للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ كَانَ صَحِيحًا لَا مَرِيضًا (وَ) لَا مَنْعُهُ مِنْ (رَهْنِهِ) أَيْ رَهْنِ بَعْضِ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ فِي مُعَامَلَةٍ حَدَثَتْ اُشْتُرِطَ فِيهَا الرَّهْنُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَالرَّاهِنُ صَحِيحٌ وَأَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ بِأَنْ لَا يَرْهَنَ كَثِيرًا فِي قَلِيلٍ فَشُرُوطُ عَدَمِ الْمَنْعِ سِتَّةٌ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الثَّابِتُ مِنْ قَبْلُ فَلَا يَرْهَنُ فِيهِ (وَفِي) جَوَازِ (كِتَابَتِهِ) لِرَقِيقِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَمَنْعُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ كَاتَبَهُ بِكِتَابَةِ مِثْلِهِ لَا أَقَلَّ فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا، وَلَا أَكْثَرَ فَيَجُوزُ قَطْعًا (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (التَّزَوُّجُ) وَوَطْءُ مِلْكِهِ وَشِرَاءُ جَارِيَةٍ (وَفِي تَزَوُّجِهِ أَرْبَعًا وَتَطَوُّعِهِ بِالْحَجِّ تَرَدُّدٌ) لِابْنِ رُشْدٍ وَحْدَهُ وَالْمُخْتَارُ الْمَنْعُ فِيمَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ تُعِفُّهُ وَحَجُّ التَّطَوُّعِ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ الْمَنْعُ فَلَوْ قَالَ وَلَهُ تَزَوُّجُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ لَا حَجَّةُ فَرِيضَةٍ لَطَابَقَ النَّقْلَ.

، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى التَّفْلِيسِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَى مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَا بِيَدِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ فَقَالَ (وَفُلِّسَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْمَدِينُ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِأَنَّ ذَلِكَ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ أَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ فَهُوَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ صَحِيحًا لَا مَرِيضًا) هَذَا هُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْمَرِيضَ تَنْقَطِعُ مُعَامَلَتُهُ أَوْ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ بِالْمَوْتِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا لِبَعْضِهِمْ مُقَابِلًا لَهُ وَأَنَّ الْمَرِيضَ كَالصَّحِيحِ فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَشُرُوطُ عَدَمِ الْمَنْعِ) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ سِتَّةٌ مُسَاقُهَا هَكَذَا: أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ بَعْضَ مَالِهِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي مُعَامَلَةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ قَدْ اُشْتُرِطَ فِي تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ صَحِيحًا، وَأَنْ يُصِيبَ وَجْهَ الرَّهْنِ: قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْجَوَازَ مُطْلَقٌ وَتَعَقَّبَ شَيْخُنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِيمَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ الْأُوَلُ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فَلَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ بِالْمُعَامَلَةِ الْحَادِثَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِاشْتِرَاطِ الرَّهْنِ وَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِعَدَمِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ إقْرَارًا، وَأَمَّا كَوْنُ الرَّاهِنِ صَحِيحًا فَالْمَرِيضُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي إعْطَاءِ الْبَعْضِ كَمَا فِي بْن عَنْ ح اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَدِينِ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنْ يَرْهَنَ بَعْضَ مَا بِيَدِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ أَوْ قَدِيمَةٍ عَلَى الْإِحَاطَةِ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَدِينُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ أَيْ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ) أَيْ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ، وَأَمَّا الْمُفْلِسُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْمَالِ الْمَوْجُودِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَفِي تَزَوُّجِهِ أَرْبَعًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ غَيْرُ جَارٍ فِي تَزَوُّجِهِ ثَانِيَةً زَائِدَةً عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْعَفَافُ وَغَيْرُ جَارٍ فِي تَزَوُّجِهِ ثَالِثَةً زَائِدَةً عَلَى الثَّانِيَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْعَفَافُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّرَدُّدُ جَارٍ فِي كُلِّ مَا زَادَ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَفَافُ لَا فِي خُصُوصِ الْأَرْبَعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِابْنِ رُشْدٍ) أَيْ فَهُوَ تَرَدُّدٌ لِوَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَاهُ التَّجَبُّرُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ تُعِفُّهُ) أَيْ لِأَنَّهَا تُعِفُّهُ عَادَةً، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ تَرَدُّدِ ابْنُ رُشْدٍ وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ مِنْ تَزَوُّجِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِعِفَّتِهِ بِهَا عَادَةً، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ جَوَازِ تَزَوُّجِهِ بِالْوَاحِدَةِ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تُشْبِهُ نِسَاءَهُ لَا إنْ كَانَتْ أَعْلَى وَأَنْ يُصْدِقَهَا مِثْلَ صَدَاقِهَا، فَإِنْ أَصْدَقَهَا أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَلِغُرَمَائِهِ الزَّائِدُ يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ دَيْنًا لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ مَالِكٍ) أَيْ وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ مَالِكٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى التَّفْلِيسِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِتَفْلِيسٍ بَلْ حَالَةٌ قَبْلَهُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ يُشِيرُ لِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ التَّفْلِيسُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدِينَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

الْحَالَةُ الْأُولَى إحَاطَةُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إتْلَافُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا حَبْسٌ وَلَا إقْرَارٌ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَإِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ إبْطَالُهُ وَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ مَالِيًّا وَإِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ فَيَسْجُنُونَهُ أَوْ يَقُومُونَ عَلَيْهِ فَيَسْتَتِرُ مِنْهُمْ فَلَا يَجِدُونَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>