للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَأَرَادَ بِمُطْلَقِهِ رِبَوِيًّا كَقَمْحٍ أَوْ لَا كَتُفَّاحٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. .

(وَلَوْ) كَانَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ (كَرِزْقِ قَاضٍ) وَإِمَامِ مَسْجِدٍ وَمُؤَذِّنٍ وَجُنْدِيٍّ وَكَاتِبٍ مِمَّا جُعِلَ لَهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَعَالِمٍ جُعِلَ لَهُ فِي نَظِيرِ التَّعْلِيمِ لَا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ (أَخَذَ) أَيْ اشْتَرَى (بِكَيْلٍ) ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ لَا جُزَافًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَهُوَ مَقْبُوضٌ حُكْمًا فَلَيْسَ فِيهِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ (أَوْ) ، وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ (كَلَبَنِ شَاةٍ) مَثَلًا فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الطَّعَامَ الْمَكِيلَ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ جُزَافًا وَسَيَأْتِي فِي السَّلَمِ جَوَازُ بَيْعِ لَبَنِ شَاةٍ، أَوْ شِيَاهٍ بِالْمُدَّةِ إنْ عُلِمَ قَدْرُ مَا تَحْلِبُ تَحَرِّيًا وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ شِيَاهٍ مُعَيَّنَةٍ كَثِيرَةٍ كَعَشْرَةٍ. .

وَلَمَّا كَانَ الْقَبْضُ الضَّعِيفُ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ بَيْعِ الطَّعَامِ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ) كَمَا إذَا وَكَّلَ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَصَارَ بِيَدِهِ، أَوْ عَلَى بَيْعِهِ فَقَبَضَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَبِيعَهُ فَبَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَيَمْتَنِعُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَنْ يَبِيعَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالشِّدَّةِ (قَوْلُهُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ) أَيْ دَرَاهِمَ، أَوْ غَيْرِهَا قَالَ عبق ضَابِطُ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ تَتَوَالَى فِي الطَّعَامِ عُقْدَتَا بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ.

(قَوْلُهُ كَرِزْقِ قَاضٍ) أَيْ كَطَعَامٍ جُعِلَ لِلْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي نَظِيرِ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ فِعْلٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ، وَهُوَ الْحُكْمُ فَأَشْبَهَ الْعَطِيَّةَ (قَوْلُهُ مِمَّا جُعِلَ إلَخْ) أَيْ وَنَحْوُهُمْ مِمَّا جُعِلَ إلَخْ وَالْأَوْلَى مِمَّنْ جُعِلَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي نَظِيرِ قِيَامِهِ بِمَصْلَحَةٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ) أَيْ، وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ قِيَامِهِ بِمَصْلَحَةٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ عبق وَدَخَلَ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ أَيْضًا طَعَامٌ جُعِلَ صَدَاقًا، أَوْ خُلْعًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا مَأْخُوذٌ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْمِثْلِيُّ الْمَبِيعُ فَاسِدًا إذَا فَاتَ وَوَجَبَ مِثْلُهُ، فَالصَّوَابُ كَمَا لَبَن أَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ عَنْ مُتْلَفٍ بِجَامِعِ أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَيْسَتْ اخْتِيَارِيَّةً بَلْ جَرَّ إلَيْهَا الْحَالُ فِي كُلٍّ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَ بِكَيْلٍ) جُمْلَةً حَالِيَّةً مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، أَوْ صِفَةً لَهُ وَقَوْلُهُ بِكَيْلٍ أَيْ كُلُّ إرْدَبٍّ بِكَذَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ بَائِعُهُ اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ وَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ جُزَافًا، أَوْ عَلَى الْكَيْلِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَائِعُهُ اشْتَرَاهُ جُزَافًا، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا بَاعَهُ جُزَافًا، أَوْ عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ مُدَّةَ شَهْرٍ وَكَانَ حِلَابُهَا مَعْلُومًا لَهُ بِالتَّحَرِّي وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ شِيَاهٍ مُعَيَّنَةٍ كَثِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لَبَنَ تِلْكَ الشَّاةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِرَبِّ أَغْنَامٍ، أَوْ بَقَرٍ أَشْتَرِي مِنْك لَبَنَ وَاحِدَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْنِ مَثَلًا شَهْرًا، أَوْ شَهْرَيْنِ بِكَذَا بِشُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى لَبَنِهَا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَأَنْ تَكُونَ الْأَغْنَامُ الَّتِي مِنْهَا الشَّاةُ، أَوْ الشَّاتَانِ مُعَيَّنَاتٍ وَأَنْ تَكُونَ كَثِيرَةً كَعَشَرَةٍ وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ وَأَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ لَا يَنْقُص اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَأَنْ يُعْرَفَ وَجْهُ حِلَابِ تِلْكَ الْأَغْنَامِ بِالتَّحَرِّي وَأَنْ تَكُونَ مُتَقَارِبَةَ اللَّبَنِ وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ فِي إبَّانِ اللَّبَنِ، فَإِنْ وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّمَانِيَةُ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُ لَبَنِ تِلْكَ الشِّيَاهِ قَبْلَ قَبْضِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ جُزَافًا، وَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ. .

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ) لَيْسَ هَذَا عَطْفًا عَلَى الْحَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْمَنْعِ وَمَا هُنَا شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ بَلْ هِيَ حَالٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ حَيْثُ أُخِذَ بِكَيْلٍ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مُنِعَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ كَلَا قَبْضَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا وَكَّلَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا رَهْنًا، أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُعْتَمِدًا عَلَى قَبْضِهِ الْمَعْنَوِيِّ بَلْ حَتَّى يَكِيلَهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ الْأَوَّلَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَبَاعَهُ لَأَجْنَبِيٍّ) رَاجِعٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ أَيْ وَقَبْلَ قَبْضِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ بَاعَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَصَارَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ قَبَضَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ هَكَذَا قِيلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَيْضًا وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يَتَوَالَ فِيهَا عُقْدَتَا بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ بَلْ تَخَلَّلَهُمَا الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ فَالْأَوْلَى أَنَّ تَصَوُّرَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِمَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَبَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ رَاجِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>