للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعْتَادِ وَضْعُهُ فِيهِ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ كَانَ بِهِ إذْ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا، وَفَتْوَى الْبَاجِيَّ ضَعِيفَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ بَلْ بِيَدِ أَمِينٍ أَوْ تَرَكَاهُ فِي مَوْضِعِهِ كَثِمَارٍ بِشَجَرَةٍ وَزَرْعٍ بِأَرْضِهِ أَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَدُورٍ وَعَبِيدٍ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِكَحَرْقِهِ أَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ مُحْرَقًا مَعَ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ أَوْ عِلْمِ احْتِرَاقِ الْمَحَلِّ الْمَوْضُوعِ فِيهِ الرَّهْنُ فَقَطْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ (فَلَا) ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (وَلَوْ اشْتَرَطَ) الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (ثُبُوتَهُ) أَيْ الضَّمَانِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ) وَكَذَا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا يَظْهَرُ (فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ) وَنَحْوِهِ مَعَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ فَيَضْمَنُ بِخِلَافِ لَوْ صَدَّقُوهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَالُوا رَأَيْنَاهَا مَيِّتَةً وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهَا الرَّهْنُ وَحَلَفَ أَنَّهَا الرَّهْنُ (وَحَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ (فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ (أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ) فِي دَعْوَى التَّلَفِ (وَ) أَنَّهُ (لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ) فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ قَالُوا: " وَ " لِلتَّقْسِيمِ بِمَعْنَى أَوْ، وَإِنَّمَا حَلَفَ مَعَ ضَمَانَةِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ عَلَى إخْفَائِهِ رَغْبَةً فِيهِ (وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ) أَيْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ (إنْ قَبَضَ الدَّيْنَ) مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ وُهِبَ) لَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ الْمُرْتَهِنُ لِرَبِّهِ، وَلَا يَكُونُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ عَلَى وَجْهِ التَّوَثُّقِ بِهِ لَا الْأَمَانَةِ (إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ) لِرَبِّهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِيهِ فِي الِاحْتِرَاقِ مِثْلَ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ وَذَكَرَ كَلَامَ الْبَاجِيَّ اهـ.

(قَوْلُهُ الْمُعْتَادُ وَضْعُهُ فِيهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا إذْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَفَتْوَى الْبَاجِيَّ ضَعِيفَةٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ بْن قَدْ اعْتَمَدَ فَتْوَاهُ، وَأَمَّا شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وَغَيْرِهِ فَقَدْ ضَعَّفُوهَا وَصَحَّحُوا الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ وَتَبِعَهُمْ فِي ذَلِكَ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَدُورٍ وَعَبِيدٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ تَعَدٍّ وَإِلَّا ضَمِنَ.

وَمِنْ التَّعَدِّي أَنْ يُسَافِرَ بِالرَّهْنِ أَوْ يَبِيعَ الدَّيْنَ فَيُسَلِّمَ الرَّهْنَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ احْتِرَاقَ الْمَحَلِّ الْمَوْضُوعِ فِيهِ الرَّهْنُ فَقَطْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ) فِيهِ أَنَّ إدْخَالَ هَذَا تَحْتَ إلَّا لَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ وَأَفْتَى بِعَدَمِهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ ثُبُوتَهُ) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ مُتَّهَمًا كَانَ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ) أَيْ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَكَذَّبَهُ الْعُدُولُ صَرِيحًا بِأَنْ قَالُوا إنَّهُ بَاعَهَا وَنَحْوُهُ أَوْ ضَمِنَا بِأَنْ قَالَ جِيرَانُهُ أَوْ الْمُصَاحِبُونَ لَهُ فِي السَّفَرِ لَا نَعْلَمُ مَوْتَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَمَفْهُومُ يُكَذِّبُهُ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْعُدُولُ كَمَا لَوْ قَالُوا إنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَتْ مَعَهُ دَابَّةٌ وَمَاتَتْ وَلَكِنْ لَا نَدْرِي هَلْ هِيَ دَابَّةُ الرَّهْنِ أَوْ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَأَوْلَى إذَا قَالُوا إنَّهَا دَابَّةُ الرَّهْنِ لَكِنْ فِي الْأُولَى لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ أَنَّهَا هِيَ دُونَ الثَّانِيَةِ وَمَفْهُومُ عُدُولٍ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ غَيْرُهُمْ لَمْ يَضْمَنْ لِتَطَرُّقِ التُّهْمَةِ بِكَتْمِهِمْ الشَّهَادَةَ لَهُ بِمَوْتِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَيْ وَكَذَا يَكْفِي فِي تَضْمِينِهِ تَكْذِيبُ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ لِأَنَّهَا دَعْوَى مَالِيَّةٍ يَكْفِي فِيهَا الْعَدْلُ وَالْمَرْأَتَانِ (قَوْلُهُ فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ) الْمُرَادُ دَعْوَاهُ تَلَفَ مَا لَا يَضْمَنُهُ فَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ وَلَا لِمَوْتٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَذِّبَهُ الْعُدُولُ فِي دَعْوَاهُ سَرِقَةَ الدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ أَنَّهَا الرَّهْنُ) أَيْ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ لَا، فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَغَرِمَ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِالْحَلِفِ مَعَ تَضْمِينِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ، فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَقَطْ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَغَرِمَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ إنَّ الْقَوْلَ بِحَلِفِهِ مُطْلَقًا قَوْلُ ابْنِ مُزَيْنٍ قَالَ عِيَاضٌ وَحَمَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا حَلَفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ فِيمَا يَضْمَنُهُ فَأَوْلَى فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ إلَّا أَنَّهُ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ يَحْلِفُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَلَا غُرْمَ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا يَضْمَنُهُ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ: حَلِفُهُ مُطْلَقًا مُتَّهَمًا أَوْ لَا، وَعَدَمُ حَلِفِهِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ إنْ قَبَضَ الدَّيْنَ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُضْمَنُ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ كَالْوَدِيعَةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ وَهَبَ أَيْ هِبَةً يَبْرَأُ بِهَا الْمَدِينُ الَّذِي هُوَ الرَّاهِنُ بِأَنْ وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى هِبَتِهِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ مَعَ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ الدَّيْنَ لِغَيْرِ الْمَدِينِ صَارَ مَنْ عِنْدَهُ الرَّهْنُ أَمِينًا عَلَى الرَّهْنِ لَا مُرْتَهِنًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ ح وَإِذَا وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ، ثُمَّ تَلِفَ الرَّهْنُ فَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ إبْطَالُ الْهِبَةِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ الدَّيْنَ لِأَجْلِ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ مِنْ الرَّهْنِ وَيَلْزَمَ الرَّاهِنَ غُرْمُ الدَّيْنِ وَيَتَقَاصَّانِ، فَإِنْ فَضَلَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ شَيْءٌ دَفَعَهُ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَتَرَدَّدَ ح فَقَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِمَا لِأَشْهَبَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَالِفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>