ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَائِهِ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْبَطْنَ الثَّانِي بَعْدَ وُجُودِهِ وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي (وَهُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ (الزَّهْوُ) فِي الْبَلَحِ بِاحْمِرَارِهِ أَوْ اصْفِرَارِهِ وَمَا فِي حُكْمِهِمَا كَالْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ (وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ) فِي غَيْرِهِ مِنْ الثِّمَارِ كَالْعِنَبِ (وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ) بِأَنْ يَمِيلَ إنْ انْقَطَعَ إلَى صَلَاحٍ كَالْمَوْزِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَطِيبَ حَتَّى يُدْفَنَ فِي نَحْوِ التِّبْنِ (وَ) هُوَ (فِي ذِي النَّوْرِ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ صَاحِبِ الْوَرَقِ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ (بِانْفِتَاحِهِ) أَيْ انْفِتَاحِ أَكْمَامِهِ فَيَظْهَرُ وَرَقُهُ (وَ) فِي (الْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا) بِأَنْ يُنْتَفَعَ بِهَا فِي الْحَالِ وَذَلِكَ بِاسْتِقْلَالِ وَرَقِهِ وَتَمَامِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ (وَهَلْ هُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ (فِي الْبِطِّيخِ) الْأَصْفَرِ كَالْعَبْدَلِيِّ وَالْخِرْبِزِ وَالْقَاوُونِ وَالضَّمِيرِيِّ (الِاصْفِرَارُ) بِالْفِعْلِ (أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبْطِيخِ) بِأَنْ يَقْرُبَ مِنْ الِاصْفِرَارِ (قَوْلَانِ) وَلَمْ يَذْكُرْ بُدُوَّ صَلَاحِ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ وَلَعَلَّهُ تَلَوَّنَ لُبُّهُ بِالْحُمْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا
وَلَمَّا ذَكَرَ مَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ بِقَوْلِهِ لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلٍ ذَكَرَ مَا لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَهُوَ قِسْمَانِ مَا لَهُ آخِرٌ وَمَا لَا آخِرَ لَهُ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمُشْتَرِي) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (بُطُونُ كَيَاسَمِينٍ) وَوَرْدٍ (وَمَقْثَأَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ كَخِيَارٍ وَقِثَّاءٍ وَبِطِّيخٍ وَكَجُمَّيْزٍ مِنْ كُلِّ مَا يَخْلُفُ وَلَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ أَيْ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ (وَلَا يَجُوزُ) تَوْقِيتُهُ (بِكَشَهْرٍ) كَالْفُولِ لِاخْتِلَافِ حَمْلِهَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ) فِيمَا يَخْلُفُ (إنْ اسْتَمَرَّ) بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا قُطِعَ مِنْهُ شَيْءٌ خَلَفَهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ لَهُ آخِرُ يَنْتَهِي إلَيْهِ (كَالْمَوْزِ) فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ
(وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ) مَعَ سُنْبُلِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَفُولٍ وَذُرَةٍ (أُفْرِكَ) وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْرَهُهُ فَإِنْ وَقَعَ فَاتَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا بِالْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلَ فِي الصَّلَاحِ وَفِي الْمَوَّاقِ سَمَعُ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّجَرَةُ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَلَا يُبَاعُ الْبَطْنُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ بَلْ كُلُّ بَطْنٍ وَحْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ إلَى آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَبْدُوَ طِيبُ الثَّانِي اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَائِهِ) أَيْ فَرَاغِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِهَذَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ الْبَطْنُ الْأُولَى لَا تَفْرُغُ إلَّا بَعْدَ طِيبِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ الْبَطْنُ الثَّانِيَةُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبُطُونَ مُتَمَيِّزَةٌ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ كَالنَّبْقِ وَالْجُمَّيْزِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَطْرَحُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الشِّتَاءِ وَمَرَّةً فِي الصَّيْفِ فَكُلُّ بَطْنٍ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَأَمَّا مَا لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأُولَى لِأَنَّ طِيبَ الثَّانِيَةِ يَلْحَقُ طِيبَ الْأُولَى عَادَةً وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ كَيَاسَمِينٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْبَطْنُ الثَّانِيَةُ الْمُتَمَيِّزَةُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأُولَى لَا يَجُوزُ لِمَنْ اشْتَرَى الْأُولَى اشْتِرَاطُ دُخُولِ الْبَطْنِ الثَّانِيَةِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ اشْتِرَاطِ خِلْفَةِ الْقَصِيلِ لِأَنَّ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ إنَّمَا تَخَلَّفَتْ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْقَصِيلِ بِخِلَافِ الْبَطْنِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ الزُّهُوُّ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَبِضَمِّهِمَا وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي حُكْمِهِمَا) أَيْ وَمَا فِي حُكْمِ الِاحْمِرَارِ وَالِاصْفِرَارِ وَقَوْلُهُ كَالْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ أَيْ كَظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِي الْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ فَهُوَ دَائِمًا أَخْضَرُ لَا يَحْمَرُّ وَلَا يَصْفَرُّ فَزُهُوُّهُ بِظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ نَحْوِ التِّبْنِ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَنَحْوِهِ كَالنُّخَالَةِ (قَوْلُهُ وَفِي ذِي النَّوْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَقَوْلُهُ بِانْفِتَاحِهِ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ أَيْ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي ذِي النَّوْرِ كَائِنٌ بِانْفِتَاحِهِ (قَوْلُهُ وَالْخِرْبِزِ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فَزَايٍ مُعْجَمَةٍ المهناوي (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ بُدُوَّ صَلَاحِ الْبِطِّيخِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَلَا فِي الْحَبِّ وَلَا فِي الْمَرْعَى وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ بِطِيبِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ وَالْبُرُّ وَالْفُولُ وَالْجُلُبَّانُ وَالْحِمَّصُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْحُبُوبِ بُدُوُّ صَلَاحِهَا بِالْيُبْسِ وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبُنْدُقُ وَالْفُسْتُقُ وَأَمَّا الْقَرَظُ وَالْبِرْسِيمُ فَبُدُوُّ صَلَاحِهِ أَنْ يُرْعَى دُونَ فَسَادٍ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْقِثَّاءِ وَالْفَقُّوسِ وَالْخِيَارِ أَنْ يَنْعَقِدَ وَيُوجَدُ لَهُ طَعْمٌ وَكَذَلِكَ الْقَرْعُ وَالْبَاذِنْجَانُ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ
(قَوْلُهُ كَيَاسَمِينٍ) هُوَ مُنَوَّنٌ وَلَا عَلَمِيَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ أَلْ وَالْإِضَافَةَ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ (قَوْلُهُ وَكَجُمَّيْزٍ إلَخْ) أَيْ وَبَاذِنْجَانٍ إنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ بُطُونَ الْجُمَّيْزِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّهَا بِصَلَاحِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا مُنْفَرِدًا عَنْ بَعْضٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَجُوزُ بِكَشَهْرٍ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ بُطُونَهُ مُتَمَيِّزَةٌ وَلَا يُبَاعُ كُلٌّ مِنْ بُطُونِهِ إلَّا مُنْفَرِدًا وَلَا يُبَاعُ الثَّانِي بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُمَّيْزَ يَطْرَحُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ مُتَمَيِّزَتَيْنِ كُلُّ مَرَّةٍ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى بُطُونٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزَةٍ فَتُوجَدُ بُطُونٌ فِي آنٍ ثُمَّ تَنْقَطِعُ ثُمَّ تُوجَدُ بُطُونٌ فِي آنٍ آخَرَ فَهُوَ بِالنَّظَرِ لِلْمَرَّتَيْنِ الْمُتَمَيِّزِ طَرْحُهُ فِيهِمَا كَمَرَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلٍ وَبِالنَّظَرِ لِلْبُطُونِ الْآتِيَةِ فِي آنٍ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ كَيَاسَمِينٍ
(قَوْلُهُ وَمَضَى إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْحَبَّ إذَا بِيعَ قَائِمًا مَعَ سُنْبُلِهِ جُزَافًا بَعْدَ إفْرَاكِهِ وَقَبْلَ يُبْسِهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَإِذَا وَقَعَ مَضَى بِقَبْضِهِ بِحَصَادِهِ وَقَوْلُنَا إذَا بِيعَ قَائِمًا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا جُذَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute