فَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ أَحْسَنَ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ الْمَانِعِ (وَتَوَلَّاهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِسْكَانِ وَالْإِجَارَةِ مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ (الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنُ وَهَذَا جَوَابُ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَتَوَصَّلُ الرَّاهِنُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ حَيْثُ كَانَ الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِسْكَانِ مُبْطِلًا مَعَ أَنَّ الْمَنَافِعَ لِلرَّاهِنِ (أَوْ) بِإِذْنِهِ لِلرَّاهِنِ (فِي بَيْعٍ) لِلرَّهْنِ (وَسَلَّمَ) لَهُ الرَّهْنَ (وَإِلَّا) يُسَلِّمْهُ لَهُ (حَلَفَ) أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ أَوْ لِيَأْتِيَ لَهُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ بَدَلَهُ لَا لِيَكُونَ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ (وَبَقِيَ الثَّمَنُ) حِينَئِذٍ رَهْنًا لِلْأَجَلِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الرَّاهِنُ (بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ) فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَفِي كَوْنِهِ يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ (كَفَوْتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ (بِجِنَايَةٍ) عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ) مِنْ الْجَانِي أَوْ قِيمَةُ مَا نَقَصَهُ فَالْمَأْخُوذُ يَبْقَى رَهْنًا إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ.
(وَ) بَطَلَ (بِعَارِيَّةٍ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ (أُطْلِقَتْ) أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رَدٌّ فِي الْأَجَلِ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَهُ (وَ) إنْ لَمْ تُطْلَقْ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالْإِذْنِ كَمَا فِي ح وَابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ) أَيْ وَإِذَا بَطَلَ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ فِعْلٌ هُوَ مَا يُفِيدُ التَّوْضِيحُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ وَعَلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ فِي مَحَلِّهَا، رُدَّ بِهَا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ وَطْءٌ أَوْ إسْكَانٌ أَوْ إجَارَةٌ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ فِعْلٌ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فَلَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَعَلَى هَذَا فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ وَوَفَّقَ أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ بِأَنَّ مَا لَا يُنْقَلُ يَكْفِي فِيهِ الْإِذْنُ كَالْإِجَارَةِ وَالْإِسْكَانِ وَمَا يُنْقَلُ كَالْأَمَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ فِعْلُ الْوَطْءِ وَعَلَى هَذَا التَّوْفِيقُ فَالْمُبَالَغَةُ فِي مَحَلِّهَا لَكِنْ يُحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ قَوْلِهِ وَبِإِذْنٍ فِي وَطْءٍ بِقَوْلِنَا وَوَطِئَ الرَّاهِنُ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ مَشَى فِي المج عَلَى هَذَا التَّوْفِيقِ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ وَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ إجَارَتَهُ مَعَ إذْنِ الرَّاهِنِ لَهُ فَفِي ضَمَانِهِ مَا فَاتَ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ قَوْلًا وَاحِدًا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّ كِرَاءَهُ رَهْنٌ مَعَ رَقَبَتِهِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ كِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَانَ هَذَا قَرِينَةً عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ مِمَّا يُمْكِنُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ وَذَلِكَ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ وَخَرَجَ وَطْءُ الْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ.
(قَوْلُهُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ) أَيْ مَعَ صِحَّةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي بَيْعٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي وَطْءٍ أَيْ وَبَطَلَ الرَّهْنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَهُ لَهُ وَبَاعَهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إنِّي لَمْ آذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ إلَّا لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ لَا لِيَأْخُذَ ثَمَنَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ قَبُولَ قَوْلِهِ فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَلَمْ يَبِعْهُ فَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ أَوْ لَا يَبْطُلُ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ لِإِحْيَائِهِ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ أَيْ وَبَاعَهُ وَهُوَ بَاقٍ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ مَا أَذِنْت لَهُ فِي بَيْعِهِ إلَّا لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ لَا لِيَأْخُذَ ثَمَنَهُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا لِلْأَجَلِ إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَسَلَّمَ لَهُ الرَّهْنَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَضُرُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُسَلِّمْهُ لَهُ) أَيْ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ أَخَذَهُ مَنْ خَلْفَهُ وَبَاعَهُ (قَوْلُهُ حَلَفَ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ الرَّهْنُ وَصَارَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ) أَيْ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ عَفَنٍ أَوْ أَكَلٍ أَوْ سُوسٍ أَوْ عُثَّةٍ.
(قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُمَاثَلَتِهِ لِلْأَوَّلِ فِي الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَفَوْتِهِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَبَقِيَ الثَّمَنُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَتْلَفَتْ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَاحْتَرَزَ بِهَا عَمَّا إذَا لَمْ يُؤْخَذْ لِلْجِنَايَةِ شَيْءٌ بِأَنْ عَفَا الرَّاهِنُ عَنْ الْجَانِي فَإِنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى بِلَا رَهْنٍ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ عَفْوَهُ يَمْضِي وَلَوْ كَانَ مُعْدَمًا فَانْظُرْهُ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ الرَّاهِنُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ رَهْنًا وَإِلَّا عَجَّلَ الدَّيْنَ هَذَا إنْ كَانَ مَلِيًّا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنْ أَتْلَفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ بَقِيَ الْبَاقِي رَهْنًا (قَوْلُهُ فَالْمَأْخُوذُ يَبْقَى رَهْنًا) أَيْ وَيَجِبُ الطَّبْعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَوُضِعَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ وَبِعَارِيَّةٍ أُطْلِقَتْ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْغَيْرُ مِنْ نَاحِيَتِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ كَجَوَلَانِ يَدِهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رَدٌّ فِي الْأَجَلِ) أَيْ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute