للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى عَبْدٍ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ فَرْعُ التَّحَمُّلِ وَالْكِتَابَةَ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَلَا آيِلَةٍ لِلُّزُومِ فَلَا يَصِحُّ دَفْعُ رَهْنٍ فِيهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ.

، وَلَمَّا كَانَتْ غَلَّاتُ الرَّهْنِ وَمَنَافِعُهُ لِلرَّاهِنِ تَكَلَّمَ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِهَا لِلْمُرْتَهِنِ بِشُرُوطٍ فَقَالَ (وَجَازَ) لِلْمُرْتَهِنِ (شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ لِنَفْسِهِ مَجَّانًا بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ عُيِّنَتْ) مُدَّتُهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ وَكَانَ (بِبَيْعٍ) أَيْ وَاقِعًا فِي عَقْدِ بَيْعٍ فَقَطْ (لَا) فِي عَقْدِ (قَرْضٍ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ جَائِزٌ وَفِي الْقَرْضِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَيُمْنَعُ شَرْطُهَا وَالتَّطَوُّعُ بِهَا فِي الْقَرْضِ عُيِّنَتْ أَمْ لَا كَالتَّطَوُّعِ بِالْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ شَرْطٌ، وَكَذَا يُمْنَعُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ أَوْ لَا وَهَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَمَانِ صُوَرٍ: الْمَنْعُ فِي سَبْعٍ وَالْجَوَازُ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ (وَفِي ضَمَانِهِ) أَيْ الرَّهْنِ الَّذِي اُشْتُرِطَتْ مَنْفَعَتُهُ لِلْمُرْتَهِنِ مَجَّانًا (إذَا تَلِفَ) عِنْدَهُ فِي الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لِصِدْقِ اسْمِ الرَّهْنِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَأْجَرًا كَسَائِرِ الْمُسْتَأْجَرَاتِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ.

(قَوْلُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِرَهْنٌ وَكَذَا قَوْلُهُ لِلسَّيِّدِ أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَرْهَنَ أَجْنَبِيٌّ لِلسَّيِّدِ رَهْنًا فِيمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ النُّجُومِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَجْنَبِيٌّ صِحَّةُ أَخْذِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي نَجْمٍ أَوْ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ بِيعَ الرَّهْنُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ) أَيْ لِأَنَّ صِحَّةَ رَهْنِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ تَحَمُّلِهِ وَضَمَانِهِ لِذَلِكَ الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَوْ عَجَزَ الْمَضْمُونُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَزِمَ الضَّامِنَ دَفْعُهُ وَالرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِهَا) أَيْ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَكُونُ فِي دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ لَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) أَيْ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا يُسَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ وَالْأَوَّلُ بَيْعٌ وَالثَّانِي إجَارَةٌ. وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ لَمْ تَضِعْ عَلَى الرَّاهِنِ بَلْ وَقَعَتْ جُزْءًا مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا.

(قَوْلُهُ وَالتَّطَوُّعُ بِهَا فِي الْقَرْضِ عُيِّنَتْ أَمْ لَا كَالتَّطَوُّعِ بِالْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهَا هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَكَذَا يُمْنَعُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَتْ (قَوْلُهُ ثَمَانِ صُوَرٍ) حَاصِلُهَا أَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُرْتَهِنُ أَوْ يَتَطَوَّعَ بِهَا الرَّاهِنُ عَلَيْهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَاقِعًا فِي عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَأَخْذُ الْمُرْتَهِنِ لَهَا فِي رَهْنِ الْقَرْضِ مَمْنُوعٌ فِي صُوَرِهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَوْ لَا مُشْتَرَطَةً أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهَا وَفِي رَهْنِ الْبَيْعِ الْمَنْعُ فِي ثَلَاثَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُتَطَوَّعًا بِهَا كَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَطَةً وَلَمْ تُعَيَّنْ مُدَّتُهَا وَالْجَوَازُ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اُشْتُرِطَتْ وَكَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِيهَا إذَا اُشْتُرِطَتْ لِيَأْخُذَهَا مَجَّانًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَوْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ يُعَجَّلُ لَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْبَاقِي يُدْفَعُ لَهُ فِيهِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا امْتَنَعَ لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ يُتْرَكُ لِلرَّاهِنِ جَازَ إلَّا إذَا كَانَ اشْتِرَاطُ أَنَّ الْبَاقِيَ يُتْرَكُ لِلرَّاهِنِ وَاقِعًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَإِلَّا مُنِعَ لِلْغَرَرِ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَبْقَى، وَأَمَّا الصُّوَرُ السَّبْعَةُ الْمَمْنُوعَةُ فَالْمَنْعُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ أَخْذُ الْمُرْتَهِنِ الْمَنْفَعَةَ مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَنْ يَحْسِبَهَا مِنْ الثَّمَنِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِي صُوَرِ الْقَرْضِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إنْ اُشْتُرِطَتْ مَجَّانًا وَإِنْ اُشْتُرِطَ أَخْذُهَا لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ اجْتِمَاعُ السَّلَفِ وَالْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُشْتَرَطَةٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ أَبَاحَ لَهُ الرَّاهِنُ الِانْتِفَاعَ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ وَإِنْ كَانَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ جَرَى عَلَى مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسَامَحَةٌ حَرُمَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِي صُوَرِ الْبَيْعِ أَنَّهَا إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>