للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَضَاعَ فَعَلَى الْمُفَلَّسِ أَوْ الْمَيِّتِ وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ (وَهَلْ) عَدَمُ ضَمَانِهِمْ الْعَرْضَ كَانَ مِثْلَ دَيْنِهِمْ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْجِنْسِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْعَرْضُ (بِكَدَيْنِهِ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِصِفَةِ دَيْنِ الْغَرِيمِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْغَرِيمِ كَالْعَيْنِ (تَأْوِيلَانِ) وَلَوْ حَذَفَ الْبَاءَ لَكَانَ أَوْضَحَ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ وَبِيعَ مَالُهُ إلَخْ قَوْلَهُ

(وَتَرَكَ لَهُ) أَيْ لِلْمُفَلَّسِ الْأَخَصِّ مِنْ مَالِهِ (قُوتَهُ) أَيْ مَا يَقْتَاتُ بِهِ مِمَّا تَقُومُ بِهِ الْبِنْيَةُ لَا مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ (وَالنَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ) لِغَيْرِهِ كَزَوْجَاتِهِ وَوَالِدَيْهِ وَأَوْلَادِهِ وَرَقِيقِهِ الَّذِي لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ كَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرِهِ (لِظَنِّ يَسْرَتِهِ) أَيْ إلَى وَقْتٍ يُظَنُّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ مَا يَتَأَتَّى بِهِ الْمَعِيشَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ بِالتَّبِعَاتِ وَالْمَظَالِمِ فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقُهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْأَمْوَالِ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ (وَ) يَتْرُكُ لَهُمْ أَيْضًا (كِسْوَتَهُمْ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (دَسْتًا) بِدَالٍ مَفْتُوحَةٍ وَسِينٍ مُهْمَلَتَيْنِ مُقَابِلَ ثِيَابِ الزِّينَةِ (مُعْتَادًا) كَقَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَيُزَادُ لِلْمَرْأَةِ مِقْنَعَةٌ وَإِزَارٌ وَلِخَوْفِ شِدَّةِ بَرْدٍ مَا يَقِيهِ (وَلَوْ وَرِثَ) الْمُفَلَّسُ (أَبَاهُ) أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (بِيعَ) فِي الدَّيْنِ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَعَتَقَ الْبَاقِي إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ضَمَانُهَا مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْعَرْضِ فَإِنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ فَلَيْسَ بِمُجَرَّدِ وَقْفِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَضَاعَ) أَيْ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُمْ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ بَيْعِهِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ) أَيْ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَالْحَيَوَانَ وَالثِّيَابَ وَالْكُتُبَ (قَوْلُهُ وَهَلْ عَدَمُ ضَمَانِهِمْ) أَيْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَدَمُ ضَمَانِ الْغَرِيمِ لِلْعَرْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَرْضُ مُمَاثِلًا لِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْإِطْلَاقُ لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَالتَّقْيِيدُ لِابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِهِمْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ إنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْقَسْمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ مِنْهُمْ وَضَمَانُ الْعَرْضِ مِنْ الْمَدِينِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي فَهْمِ قَوْلِهِ وَضَمَانُ الْعَرْضِ مِنْ الْمَدِينِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مُقَيَّدٌ بِالْعَرْضِ الْمُخَالِفِ لِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَوُقِفَ لِيُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُ دَيْنِهِمْ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِدَيْنِهِمْ وَوُقِفَ لِيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ فَضَمَانُهُ مِنْهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ ضَمَانُ الْعَرْضِ الْمَوْقُوفِ مِنْ الْمَدِينِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُهُ حَيْثُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقَ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلدَّيْنِ لَا يُعْطَى حُكْمُ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ لَوْ حَصَلَ فِيهِ نَمَاءٌ كَانَ رِبْحُهُ لِلْمُفَلَّسِ وَمَنْ لَهُ النَّمَاءُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ قَالَ طفي وَالتَّأْوِيلَانِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا اُنْظُرْ قَوْلَهُ تَأْوِيلَانِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الَّذِي أَوْقَفَ الْعَرْضَ لِلْغَرِيمِ الْقَاضِي لَا الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمِدْيَانِ اتِّفَاقًا اهـ خش.

(قَوْلُهُ لَا مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ يَقْتَاتُ بِطَعَامٍ فِيهِ تَرَفُّهٌ فَلَا يَتْرُكُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ فَيَتْرُكُ لَهُ مَا تَقُومُ بِهِ الْبِنْيَةُ لَا مَا فِيهِ تَرَفُّهٌ (قَوْلُهُ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لَا بِالِالْتِزَامِ لِسُقُوطِهَا بِالْفَلَسِ (قَوْلُهُ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ جَامِدًا فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ وَهُوَ الْمُقْتَاتُ أَيْ مَا يُقْتَاتُ بِهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ يُتْرَكُ لَهُ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِتَرَكَ عَلَى أَنَّهُ غَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ تَرَكَ لَهُ تَرْكًا مُسْتَمِرًّا لِظَنِّ يَسْرَتِهِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ فِي لَحْظَةٍ فَلَا اسْتِمْرَارَ فِيهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَلَالٌ وَأَقَلُّهُ حَرَامٌ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ وَالْقَلِيلُ مِنْهُ حَلَالٌ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَرَاهَةُ مُعَامَلَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْمُحَرِّمِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ كُلُّ مَالِهِ حَرَامٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ فَهَذَا تُمْنَعُ مُعَامَلَتُهُ وَمُدَايَنَتُهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ مِثْلُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ لَا مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَسَبِيلُ مَالِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ لِأَرْبَابِهِ سَبِيلُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَيْسَ إلَّا، وَقِيلَ يُصْرَفُ فِي جَمِيعِ مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ كَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَسَدِّ الثُّغُورِ وَاخْتُلِفَ إذَا نُزِعَ مِنْهُ لِيُصْرَفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يُتْرَكُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَالْمَظَالِمُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) أَيْ جَوْعَتَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَكَلَامُ ح فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِمْ أَيْ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ فَإِنَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ بِيعَ إلَخْ) قَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ وَرِثَ الْمُفَلَّسُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَمَنَعُوهُ التَّصَرُّفَ أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ مِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ شِرَاءِ الْمُفَلَّسِ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ.

وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ شِرَاءَهُ مَمْنُوعٌ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ الْوُقُوعِ فَاسِدٌ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَوْ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا هُوَ مُحَصَّلُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَصَرُّفِهِ الْمَالِيِّ فَلَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>