للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ (وَلِلْوَلِيِّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (رَدُّ تَصَرُّفِ) شَخْصٍ (مُمَيِّزٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بِمُعَاوَضَةٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَأَمَّا بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَهِبَةٍ وَعِتْقٍ فَيَتَعَيَّنُ رَدُّهُ وَمُرَادُهُ بِالْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الصَّبِيَّ وَالْبَالِغَ السَّفِيهَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْبَالِغِ وَجَازَ أَنْ يُرَادَ بِهِ خُصُوصُ الصَّبِيِّ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ الْآتِي كَالسَّفِيهِ تَشْبِيهًا تَامًّا ثُمَّ إذَا رَدَّ الْوَلِيُّ بَيْعَهُ فَالثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُمَيِّزُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَنْفَقَهُ فِي شَهَوَاتِهِ الَّتِي يَسْتَغْنِي عَنْهَا وَحُمِلَ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَنْفَقَهُ فِي شَهَوَاتِهِ الَّتِي يُسْتَغْنَى عَنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُمَيِّزِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ بِتَصَرُّفِهِ أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ (إنْ رَشَدَ) لَكِنَّ جَعْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُصَدَّقُ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا إنْ لَمْ يُرَبْ وَلَمْ يُشَكَّ فِي صِدْقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ فَإِنْ اُرْتِيبَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْأَمْوَالِ وَيُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالْجِنَايَةِ إنْ ادَّعَى عَدَمَهُ فَإِنْ ادَّعَى وُجُودَهُ صُدِّقَ فِي الطَّلَاقِ فَقَطْ دُونَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الرِّيبَةَ فِي قَوْلِهِ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُمَيِّزَ إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَكَانَتْ تِلْكَ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى وَجْهِ السَّدَادِ وَلِأَجْلِ إنْفَاقِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَاسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إجَازَتِهَا وَرَدِّهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِوَلِيِّهِ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا الْخِيَارُ بَيْنَ إجَازَتِهَا وَرَدِّهَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا بَاعَ الْيَتِيمُ دُونَ إذْنِ وَصِيِّهِ أَوْ صَغِيرٌ بِدُونِ إذْنِ أَبِيهِ شَيْئًا مِنْ عَقَارِهِ أَوْ أُصُولِهِ بِوَجْهِ السَّدَادِ فِي نَفَقَتِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَكَانَ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ الَّذِي بَاعَ أَوْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْمَبِيعَ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ مِنْ أُصُولِهِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ، الْقَوْلُ الثَّانِي يُرَدُّ الْبَيْعُ إنْ رَأَى الْوَلِيُّ أَنَّ الرَّدَّ هُوَ الْوَجْهُ وَالْمَصْلَحَةُ وَلَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ عَنْ الْيَتِيمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ الَّذِي صَوْنُهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ الْمَصُونُ وَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَلَا يَتْبَعُ الثَّمَنَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بَاعَ مَا غَيْرُهُ أَحَقُّ بِالْبَيْعِ مِنْهُ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ وَلَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ عَنْ الْيَتِيمِ لِإِدْخَالِهِ إيَّاهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ وَهُوَ وَصِيُّهُ وَالْحَاكِمُ وَمُقَدِّمُهُ (قَوْلُهُ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَلَوْ فِي عَقَارِهِ وَلَوْ كَانَ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ إلَخْ أَيْ وَلَهُ إجَازَتُهُ فَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ وَهَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ فَإِنْ تَعَيَّنَتْ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ وَيَصِحُّ جَعْلُ اللَّامِ لِلِاخْتِصَاصِ وَالْمَعْنَى وَلِلْمَوْلَى لَا لِغَيْرِهِ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الرَّدَّ مُتَعَيَّنٌ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ وَأَنَّ الْإِجَازَةَ كَذَلِكَ تَتَعَيَّنُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: بِمُعَاوَضَةٍ) أَيْ عَلَى وَجْهِ السَّدَادِ بِأَنْ كَانَ الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ أَمَّا لَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ تَحَتَّمَ الرَّدُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ لِأَجْلِ إنْفَاقِهِ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا تَحَتَّمَ الرَّدُّ وَلَا يَتْبَعُ بِالثَّمَنِ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُحْمَلُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ إنْفَاقُهُ عَلَى التَّبْذِيرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى الْمَحَاجِيرِ كَمَا فِي نَقْلِ ح وَابْنِ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ: اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ) صَوَابُهُ لَمْ يُتْبَعْ فِي ذِمَّتِهِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمُمَيِّزِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ تَصَرُّفُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاضٍ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إذَا رَشَدَ لِأَنَّ سُكُوتَ الْوَلِيِّ مَعَ عِلْمِهِ إمْضَاءٌ لَهُ فَفِي الْمَوَّاقِ وَإِذَا تَصَرَّفَ الْمَحْجُورُ بِرُؤْيَا مِنْ وَصِيِّهِ وَطَالَ تَصَرُّفُهُ فَأَفْتَى ابْنُ الْحَاجِّ وَابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّ مَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَاضٍ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِهِ وَبِهِ الْعَمَلُ.

(قَوْلُهُ: رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ إنْ رَشَدَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِمَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ كَالْمُعَاوَضَةِ أَوْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَأَمَّا وَارِثُ الْمَحْجُورِ الْبَائِعِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لَهُ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ مِنْ رَدِّ التَّصَرُّفِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْجُورَ إذَا تَصَرُّف بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَلْ لِوَارِثِهِ أَنْ يَرُدَّهُ مِنْ بَعْدِهِ كَمَا كَانَ يَرُدُّهُ هُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ لَا يَرُدُّهُ؟ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: إنْ رَشَدَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخْيِيرِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَابْنُ عَتَّابٍ فَقَالَا إنَّ الْوَلِيَّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ وَلَا بِالْبَيْعِ حَتَّى رَشَدَ الْمَحْجُورُ فَإِنْ ذَلِكَ يَمْضِي اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ

<<  <  ج: ص:  >  >>