(وَفَرْخُ نَخْلٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْفَسِيلِ بِالْفَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ (لَا غَلَّةٌ) كَلَبَنٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَعَسَلِ نَحْلٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ، وَكَذَا الْبَيْضُ بَلْ هِيَ لِلرَّاهِنِ كَأُجْرَةِ الدَّارِ وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَتَدْخُلُ (وَ) لَا (ثَمَرَةٌ وَإِنْ وُجِدَتْ) يَوْمَ الرَّهْنِ، وَلَا تَكُونُ بِإِزْهَائِهَا كَالصُّوفِ التَّامِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَ) لَا (مَالُ عَبْدٍ) إلَّا بِشَرْطٍ (وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ) أَيْ يَجُوزُ وَيَلْزَمُ عَقْدُ رَهْنٍ يُقْبَضُ الْآنَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَقْرَضَهُ اسْتَمَرَّتْ رَهِينَتُهُ بِقَبْضِهِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ (أَوْ بَاعَ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَيْ وَجَازَ الِارْتِهَانُ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا وَيَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي ثَمَنِهِ (أَوْ يَعْمَلْ لَهُ) بِالْجَزْمِ عُطِفَ عَلَى مَحَلِّ أَقْرَضَ أَيْ وَجَازَ الِارْتِهَانُ وَأَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ عَبْدِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ نَسْجِهِ أَوْ حِرَاسَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ بِأَنْ يَدْفَعَ رَبُّ الثَّوْبِ رَهْنًا لِلْخَيَّاطِ مَثَلًا فِي الْأُجْرَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الرَّاهِنِ وَشَمَلَ صُورَةً أَيْضًا وَهِيَ أَنْ يُعَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ دَفْعَ الْأُجْرَةِ لِلْأَجِيرِ وَيَخْشَى أَنْ يُفَرِّطَ فِي الْعَمَلِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْمَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ فِي الْأُجْرَةِ، أَوْ يَسْتَأْجِرُ مِنْ الرَّهْنِ مَنْ يَعْمَلُ هَذَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ فِي إجَارَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (فِي جُعْلٍ) أَيْ عِوَضِ جُعْلٍ بِأَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْآبِقِ مَثَلًا رَهْنًا عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي تَثْبُتُ لَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَهُوَ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِالْعَمَلِ (لَا) يَصِحُّ رَهْنٌ (فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَبَيْعِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهَا إنْ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا (أَوْ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ كَاكْتِرَائِهِ دَابَّةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهُ رَهْنًا، فَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا لِيَسْتَوْفِيَ الْعَمَلَ مِنْهَا لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا يَتَوَهَّمُ وُقُوعُهَا عَاقِلٌ وَأَمَّا إنْ أَخَذَ رَهْنًا عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ مِنْهُ أَوْ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ فَجَائِزٌ.
(وَ) لَا يَصِحُّ رَهْنٌ فِي (نَجْمِ كِتَابَةٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّهُ ذَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ وَفَرْخُ نَخْلٍ) أَيْ وَانْدَرَجَ فِي رَهْنِ النَّخْلِ فَرْخُ النَّخْلِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْفَسِيلِ وَبِالْوَدِيِّ وَبَعْضُهُمْ ضَبَطَهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ انْدَرَجَ فَرْخُ النَّخْلِ فِي رَهْنِهِ (قَوْلُهُ لَا غَلَّةٌ) عَطْفٌ عَلَى صُوفٍ أَيْ لَا يَنْدَرِجُ فِي الرَّهْنِ غَلَّةٌ فَإِذَا رَهَنَ حَيَوَانًا فَلَا تَدْخُلُ غَلَّتُهُ فِي الرَّهْنِ بَلْ لِلرَّاهِنِ أَخْذُهَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَتْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً يَوْمَ الرَّهْنِ وَلَوْ أَزْهَتْ أَوْ يَبِسَتْ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ بِإِزْهَائِهَا كَالصُّوفِ) الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصُّوفِ أَنَّهَا تُتْرَكُ لِتَزْدَادَ طِيبًا فَهِيَ غَلَّةٌ لَا رَهْنٌ وَالصُّوفُ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهِ بَعْدَ تَمَامِهِ بَلْ فِي بَقَائِهِ تَلَفٌ لَهُ فَالسُّكُوتُ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى إدْخَالِهِ اهـ خش وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالثَّمَرَةِ الْيَابِسَةِ (قَوْلُهُ وَلَا مَالُ عَبْدٍ) أَيْ وَلَا يَنْدَرِجُ فِي رَهْنِ الْعَبْدِ مَالُهُ إلَّا بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ) صُورَتُهُ أَنَّهُ يَقُولُ شَخْصٌ لِآخَرَ خُذْ هَذَا الشَّيْءَ عِنْدَك رَهْنًا عَلَى مَا اقْتَرَضْتُهُ مِنْك أَوْ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ مِنْك فُلَانٌ أَوْ عَلَى ثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ فَالرَّهْنُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ صَحِيحٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا قَبْلَ الرَّهْنِ لَكِنْ لَا يَسْتَمِرُّ لُزُومُهُ إلَّا إذَا حَصَلَ بَيْعٌ أَوْ قَرْضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ كَانَ لَهُ أَخْذُ رَهْنِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَارْتَهَنَ أَيْ وَاسْتَمَرَّ لُزُومُ رَهِينَةِ الشَّيْءِ الَّذِي رَهَنَهُ إنْ أَقْرَضَ أَوْ بَاعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّ أَيْ الرَّهْنُ فِيمَا يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَلَزِمَ بِحُصُولِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ اسْتَمَرَّتْ رَهْنِنَّتُهُ) أَيْ اسْتَمَرَّ لُزُومُ رَهْنِنَّتِهِ الْحَاصِلَةِ بِقَبْضِهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يُقْرِضْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ لَهُ أَخْذُ رَهْنِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ صِحَّةَ الرَّهْنِ وَلُزُومَهُ حَاصِلَانِ مِنْ الْآنَ وَالْمُتَوَقِّفُ عَنْ الْقَرْضِ أَوْ الْبَيْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنَّمَا هُوَ اسْتِمْرَارُ اللُّزُومِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَحَلِّ أَقْرَضَ) أَيْ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فِي مَحَلِّ جَزْمِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ) أَيْ كَأَنْ تَسْتَأْجِرَ زَيْدًا عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَك هَذَا الثَّوْبَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغُلَامِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ لَك بِنَفْسِهِ أَوْ بِغُلَامِهِ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ تَسْتَأْجِرَ دَابَّتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِأُجْرَةٍ قَدْرُهَا كَذَا وَتُعْطِيهِ رَهْنًا فِي الْأُجْرَةِ الَّتِي تَجِبُ لَهُ عَلَيْك بَعْدَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ يَكُونُ الرَّهْنُ فِي الْأُجْرَةِ) أَيْ بِحَيْثُ يُبَاعُ الرَّهْنُ وَتُسْتَوْفَى الْأُجْرَةُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُ مِنْ الرَّهْنِ أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ بَلْ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعَمَلُ فِي جُعْلٍ أَيْ فِي عِوَضِ جُعْلٍ أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْجُعْلِ هُنَا الْأُجْرَةُ لَا الْعَقْدُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُعْلَ أَيْ بِمَعْنَى الْأُجْرَةِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا أَيْ حِينَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الدَّابَّةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا (قَوْلُهُ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنِ) أَيْ أَخَذَ الدَّابَّةَ مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ قَلْبِ الْحَقَائِقِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ مِنْهُ) بِأَنْ يَبِيعَهُ وَيَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ أَوْ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ فَجَائِزٌ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْهُونِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا احْتِرَازًا مِنْ الْأَمَانَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ وَدِيعَةً أَوْ قِرَاضًا وَتَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ احْتِرَازًا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَمَنَافِعِهَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ، وَأَمَّا أَخْذُ رَهْنٍ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ أَوْ قِيمَةُ مَنْفَعَتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ ذَاتِ الْمُعَيَّنِ وَقِيمَةَ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ.
(قَوْلُهُ وَفِي نَجْمِ كِتَابَةٍ) الْمُرَادُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute