للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَشَارَ لِلْحَالَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ زَادَ) قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَوَافَقَتْ قِيمَتُهُ قَوْلَ الرَّاهِنِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ (حَلَفَ الرَّاهِنُ) عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَقَطْ وَأَخَذَهُ وَدَفَعَ مَا أَقَرَّ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَقَصَ) قَوْلُ الرَّاهِنِ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّهُ زَادَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى قِيمَتِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ (حَلَفَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ وَيَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ (وَأَخَذَهُ) الْمُرْتَهِنُ (إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) الرَّاهِنُ (بِقِيمَتِهِ) وَهُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهَا وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ) رَهْنٍ (تَالِفٍ) عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لِتَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ لِيَغْرَمَهَا الْمُرْتَهِنُ حَيْثُ تَوَجَّهَ الْغُرْمُ عَلَيْهِ (تَوَاصَفَاهُ، ثُمَّ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى الصِّفَةِ (قَوْمٌ) مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَقُضِيَ بِقَوْلِهِمْ وَكَفَى الْوَاحِدُ عَلَى مَا رَجَّحَ هُنَا (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِي صِفَتِهِ (فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا يَسِيرًا؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ لِقِلَّةِ مَا ذَكَرَهُ جِدًّا (فَإِنْ تَجَاهَلَا) بِأَنْ قَالَ كُلٌّ لَا عِلْمَ لِي (فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ) وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ (وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) بِهَا (إنْ بَقِيَ) لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ؛ لِأَنَّهَا شَاهِدَةٌ وَالشَّاهِدُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ (وَهَلْ) تُعْتَبَرُ (يَوْمَ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ الرَّهْنِ) لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَرْهَنُونَ مَا يُسَاوِي دُيُونَهُمْ غَالِبًا (إنْ تَلِفَ) مُقَابِلُ إنْ بَقِيَ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ وَهُوَ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إذَا حَلَفَ أَوْ نَكَلَ (قَوْلُهُ حَلَفَ الرَّاهِنُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَقَوْلُهُ وَأَخَذَهُ أَيْ الرَّهْنَ، وَقَوْلُهُ وَدَفَعَ أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ) أَيْ وَهُوَ عِشْرُونَ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ أَيْضًا عُمِلَ بِقَوْلِ الرَّاهِنِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي صُورَتَيْنِ إذَا حَلَفَ وَحْدَهُ أَوْ نَكَلَا مَعًا.

(قَوْلُهُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَيَحْلِفُ الرَّاهِنُ أَنَّ الدَّيْنَ عَشَرَةٌ وَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ عِشْرُونَ وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ قِيمَةُ الرَّهْنِ فَقَطْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِعَشْرَيْنِ وَأَقَامَ شَاهِدًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ فَقَطْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَدَّعِي أَنَّ الرَّهْنَ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَأَنَّ شَهَادَتَهُ سَارِيَةٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ، وَالْيَمِينُ تَابِعَةٌ لِلشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ لِأَنَّ الرَّهْنَ كَالشَّاهِدِ لِقِيمَتِهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَبْدَأُ بِالْحَلِفِ إلَّا مَنْ تَقَوَّى جَانِبُهُ وَقِيمَةُ الرَّهْنِ قَرِيبَةٌ مِنْ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَقَدْ تَقَوَّى جَانِبُهُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ فَلَوْ أَخَذَهُ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ الرَّاهِنُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ، فَإِنْ افْتَكَّهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَهِيَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَخَذَهُ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَفْتَكَّهُ فَلَا يَفْتَكُّهُ إلَّا بِمَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِشْرُونَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ هُنَا فَكُّهُ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ لَا بِمَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لِدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَتِهِ، وَأَخْذُهُ فِيمَا مَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِشَهَادَةِ الرَّهْنِ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَكَفَى الْوَاحِدُ) أَيْ فِي التَّقْوِيمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّهُ إعْلَامٌ بِالْقِيمَةِ لَا مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا رُجِّحَ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَجَاهَلَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَجَهِلَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ صِفَتَهُ وَقِيمَتَهُ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَعْلَمُ قِيمَتَهُ الْآنَ وَلَا صِفَتَهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَدْرِي هَلْ يَفْضُلُ لَهُ شَيْءٌ عِنْدَ صَاحِبِهِ أَمْ لَا؟ وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَيْمَانِهِمَا كَتَجَاهُلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الثَّمَنَ أَوْ لَا؟ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ، فَإِنْ تَجَاهَلَا أَنَّهُ لَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا وَعَلِمَهُ الْآخَرُ حَلَفَ الْعَالِمُ عَلَى مَا ادَّعَى، فَإِنْ نَكَلَ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ) أَيْ فَالرَّهْنُ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ) الْكَلَامُ هُنَا فِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِتَكُونَ شَاهِدَةً فِي قَدْرِ الدَّيْنِ لَا لِتُضْمَنَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بَاقِيًا لَا تُضْمَنُ قِيمَتُهُ، وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ لِتُضْمَنَ قَبْلَ يَوْمِ قَبْضِ الرَّهْنِ، وَقِيلَ يَوْمَ التَّلَفِ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُرَ عِنْدَهُ مِنْ حِينِ أَخْذِهِ فَالضَّمَانُ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ وَإِنْ رُئِيَ عِنْدَهُ بَعْدَهُ فَمِنْ يَوْمِ التَّلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ بِقَدْرِ الدَّيْنِ خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَدْرَ الدَّيْنِ هُوَ الَّذِي يُحْكَمُ بِهِ لَا الْقِيمَةُ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَاخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ لِتَكُونَ شَاهِدَةً لِأَيِّهِمَا لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَوْمَ التَّلَفِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا تَلِفَ وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لِتَكُونَ شَاهِدَةً يَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ كَانَتْ شَاهِدَةً إلَى وَقْتِ الضَّيَاعِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ قِيمَتُهُ شَاهِدَةً وَقْتَ الضَّيَاعِ أَوْ تُعْتَبَرُ يَوْمَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ كَالشَّاهِدِ يَضَعُ خَطَّهُ وَيَمُوتُ فَيُرْجَعُ لِخَطِّهِ فَيُقْضَى بِشَهَادَتِهِ يَوْمَ وَضَعَهَا أَوْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِارْتِهَانِ أَيْ يَوْمَ عَقْدِ الرَّهْنِ؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهَا الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ الرَّهْنِ) أَيْ الِارْتِهَانِ أَيْ يَوْمَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ يَوْمَ الْقَبْضِ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ يَوْمِ الِارْتِهَانِ (قَوْلُهُ إنْ تَلِفَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ يَوْمَ التَّلَفِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَلِفَ مَدْخُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>