للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ يَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ) مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ (فَيَقُولَ) رَبُّهُ (اُتْرُكْهُ عِنْدَك) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَمَانَةً، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَالضَّمَانُ، وَلَا مَفْهُومَ لِيَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ بَلْ مَتَى قَالَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ.

، ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا جَنَى الرَّهْنُ بَعْدَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَدَنٍ فَقَالَ (وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ) أَيْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ) بِالْجِنَايَةِ (لَمْ يُصَدَّقْ) الرَّاهِنُ (إنْ أُعْدِمَ) أَيْ إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَلَوْ بِالْبَعْضِ حَالَ اعْتِرَافِهِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَدَفْعِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُصَدَّقْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَيُخَيَّرُ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي تَسْلِيمِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَفِدَائِهِ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَهَذَا فِي رَهْنٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْجِنَايَةُ كَعَبْدٍ، وَأَمَّا حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ جِنَايَةٌ بَلْ إمَّا هَدَرٌ وَإِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْغَيْرِ كَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ وَالرَّاكِبِ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِلَّا) يَكُنْ الرَّاهِنُ مُعْدَمًا بَلْ كَانَ مَلِيًّا (بَقِيَ) الرَّهْنُ عَلَى رَهْنِيَّتِهِ (إنْ فَدَاهُ) رَاهِنُهُ بِأَنْ دَفَعَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ (وَإِلَّا) يَفْدِهِ سَيِّدُهُ الْمَلِيُّ (أَسْلَمَ) الرَّهْنَ وُجُوبًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَكِنْ (بَعْدَ) مُضِيِّ (الْأَجَلِ وَدَفْعِ الدَّيْنِ) لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْجِنَايَةِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ جُبِرَ عَلَى دَفْعِهِ وَعَلَى إسْلَامِهِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَبْقَى رَهْنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنَّهُ فِي حَالِ الْفِدَاءِ يَبْقَى سَاقِطًا حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ وَفِي حَالِ عَدَمِهِ يَبْقَى مَعَهُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَيَقُولُ بِلُزُومِ الْهِبَةِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَصْلٌ يُخَرَّجُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فُعِلَ لِغَرَضٍ فَلَمْ يَتِمَّ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ) أَيْ بَعْدَ بَرَاءَةِ الرَّاهِنِ مِنْهُ بِقَبْضِهِ مِنْهُ أَوْ هِبَتِهِ لَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهُ لَهُ قَبْلَهَا فَأَعْرَضَ الرَّاهِنُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك) أَيْ أَوْ أَبْقِهِ عِنْدَك أَوْ خَلِّهِ عِنْدَك أَوْ دَعْهُ عِنْدَك أَوْ أَمْسِكْهُ عِنْدَك (قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَقُلْ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَالضَّمَانُ) أَيْ بِأَنْ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ مِنْ عِنْدِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْ، وَأَمَّا إذَا أَحْضَرَهُ لَهُ وَدَعَاهُ لِأَخْذِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يَقُلْ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِرُجُوعِهِ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَحْضَرَهُ لَهُ كَفَى ذَلِكَ فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك أَوْ لَا بِأَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْهُ (قَوْلُهُ بَلْ مَتَى قَالَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فِي الثَّانِيَةِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى قَالَ الرَّاهِنُ بَعْدَ بَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحْضَرَهُ لَهُ أَوْ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَهُ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا إذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ أَنَّ الرَّهْنَ جَنَى جِنَايَةً أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ فَقَطْ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا وَقْتَ اعْتِرَافِهِ وَلَوْ بِبَعْضِ الدَّيْنِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَدَفْعِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ خَلَصَ مِنْ الدَّيْنِ تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ الرَّهْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ جِنَايَتَهُ قَبْلَ الِارْتِهَانِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرَّاهِنَ الْمُقِرَّ بِالْجِنَايَةِ مُعْدَمٌ وَالْمُرْتَهِنَ حَائِزُهُ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ إذَا كَانَ مَلِيًّا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ بِالْجِنَايَةِ) أَيْ فَقَطْ دُونَ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ الْجِنَايَةَ لَمْ تَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ حَالَ اعْتِرَافِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ) الْأَوْضَحُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ بَلْ إمَّا هَدَرٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سَائِقٌ وَلَا رَاكِبٌ وَلَا قَائِدٌ (قَوْلُهُ بَلْ كَانَ مَلِيًّا) أَيْ مِنْ حِينِ الِاعْتِرَافِ بِالْجِنَايَةِ لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ بَقِيَ الرَّهْنُ عَلَى رَهْنِيَّتِهِ) أَيْ لِلْأَجَلِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يَفُكَّهُ سَيِّدُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَإِمَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى بَيْعِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى بَقَاءِ الدَّيْنِ أَجَلًا ثَانِيًا بِذَلِكَ الرَّهْنِ أَوْ بِرَهْنٍ بَدَلَهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ الثَّانِي فَكَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَفَعَ الدَّيْنَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ بَقِيَ ذَلِكَ الْجَانِي رَهْنًا لِلْأَجَلِ، فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ أُجْبِرَ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِسْلَامِ ذَلِكَ الْجَانِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ لَوْ أَبَى مِنْ فِدَائِهِ أَوْ لَا وَهُوَ مَلِيٌّ، ثُمَّ أَرَادَهُ حِينَ جَاءَ الْأَجَلُ وَنَازَعَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَسَبَقَ إلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا) أَيْ التَّقْرِيرِ الَّذِي قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْفِدَاءِ وَمَسْأَلَةِ عَدَمِ الْفِدَاءِ (قَوْلُهُ يَبْقَى سَاقِطًا) أَيْ يَبْقَى رَهْنًا حَالَةَ كَوْنِهِ سَاقِطًا حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ يَبْقَى مَعَهُ أَيْ يَبْقَى رَهْنًا مُصَاحِبًا لَهُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا بَقِيَ إنْ فَدَاهُ إذَا اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ الْمَلِيُّ أَنَّهُ جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ، وَأَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الرَّهْنِ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَهُ، ثُمَّ رَهَنَهُ بَقِيَ أَيْضًا رَهْنًا إنْ فَدَاهُ، فَإِنْ أَبَى مِنْ فِدَائِهِ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَحَمُّلِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَأُجْبِرَ عَلَى إسْلَامِهِ مَعَ تَعْجِيلِ الْحَقِّ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>