كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الثَّمَنِ إلَى مَا لَزِمَ مَعَ الْفَوَاتِ وَفِي الْمُخْطِئِ الرَّاهِنِ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِلَةِ إلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ لُزُومَهَا لِلْعَاقِلَةِ فَرَهَنَ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي جَمِيعِ الدِّيَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) بِاشْتِرَاطِهِ (فِي قَرْضٍ) جَدِيدٍ اقْتَرَضَهُ مَدِينُهُ فَطَلَبَ مِنْهُ رَهْنًا يَكُونُ فِي الْجَدِيدِ (مَعَ دَيْنٍ قَدِيمٍ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَهُوَ تَوَثُّقُهُ فِي الْقَدِيمِ بِالرَّهْنِ (وَصَحَّ) الرَّهْنُ (فِي الْجَدِيدِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ وَيُحَاصِصُ بِالْقَدِيمِ فَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الِاخْتِصَاصُ بِهِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلرَّاهِنِ لَا الصِّحَّةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْفَسَادِ إذْ هُوَ فَاسِدٌ فَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ الْمَانِعِ فَقَدْ تَجَوَّزَ بِإِطْلَاقِ الصِّحَّةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ.
(وَ) بَطَلَ (بِمَوْتِ رَاهِنِهِ أَوْ فَلَسِهِ) وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ لَا بِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ فَقَطْ، وَكَذَا يَبْطُلُ بِمَرَضِهِ أَوْ بِجُنُونِهِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ (قَبْلَ حَوْزِهِ) أَيْ قَبْضِهِ (وَلَوْ جَدَّ فِيهِ) أَيْ فِي حَوْزِهِ فَلَا يُفِيدُهُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْجَدَّ فِي حَوْزِهِمَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ (وَ) بَطَلَ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ (فِي وَطْءٍ) لِأَمَةٍ مَرْهُونَةٍ (أَوْ) فِي (إسْكَانٍ) لِدَارٍ مَرْهُونَةٍ (أَوْ إجَارَةٍ) لِذَاتٍ مَرْهُونَةٍ (وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ) أَوْ يُؤَاجِرْ أَوْ يَطَأْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْقَوْلِ الضَّعِيفِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الرَّهْنُ جُمْلَةً وَلَا يَرْجِعُ مِنْ جِهَةٍ لِجِهَةٍ أَصْلًا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ فَاتَ (قَوْلُهُ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِلَةِ) الْأَوْلَى مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ إلَى حِصَّتِهِ مِنْهَا فَإِذَا وَفَّى حِصَّتَهُ مِنْهَا أَخَذَ رَهْنَهُ وَلَا يَبْقَى رَهْنًا عَنْ الْعَاقِلَةِ وَهَذَا إذَا خَصَّهُ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ كَانَ غَنِيًّا كَبِيرًا، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنَهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ ظَنَّ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا وَظَنَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ظَنَّ اللُّزُومَ لَيْسَ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ بِاشْتِرَاطِهِ فِي قَرْضٍ جَدِيدٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُعْسِرًا بِهِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْقَدِيمُ مُؤَجَّلًا حِينَ أَخَذَ الرَّهْنَ أَمَّا لَوْ كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ أَجَلُهُ لَصَحَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِ دَيْنِهِ كَانَ تَأْخِيرُهُ كَابْتِدَاءِ سَلَفٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَرِيمُ عَدِيمًا وَكَانَ الرَّهْنُ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمَلِيءِ اُنْظُرْ بْن.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ فِي قَرْضٍ مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ فِي بَيْعٍ جَدِيدٍ لَصَحَّ فِي الْبَيْعِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ كَذَا فِي عبق وَنَحْوُهُ قَوْلُ ح وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الثَّانِي غَيْرَ قَرْضٍ بَلْ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ وَشَرَطَ أَنَّ الْأَوَّلَ دَاخِلٌ فِي رَهْنِ الثَّانِي فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ اهـ وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْحُرْمَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَكَذَا صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْفَلَسِ أَنَّ دَيْنَ الْبَيْعِ مِثْلُ الْقَرْضِ فِي الْفَسَادِ اُنْظُرْ بْن وَعِلَّةُ الْمَنْعِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ حَالًّا اجْتِمَاعَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَالْغَرَرُ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الرَّهْنِ كَذَا فِي بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَانْظُرْ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الِاخْتِصَاصُ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ ح كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نَصٌّ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ لِغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ الْمَانِعِ) أَيْ فَلِأَجْلِ كَوْنِهِ فَاسِدًا يَجِبُ رَدُّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) أَيْ هَذَا إذَا فُلِّسَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بِأَنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ قِيَامِهِمْ عَلَيْهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَفْلِيسُهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ بِأَنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَمَنَعُوهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا بِإِحَاطَةِ إلَخْ) أَيْ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَبْطُلُ بِمَرَضِهِ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْحَوْزُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ وَالْجُنُونِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يَنْفَعُ (قَوْلُهُ فَلَا يُفِيدُهُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُفِيدُ وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْقَوْلِ) أَيْ فَاكْتَفَى فِي حَوْزِهِمَا بِأَدْنَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ رَاهِنِهِ فَلَا بُدَّ فِي حَوْزِهِ مِنْ أَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْقَبْضُ.
(قَوْلُهُ وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْوَطْءِ وَمَا بَعْدَهُ قِيلَ إنَّهُ مُبْطِلٌ لِلْحَوْزِ فَقَطْ، وَقِيلَ إنَّهُ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ وَقَبْلَ فَوَاتِ الرَّهْنِ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ رَدُّ الرَّهْنِ لِحَوْزِهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِبُطْلَانِهِ اُنْظُرْ بْن، وَقَوْلُهُ وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ لِأَمَةٍ مَرْهُونَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْوَطْءِ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ لِجَوَلَانِ يَدِهِ فِي أَمَةِ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَ وَطْءُ غَيْرِ الْبَالِغِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ أَوْ إسْكَانٍ) أَيْ أَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفَ أَوْ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ أَوْ سُكْنَى أَيْ وَبِإِذْنِهِ لَهُ فِي أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ الدَّارَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا (قَوْلُهُ أَوْ إجَارَةٍ) أَيْ أَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي أَنْ يُؤَاجِرَ الذَّاتَ الْمَرْهُونَةَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ حَتَّى يَطَأَ أَوْ يَسْكُنَ أَوْ يُؤَاجِرَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ أَوْ يُؤَاجِرْ أَوْ يَطَأْ) أَيْ فَالْوَطْءُ بِالْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ فَأَوْلَى الْإِحْبَالُ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ نَاجِيٍّ فِي شَرْحَيْهِمَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ كَالتَّصَرُّفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute