للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَنْ ذَكَرَ (لِبُلُوغِهِ) فَإِذَا بَلَغَ الذَّكَرُ رَشِيدًا ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فَسَادٌ أَوْ هَلَاكٌ فَيَمْنَعُهُ الْأَبُ أَوْ مَنْ ذَكَرَ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا إلَى سُقُوطِ حَضَانَتِهَا بِالْبِنَاءِ بِهَا ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ خَمْسَةً ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُشْتَرَكَةٌ وَاثْنَانِ مُخْتَصَّانِ بِالْأُنْثَى فَقَالَ (بِثَمَانِ عَشْرَةَ) سَنَةً أَيْ بِتَمَامِهَا وَقِيلَ بِالدُّخُولِ فِيهَا (أَوْ الْحُلُمِ) أَيْ الْإِنْزَالِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْإِنْزَالَ فِي النَّوْمِ (أَوْ الْحَيْضُ أَوْ الْحَمْلُ) بِالنِّسْبَةِ لِلْأُنْثَى (أَوْ الْإِنْبَاتُ) أَيْ النَّبَاتُ الْخَشِنُ لَا الزَّغَبُ لِلْعَانَةِ لَا لِلْإِبْطِ أَوْ اللِّحْيَةِ أَوْ الشَّارِبِ فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ (وَهَلْ) النَّبَاتُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ مِمَّا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ وَحَقِّ الْعِبَادِ مِنْ طَلَاقٍ وَقِصَاصٍ وَحَدٍّ مِمَّا يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ (إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْبَاطِلِ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا حَدٌّ وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ وَيَحْكُمُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ (تَرَدُّدٌ) وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ وَبَقِيَ مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ نَتِنُ الْإِبْطِ وَفَرْقُ الْأَرْنَبَةِ وَغِلَظُ الصَّوْتِ (وَصُدِّقَ) الصَّبِيُّ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا كَمُطَلِّقٍ وَجَانٍّ ادَّعَى عَدَمَهُ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ وَكَمُدَّعٍ وُجُودَهُ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ فِي الْجِهَادِ أَوْ لِيَؤُمَّ النَّاسَ أَوْ لِيَكْمُلَ بِهِ عَدَدُ جَمَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ (إنْ لَمْ يُرَبْ) أَيْ يُشَكَّ فِي شَأْنِهِ فَإِنْ اُرْتِيبَ فِيهِ لَمْ يُصَدَّقْ لَكِنْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ كَأَنْ ادَّعَى الْبُلُوغَ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ بَالِغٌ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَخَالَفَهُ أَبُوهُ فِي بُلُوغِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهُ فِي الْجِنَايَةِ وَالطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ لِدَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ وَاسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي قَوْلِهِ لِحِفْظِ مَالِ الْأَبِ بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ حَجْرُ الْحَضَانَةِ مِنْ تَدْبِيرِ نَفْسِهِ وَصِيَانَةِ مُهْجَتِهِ مِنْ الْهَلَاكِ أَوْ الْفَسَادِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْحَاكِمِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ) أَيْ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الذَّهَابِ لِانْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَاتِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى بَلَغَ عَاقِلًا زَالَ عَنْهُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَيْثُ تَدْبِيرُ نَفْسِهِ وَصِيَانَةُ مُهْجَتِهِ إذْ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مِنْ وُقُوعِ نَفْسِهِ فِي مَهْوَاةٍ أَوْ فِيمَا يُؤَدِّي لِقَتْلِهِ أَوْ عَطَبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الذَّهَابِ حَيْثُ شَاءَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ لِجَمَالِهِ مَثَلًا وَإِلَّا كَانَ لِأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ النَّاسِ أَجْمَعِينَ مَنْعُهُ.

(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا) أَيْ وَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْإِنْزَالُ) أَيْ إنْزَالُ الْمَنِيِّ مُطْلَقًا فِي نَوْمٍ أَوْ يَقِظَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ لِلْحُلُمِ الْإِنْزَالَ فِي النَّوْمِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْحَيْضُ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي جَلْبِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عَلَامَةً اهـ خش.

(قَوْلُهُ: أَيْ النَّبَاتُ الْخَشِنُ) أَيْ النَّبَاتُ لِلشَّعْرِ الْخَشِنِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَ فِي زَمَنٍ لَا يَنْبُتُ فِيهِ عَادَةً وَقَوْلُهُ لِلْعَانَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ الْإِنْبَاتُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ) أَيْ فَإِنَّ نَبَاتَ الشَّعْرِ فِي الْإِبِطِ وَنَبَاتَ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ عَلَامَةً عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَلَامَةِ مَا يَحْصُلُ الْبُلُوغُ عِنْدَهَا مِنْ غَيْرِ تَأَخُّرٍ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ فَلَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِلْمَازِرِيِّ وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَالَ إنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ لَهُ فَلِمَالِكٍ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَطْعِ وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَيْنَ الشَّخْصِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ مِنْ قَذْفٍ وَقَطْعٍ وَقَتْلٍ وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّ مَا نَسَبَهُ لِابْنِ رُشْدٍ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةً أُخْرَى وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ ابْنِ رُشْدٍ لِقَوْلِهِ إنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا عَلَى مَا نَقَلَ عَنْهُ الْمَوَّاقُ وَلِقَوْلِهِ ثَانِيًا إنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ فِي حَقِّ اللَّهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ) أَيْ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا (قَوْلُهُ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا) أَيْ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: ادَّعَى عَدَمَهُ) أَيْ لِأَجْلِ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ مِنْهُ أَيْ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ إنْكَارَ الْبُلُوغِ شُبْهَةٌ وَالْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ بِالْإِنْزَالِ أَوْ الْحَيْضِ بَلْ وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ وَفِي عبق وخش إنْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ لَا يُصَدَّقُ وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي ح عَنْ زَرُّوقٍ وَيُصَدَّقُ فِي السِّنِّ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُهُ حَيْثُ يَجْهَلُ التَّارِيخَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُرَبْ) الْمَحْفُوظُ فِيهِ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ فَالرِّيبَةُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ لَا مِنْهُ أَيْ إنْ لَمْ يَقَعْ مِنَّا رِيبَةٌ فِيمَا قَالَهُ وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ فَالْمَعْنَى إنْ لَمْ يُوقِعْ غَيْرَهُ فِي رِيبَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ لِوُجُودِ الشَّكِّ فِي صِدْقِهِ.

(قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْبُلُوغَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ دُونَ الْجِنَايَةِ لِلشُّبْهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>