أَوْ الْقِيمَةَ كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا تَعَيَّبَ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَالتَّمَاسُكِ فَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعْيِيبُ بِسَمَاوِيٍّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا مَرَّ. .
(قَوْلُهُ، وَإِنْ أَهْلَكَ بَائِعٌ إلَخْ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَأَمَّا لَوْ أَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الطَّعَامَ الْمَجْهُولَ قَبْلَ كَيْلِهِ فَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي لَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ لَا الْمِثْلَ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِابْنِ بَشِيرٍ وَفَصَّلَ الْمَازِرِيُّ فَجَعَلَ هَذَا أَيْ لُزُومَ الْقِيمَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَيُعَدُّ إتْلَافُهُ قَبْضًا؛ لِمَا يَتَحَرَّى فِيهِ مِنْ الْمَكِيلَةِ فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ إنْ أَتْلَفَ طَعَامًا ابْتَاعَهُ عَلَى الْكَيْلِ قَبْلَ كَيْلِهِ وَعُرِفَ كَيْلُهُ فَهُوَ قَبْضٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَيْلُهُ فَالْقَدْرُ الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ كَانَ فِيهَا إنْ كِيلَ يَغْرَمُ ثَمَنَهُ وَمِثْلُهُ الْمَازِرِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَالْمِثْلُ يَلْزَمُهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَأْتِي بِصُبْرَةٍ مِثْلِهَا لِيُوفِيَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهَا حَقَّهُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ أَوْ أَهْلَكَهَا أَجْنَبِيٌّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَالْقِيمَةُ أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَمِثْلُهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ صُبْرَةً مِثْلَهَا فِي الْكَيْلِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَ فَكَالِاسْتِحْقَاقِ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ التُّونُسِيُّ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُتَعَدِّي لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْمُخَاصَمَةُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْهُ لِضَرَرِهِ بِتَأَخُّرِهِ لِوُجُودِ الْمُتَعَدِّي اهـ. الْمَازِرِيُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُتَعَدِّي مُعْسِرًا لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْفَسْخُ، أَوْ انْتِظَارُ الْيُسْرِ فَلَوْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِمَا لَزِمَ الْمُتَعَدِّي ارْتَفَعَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي اهـ. بْن (قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ وَوَجَبَ التَّمَاسُكُ بِالْقَدْرِ الَّذِي اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا غُرْمَ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ شَيْئًا) تَنَازَعَهُ مُشْتَرٍ وَمَوْهُوبٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ طَعَامًا، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ اسْتِثْنَاءً مِنْ مَحْذُوفِ، وَالْأَصْلِ، وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِكُلِّ شَيْءٍ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ إلَّا مُطْلَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ إلَّا الطَّعَامَ الَّذِي حَصَلَ بِمُعَاوَضَةٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا، أَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ لِمَا وَرَدَ فِي الْمُوَطَّإِ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ تَعَبُّدِيٌّ وَقِيلَ إنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَهُ غَرَضٌ فِي ظُهُورِهِ فَلَوْ أُجِيزَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَبَاعَ أَهْلُ الْأَمْوَالِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ ظُهُورٍ بِخِلَافِ مَا إذَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْكَيَّالُ وَالْحَمَّالُ وَيَظْهَرُ لِلْفُقَرَاءِ فَتَقْوَى بِهِ قُلُوبُ النَّاسِ لَا سِيَّمَا فِي زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute