عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَنْتَهِي شَهَادَتُهُ (إلَى) قَدْرِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَبَالَغَ عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ يَكُونُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ الرَّهْنُ (بِيَدِ أَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ (مَا) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ (لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ) بِأَنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِيَدِهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ بِأَنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ تَلِفَ بِيَدِ أَمِينٍ لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ.
، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّاهِدُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَكَانَتْ أَحْوَالُهُ ثَلَاثًا وَهِيَ شَهَادَتُهُ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لَا يَشْهَدُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ إذْ قَالَ الدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عِشْرُونَ فَقِيمَتُهُ إمَّا عَشَرَةٌ أَوْ عِشْرُونَ فَأَكْثَرُ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَشَارَ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ (وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ) الَّذِي شَهِدَ لَهُ الرَّهْنُ بِقَدْرِ دَيْنِهِ (وَأَخَذَهُ) فِي دَيْنِهِ لِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) الرَّاهِنُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ كَمَا ادَّعَى أَوْ أَكْثَرَ كَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ إلَّا عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ خِبْرَةَ رَبِّهِ تَنْفِي ضَرَرَهُ، فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ الْحَقَّ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَغَرِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ قَائِلًا وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الرَّهْنُ إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ بِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَوَثَّقْ مِنْهُ بِإِشْهَادٍ عَلَى عَيْنِهِ وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلرَّاهِنِ إنْ أَشْبَهَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ شَاهِدٌ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ لِأَصْبَغَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَنْتَهِي شَهَادَتُهُ) أَيْ شَهَادَةُ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ إلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ أَيْ إلَى قَدْرِ بُلُوغِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِذَا قَالَ الرَّاهِنُ الدَّيْنُ خَمْسَةٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عَشَرَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَأَكْثَرَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ دَعْوَى الرَّاهِنِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِيَدِ أَمِينٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ أَمِينٍ فَيَشْهَدُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا بِيَدِ أَمِينٍ فِي كَوْنِهِ شَاهِدًا وَلَغْوُهُ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ الْقَاضِي وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ اهـ وَعَلَيْهِ فَصَوَابُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَنَسَبَ فِي التَّوْضِيحِ التَّصْوِيبَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ) فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَانَ فِي حَوْزِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ شَاهِدًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ أَنَّ الشَّاهِدَ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ لَمْ يَتَمَحَّضْ كَوْنُهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ، وَمَحَلُّ كَوْنِ مَا بِيَدِ الْأَمِينِ مِنْ الرَّهْنِ شَاهِدًا إذَا كَانَ قَائِمًا، وَأَمَّا إذَا فَاتَ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ فَاتَ حِينَئِذٍ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَحَيْثُ فَاتَ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ إلَخْ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ مَعْمُولَةٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّاهِدِ أَيْ وَالرَّهْنُ يَشْهَدُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ مُدَّةَ عَدَمِ فَوَاتِهِ فِي ضَمَانِ رَاهِنِهِ بِأَنْ كَانَ قَائِمًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ قَائِمًا أَيْ مُطْلَقًا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ إلَخْ) بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالدَّيْنُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا رَهْنَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ) يَكُونُ الرَّهْنُ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا وَلَا يَكُونُ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِهِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَهِيَ تَقُومُ مَقَامَهُ وَإِذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَصَارَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ كَدَيْنٍ بِلَا رَهْنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ.
(قَوْلُهُ وَكَانَتْ أَحْوَالُهُ) أَيْ أَحْوَالُ الرَّهْنِ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الْأَحْوَالِ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ إمَّا عَشَرَةٌ) الْأَوْلَى فَقِيمَتُهُ إمَّا عِشْرُونَ فَأَكْثَرُ أَوْ عَشَرَةٌ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَشَارَ لِلْأَوْلَى بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الدَّيْنَ عِشْرُونَ وَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَوُجِدَتْ قِيمَةَ الرَّهْنِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ الدَّيْنَ عِشْرُونَ فَإِذَا حَلَفَ خُيِّرَ الرَّاهِنُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْعِشْرِينَ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا أَوْ يَدْفَعَ لَهُ الرَّهْنَ فِي دَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ وَإِذَا دَفَعَ لَهُ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ إلَّا إذَا حَلَفَ الرَّاهِنُ أَنَّ الدَّيْنَ عَشَرَةٌ بَعْدَ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ عِشْرُونَ فَإِذَا حَلَفَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى دَفْعِ الْعِشْرِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ يَكْرَهُ أَخْذَ الرَّهْنِ لِمَا فِي أَخْذِهِ مِنْ كُلْفَةِ بَيْعِهِ وَخَوْفًا مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ سَلَّمَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ قَدْرَ مَا ادَّعَاهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَيْنُهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ عبق مِنْ الرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فِي هَذِهِ أَيْضًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ افْتَكَّهُ فَهُوَ أَيْ الرَّاهِنُ أَحَقُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ صَادِقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا ادَّعَى) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ) أَيْ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا عُمِلَ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute