وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْمَنْعِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ وَلِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَعَلَيْهِ بَعْضُهُمْ (قَبْلَ يُبْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَهُ بَلْ اشْتَرَطَ إبْقَاءَهُ لِلْيُبْسِ أَوْ أَطْلَقَ (بِقَبْضِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُضِيِّ أَيْ يَمْضِي بِقَبْضِهِ بِحَصَادِهِ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَيْعُهُ مَعَ سُنْبُلِهِ وَأَمَّا بَيْعُهُ مُجَرَّدًا عَنْ سُنْبُلِهِ قَبْلَ يُبْسِهِ فَمُضِيُّهُ بِكَيْلِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَأَمَّا بَيْعُهُ بَعْدَ يُبْسِهِ مُجَرَّدًا عَنْ سُنْبُلِهِ فَيَجُوزُ عَلَى الْكَيْلِ لَا عَلَى الْجُزَافِ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ وَمَعَ سُنْبُلِهِ يَجُوزُ جُزَافًا لِأَنَّ بَيْعَ الزَّرْعِ الْقَائِمِ جُزَافًا جَائِزٌ
وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مَمْنُوعٌ وَبَعْدَهُ جَائِزٌ بِشَرْطِ عَدَمِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ ذَكَرَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ فَقَالَ (دَرْسٌ)
(وَرُخِّصَ) جَوَازًا (لِمُعْرٍ) وَهُوَ وَاهِبُ الثَّمَرَةِ (وَقَائِمٍ مَقَامَهُ) مِنْ وَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ وَمُشْتَرٍ لِلْأَصْلِ مَعَ الثَّمَرَةِ أَوْ لِلْأَصْلِ فَقَطْ بَلْ (وَإِنْ) قَامَ مَقَامَهُ (بِاشْتِرَاءِ) بَقِيَّةِ (الثَّمَرَةِ) الْمُعْرَاةِ (فَقَطْ) دُونَ أَصْلِهَا (اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ) نَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ أَيْ اشْتِرَاؤُهَا مِنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ أَوْ مِمَّنْ قَامَ مَقَامَهُ (تَيْبَسُ) أَيْ شَأْنُهَا أَنْ تَيْبَسَ بِالْفِعْلِ إنْ تُرِكَتْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لَا أَنَّهَا حِينَ الشِّرَاءِ يَابِسَةٌ وَلَا يَكْفِي يُبْسُ جِنْسِهَا فَيُخْرَجُ عِنَبُ مِصْرَ وَبَلَحُهَا وَزَيْتُونُهَا وَلَوْزِهَا (كَلَوْزٍ) وَجَوْزٍ وَنَخْلٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ وَزَيْتُونٍ فِي غَيْرِ مِصْرَ (لَا كَمَوْزٍ) وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ وَتُفَّاحٍ وَبُرْقُوقٍ لِفَقْدِ يُبْسِهِ لَوْ تُرِكَ وَمِثْلُهُ مَا لَا يَيْبَسُ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يَيْبَسَ كَعِنَبِ مِصْرَ وَنَخْلِهِ كَمَا عُلِمَ بِشُرُوطٍ ثَمَانِيَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَفَظَ) الْمُعْرَى حِينَ الْإِعْطَاءِ (بِالْعَرِيَّةِ) كَأَعْرَيْتُكَ لَا بِلَفْظِ الْعَطِيَّةِ وَلَا الْهِبَةِ وَالْمِنْحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَبَدَا صَلَاحُهَا) وَقْتَ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْعَرِيَّةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَالْفُولِ الْأَخْضَرِ وَكَالْفَرِيكِ فَإِنَّ بَيْعَهُمَا جُزَافًا جَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَقَوْلُنَا مَعَ سُنْبُلِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا بِيعَ وَحْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أُفْرِكَ وَلَمْ يَيْبَسْ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا لِأَنَّهُ مُغَيَّبٌ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْكَيْلِ لِعَدَمِ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِالْيُبْسِ فَإِنْ وَقَعَ وَبِيعَ عَلَى الْكَيْلِ فَإِنَّهُ يَمْضِي بِقَبْضِهِ بِالْكَيْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا وَقَبْلَ يُبْسِهِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بَعْدَ الْيُبْسِ فَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ سُنْبُلِهِ فَإِنْ بِيعَ وَحْدَهُ جَازَ عَلَى الْكَيْلِ لَا جُزَافًا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَرْئِيٍّ وَإِنْ كَانَ مَعَ سُنْبُلِهِ جَازَ عَلَى الْكَيْلِ كَكُلِّ إرْدَبٍّ بِكَذَا وَجُزَافًا (قَوْلُهُ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْمَنْعِ) أَيْ فَتُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ وَلِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَيْ مِنْ كَوْنِ الْكَرَاهَةِ لِلتَّنْزِيهِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ مُخَالِفَةً لِمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ بَقِيَّةَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ فِيهَا الْحُرْمَةُ وَنَصُّهَا وَبَيْعُ الْحَبِّ بَعْدَ إفْرَاكِهِ وَقَبْلَ يُبْسِهِ أَكْرَهُهُ فَإِنْ وَقَعَ وَفَاتَ فَلَا أَرَى أَنَّهُ يُفْسَخُ اهـ قَالَ عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ الْفَوَاتِ هُنَا فَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ إلَى أَنَّهُ الْقَبْضُ بِالْحَصَادِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ الْمُدَوَّنَةَ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَذَهَبَ غَيْرُ أَبِي مُحَمَّدٍ إلَى أَنَّ الْفَوَاتَ بِالْعَقْدِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ بِالْيُبْسِ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالْقَبْضِ بَلْ بِمُفَوِّتٍ بَعْدَهُ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَمَحَلُّ مَنْعِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَمُضِيِّهِ بِالْفَوَاتِ إنْ اشْتَرَى الْحَبَّ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَيْبَسَ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ ذَلِكَ أَمَّا إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَرْكُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ ذَلِكَ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَكَانَ لِمُشْتَرِيهِ تَرْكُهُ حَتَّى يَيْبَسَ كَمَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى وَكَذَا فِي ابْنِ رُشْدٍ لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَيْعِ عَلَى السُّكُوتِ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَمَّا بَيْعُهُ مُجَرَّدًا عَنْ سُنْبُلِهِ) أَيْ عَلَى الْكَيْلِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ ذَكَرَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ وَذَلِكَ لِأَنَّ شِرَاءَ الثَّمَرَةِ الرَّطْبَةِ بِخَرْصِهَا يَابِسًا يَدْفَعُ عَنْهُ الْجُذَاذَ فِيهِ رِبَا نَسَاءٍ تَحْقِيقًا وَرِبَا فَضْلٍ شَكًّا لِأَنَّ الْخَرْصَ لَيْسَ قَدْرَ الثَّمَرَةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَرُخِّصَ) أَيْ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْمَنْعُ لَلرِّبَا بْن (قَوْلُهُ لِمُعْرٍ إلَخْ) قَالَ تت الْعَرِيَّةُ ثَمَرُ نَخْلٍ أَوْ غَيْرُهُ يَيْبَس وَيُدَّخَرُ يَهَبُهَا مَالِكُهَا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِثَمَرٍ يَابِسٍ إلَى الْجُذَاذِ (قَوْلُهُ مِنْ وَارِثٍ) أَيْ لِلْأُصُولِ وَالثَّمَرَةِ بَعْدَ إعْرَاءِ مُوَرِّثِهِ بَعْضَ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ وَمَوْهُوبٍ) أَيْ لَهُ الْأُصُولُ وَالثَّمَرَةُ بَعْدَ إعْرَاءِ بَعْضِ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ مَعَ الثَّمَرَةِ) أَيْ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ الْعَرِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْأَصْلِ فَقَطْ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ بَقِيَّةِ الثَّمَرَةِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ رُخِّصَ إنَّمَا يَتَعَدَّى لِلْمُرَخَّصِ فِيهِ بِفِي يُقَالُ رَخَّصَ الشَّرْعُ لَنَا فِي كَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فِي اشْتِرَاءِ ثَمَرَةٍ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ ضَمَّنَ رَخَّصَ مَعْنَى أُبِيحَ أَوْ أَنَّهُ عَدَّاهُ لِلْمُرَخَّصِ فِيهِ بِنَفْسِهِ تَوَسُّعًا كَمَا فِي {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} [الأعراف: ١٥٥] أَيْ مِنْ قَوْمِهِ (قَوْلُهُ أَيْ اشْتِرَاؤُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ الَّتِي مُنِحَتْ.
(قَوْلُهُ أَوْ مِمَّنْ قَامَ مَقَامَهُ) أَيْ وَهُوَ وَارِثُهُ الَّذِي وَرِثَ تِلْكَ الْعَرِيَّةَ مِنْهُ وَالْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَالْمَوْهُوبُ الَّذِي وَهَبَهَا لَهُ (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ شَأْنِهَا أَنَّهَا تَيْبَسُ وَلَمْ تَكُنْ الْآنَ يَابِسَةً إنْ قُلْت الْمُضَارِعُ يَدُلُّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ قُلْت عُدُولُهُ عَنْ صِيغَةِ الْمَاضِي لِلْمُضَارِعِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُضَارِعِ الِاسْتِقْبَالُ (قَوْلُ وَلَا يَكْفِي يُبْسُ جِنْسِهَا) أَيْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ يُبْسِ شَخْصِهَا (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ ثَمَانِيَةٍ) هَذَا عَدَدٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ عَشَرَةٌ الثَّمَانِيَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا وَالتَّاسِعُ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِخَرْصِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَالْعَاشِرُ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ثَمَرَةٌ تَيْبَسُ (قَوْلُهُ إنْ لَفَظَ بِالْعَرِيَّةِ) أَيْ بِمَادَّتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute