للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَخَذَ مَلِيءٌ) أَوْ حَاضِرٌ أَوْ حَيٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ (عَنْ مُعْدَمٍ) وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ مِنْهُمْ (مَا لَمْ يُجَاوِزْ) دَيْنُ الطَّارِئِ (مَا قَبَضَهُ) لِنَفْسِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنْ جَاوَزَهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ أَكْثَرَ فَهَذَا خَاصٌّ بِمَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْوَارِثُ لِلطَّارِئِ مَعَ الشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ (رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ) بِمَا دَفَعَهُ لِلطَّارِئِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَفِيهَا) أَيْضًا (الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ عَدِيمًا فَعَلَى الْوَارِثِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَيْهِ (وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ) لَا وَيُحْمَلُ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (عَلَى التَّخْيِيرِ) أَيْ أَنَّ الطَّارِئَ مُخَيَّرٌ فِي رُجُوعِهِ ابْتِدَاءً عَلَى الْغَرِيمِ أَوْ عَلَى الْوَارِثِ، فَإِنْ رَجَعَ ابْتِدَاءً عَلَى الْوَارِثِ رَجَعَ الْوَارِثُ عَلَى الْغَرِيمِ (تَأْوِيلَانِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ مَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا يَسْهُلُ الْأَخْذُ مِنْهُ عَنْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ كَانَ الْأَخْذُ مِنْهُ أَسْهَلَ لِعَدَمِ الْآخَرِ أَوْ لَدَدِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْغُرَمَاءُ بِالْغَرِيمِ الطَّارِئِ أَنْ يَكُونُوا كَالْوَرَثَةِ يُؤْخَذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ أَيْ لَا مِنْ كُلٍّ حِصَّتُهُ فَقَطْ، وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْوَارِثُ وَقَبَضَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَبْلَغِ التَّرِكَةِ كُلِّهَا لَا بِمَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ (فَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ) غَرِيمٍ (غَائِبٍ عُزِلَ لَهُ) أَيْ عَزَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ الْقَسْمِ (فَمِنْهُ) أَيْ فَضَمَانُهُ مِنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ نَائِبَهُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا فَرَّطَ، فَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ بِشَيْءٍ وَضَمَانُهَا مِمَّا ضَاعَ فَلَوْ عَزَلَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ فَضَاعَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ (كَعَيْنٍ) أَيْ نَقْدِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَقْفٍ) مِنْ الْحَاكِمِ (لِغُرَمَائِهِ) فَتَلِفَ فَمِنْهُمْ لِتَفْرِيطِهِمْ فِي قَسْمِهَا إذْ لَا كُلْفَةَ فِي قَسْمِ الْعَيْنِ (لَا عَرْضٍ) وُقِفَ لِلْغُرَمَاءِ لِيُعْطَى لَهُمْ إنْ وَافَقَ دَيْنَهُمْ أَوْ لِيُبَاعَ لَهُمْ إنْ خَالَفَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِهَذَا (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ إلَخْ) مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ فِي طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى غُرَمَاءِ مَيِّتٍ أَوْ مُفَلَّسٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَخَذَ إلَخْ فِي طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى وَرَثَةٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ مِيرَاثًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ مُشْتَهِرًا بِالدَّيْنِ أَوْ لَا عَلِمُوا بِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ لَا، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ حَقُّ الطَّارِئِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ وَإِلَّا فَلَا يَدْفَعُ لَهُ إلَّا مَا قَبَضَهُ فَقَطْ وَيَرْجِعُ ذَلِكَ الطَّارِئُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانُوا أَمْلِيَاءَ أَوْ عَلَى الْمَلِيءِ مِنْهُمْ، فَإِنْ أُعْدِمُوا كُلُّهُمْ لَمْ يَرْجِعْ بِذَلِكَ الْبَاقِي عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ عَنْ مُعْدَمٍ وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأَخَذَ مَلِيءٌ أَوْ حَاضِرٌ أَوْ حَيٌّ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ) أَيْ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شُهْرَةُ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ وَلَا عِلْمُ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ خَاصٌّ بِمَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمُقْبِضُ لِغَيْرِهِ فَلَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ اُشْتُهِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَرِيمِ إذَا حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ اهـ بْن وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي المج مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ بِحَمْلِهِمَا عَلَى التَّخْيِيرِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ كَمَا هُوَ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ الْغُرَمَاءُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ طُرُوُّ الْغَرِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ لِغَرِيمٍ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونُوا كَالْوَرَثَةِ) أَيْ الْقَابِضِينَ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْوَارِثُ) أَيْ حِينَ الْقَسْمِ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ الطَّارِئِ، وَقَوْلُهُ بِمَبْلَغِ التَّرِكَةِ أَيْ إذَا كَانَ دَيْنُهُ يَسْتَغْرِقُهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ لَا بِمَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمَتْنِ هُنَا مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَرِيمِ الطَّارِئِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ قَسْمُ مَالِ الْمُفَلَّسِ أَوْ الْمَيِّتِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ جَمِيعِهِمْ بَلْ يُقْسَمُ وَلَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ وَالْحَاكِمُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فَيَعْزِلُ نَصِيبَهُ إلَى قُدُومِهِ بَيَّنَ حُكْمَ تَلَفِ ذَلِكَ النَّصِيبِ الْمَعْزُولِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَلِفَ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ ضَمَانَ نَصِيبِ الْغَائِبِ الْمَعْزُولِ لَهُ مِنْهُ إنْ عَزَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ لَا مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا مِنْ الْمِدْيَانِ وَإِنْ عَزَلَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْغُرَمَاءُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ وَمَحَلُّ كَوْنِ ضَمَانِ مَا عَزَلَهُ الْحَاكِمُ مِنْ الْغَائِبِ إذَا كَانَ ذَلِكَ النَّصِيبُ الْمَعْزُولُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَإِلَّا يَكُنْ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ بَلْ عُزِلَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ فَضَاعَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ.

(قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا اتَّبَعَتْ ذِمَّتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا تَرَتَّبَ ظُهُورُ مَالٍ لَهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ضَاعَ الْمَالُ عَلَى أَرْبَابِهِ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ) أَيْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ أَيْضًا بِالْحِصَّةِ الَّتِي كَانَتْ تُؤْخَذُ مِنْ نَصِيبِ الْغَائِبِ لَوْ بَقِيَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَائِبِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ قَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَزَاهُ الْمَازِرِيُّ لِمَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ مِنْ رُجُوعِ الطَّارِئِ عَلَى الْغَائِبِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا ضَاعَ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وُقِفَ لَهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَهَلَكَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ كَعَيْنٍ إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ دَيْنُهُمْ عَيْنًا، وَنَحْوُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ اهـ بْن فَعَلَى هَذَا لَوْ وُقِفَتْ الْعَيْنُ لِيَشْتَرِيَ لَهُمْ بِهَا مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ فَضَاعَتْ كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وُقِفَ لِغُرَمَائِهِ) أَيْ وُقِفَ لِيُقْسَمَ عَلَى غُرَمَائِهِ (قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ تَفْرِيطٌ لَا يَضْمَنُونَ وَظَاهِرُ النَّقْلِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلنَّمَاءِ فَلَمَّا وُقِفَتْ لِلْغُرَمَاءِ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>