للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَرَقَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ (وَإِنْ) (لَمْ يَكُنْ) لِلْمَأْذُونِ (غَرِيمٌ) فَكَغَيْرِهِ أَيْ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ (وَلَا يُمَكَّنُ) عِنْدَ (ذِمِّيٍّ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى سَيِّدِهِ تَمْكِينُهُ (مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ مِمَّا لَا يُبَاحُ تَمَلُّكُهُ (إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ تِجَارَتَهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ تِجَارَةِ السَّيِّدِ وَلَا مَفْهُومَ لِذِمِّيٍّ بَلْ عَبْدُهُ الْمُسْلِمُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّمِّيِّ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَلَا لِتَجْرٍ بَلْ غَيْرِهِ كَالتَّوْكِيلِ عَلَى التَّقَاضِي وَالسَّلَمِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ (وَأَلَّا) يَتَّجِرَ لِسَيِّدِهِ بَلْ لِنَفْسِهِ بِمَالِهِ (فَقَوْلَانِ) فِي تَمْكِينِهِ وَعَلَيْهِ فَيَحِلُّ لِلسَّيِّدِ تَنَاوُلُهُ وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ

ثُمَّ ذَكَرَ السَّبَبَ الْخَامِسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فَقَالَ (وَعَلَى مَرِيضٍ) أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ لِلْقِسْمَيْنِ (حَكَمَ الطِّبُّ) أَيْ أَهْلُهُ الْعَارِفُونَ بِهِ (بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ (كَسِلٍّ) بِكَسْرِ السِّينِ مَرَضٌ يَنْحَلُّ بِهِ الْبَدَنُ فَكَأَنَّ الرُّوحَ تَنْسَلُّ مَعَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا (وَقُولَنْجِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتُكْسَرُ مَرَضٌ مِعَوِيٌّ مُؤْلِمٌ يَعْسَرُ مَعَهُ خُرُوجُ الْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَقَوْلُهُ مِعَوِيٌّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ نِسْبَةً لِلْمِعَى (وَحُمَّى قَوِيَّةٍ) حَارَّةٍ تُجَاوِزُ الْعَادَةَ فِي الْحَرَارَةِ مَعَ إزْعَاجِ الْبَدَنِ وَالْمُدَاوَمَةِ (وَحَامِلِ سِتَّةٍ) أَيْ أَتَمَّتْهَا وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ (وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ) ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الِاعْتِرَافِ وَأَمَّا الْحَبْسُ لِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِيَسْتَبْرِئَ أَمْرَهُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ (أَوْ) مُقَرَّبٍ (لِقَطْعٍ) لَا مَحْبُوسٍ لَهُ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ (إنْ خِيفَ الْمَوْتُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَقَبَتُهُ) مِثْلُ رَقَبَتِهِ فِي كَوْنِ الْغُرَمَاءِ لَا يَأْخُذُونَ دَيْنَهُمْ مِنْ ثَمَنِهَا أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ.

(قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ) أَيْ وَلِهَذَا إذَا فَضَلَ مِنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ فَضْلَةٌ فَإِنَّهُمْ يَتْبَعُونَ بِهَا ذِمَّتَهُ إذَا عَتَقَ يَوْمًا مَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ غَرِيمٌ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَ إلَّا مَا فَضَلَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا يَنْتَزِعُ شَيْئًا.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ) . نَحْوُهُ لعج وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَالْحُرِّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا فَالْأَوْلَى تَقْرِيرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالِانْتِزَاعِ فَقَطْ كَمَا فَعَلَهُ تت اُنْظُرْ طفى اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّقِيقَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ انْفَكَّ ذَلِكَ الْحَجْرُ عَنْهُ فَإِنْ أُرِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ لَا فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ.

(قَوْلُهُ: إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِمَالِ السَّيِّدِ أَوْ بِمَالِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تِجَارَتَهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ تِجَارَةِ السَّيِّدِ) أَيْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فَإِنْ مَكَّنَهُ السَّيِّدُ مِنْ ذَلِكَ وَبَاعَ مَا ذَكَرَ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ أَدَبًا لِلسَّيِّدِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْعَبْدُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَمْ لَا عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ وَلَا لِتَجْرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِذِمِّيٍّ أَيْ لَا مَفْهُومَ لِذِمِّيٍّ وَلَا لِتَجْرٍ.

(قَوْلُهُ: كَالتَّوْكِيلِ عَلَى التَّقَاضِي وَالسَّلَمِ) أَيْ فَإِذَا وَكَّلَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الْكَافِرَ عَلَى قَبْضِ مَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ عَلَى سَلَمِ دَرَاهِمَ فِي سِلَعٍ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ قَضَاءً عَنْ الدَّيْنِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ السَّلَمِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: بِمَالِهِ) أَيْ لَا بِمَالِ السَّيِّدِ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا هَذَا ظَاهِرُهُ وَاَلَّذِي فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا اتَّجَرَ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ السَّيِّدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: فِي تَمْكِينِهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي السَّلَمِ الثَّانِي وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ أَوْ بَيْعِهِمَا أَوْ شِرَائِهِمَا أَوْ يَأْتِي الْكَنِيسَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ دِينَهُمْ اهـ عِيَاضٌ قِيلَ مُرَادُهُ بِعَبْدِهِ هُنَا مُكَاتَبُهُ إذْ لَا تَحْجِيرَ لَهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ هُوَ فِي مَأْذُونٍ يَتَّجِرُ بِمَالِ نَفْسِهِ وَقِيلَ فِيمَا تَرَكَهُ لَهُ سَيِّدَهُ تَوْسِعَةً لَهُ اهـ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ طفى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مَنْعُ أَخْذِ السَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَبِالتَّمْكِينِ جَوَازُهُ لَا حَقِيقَةُ التَّمْكِينِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: تَنَاوُلُهُ) أَيْ أَخْذُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا أَرَادَ انْتِزَاعَ مَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحِلُّ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ.

. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ) أَيْ كَحَامِلِ سِتَّةٍ وَالْمَحْبُوسِ لِلْقَتْلِ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ الْمَوْتُ بِهِ غَالِبًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَثْرَةِ الْمَوْتِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَوْتُ مِنْهُ شَهِيرًا لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَوْتِ مِنْهُ غَلَبَةُ الْمَوْتِ بِهِ فَيُقَالُ فِي الشَّيْءِ أَنَّهُ كَثِيرٌ إذَا كَانَ وُجُودُهُ مُسَاوِيًا لِعَدَمِهِ وَالْغَلَبَةُ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الرُّوحَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ يَنْحَلُّ بِهِ الْبَدَنُ وَيُضْعِفُهُ وَيَتَرَاءَى مِنْهُ أَنَّ الرُّوحَ تَنْسَلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ مَرَضٌ مِعَوِيٌّ إلَخْ) كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ دَاوُد الْحَكِيمُ فِي النُّزْهَةِ أَنَّهُ رِيحٌ غَلِيظٌ يَحْتَبِسُ فِي الْمِعَى.

(قَوْلُهُ نِسْبَةً لِلْمِعَى) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَاحِدُ الْأَمْعَاءِ أَيْ الْمَصَارِينِ بِحُلُولِهِ فِيهَا لَا فِي الْمَعِدَةِ.

(قَوْلُهُ وَحُمَّى قَوِيَّةٍ) أَيْ وَهِيَ الْحُمَّى الْمُطْبِقَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ مِصْرَ بِالنَّوْشَةِ.

(قَوْلُهُ وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ) أَيْ فَلَوْ تَبَرَّعَتْ بَعْدَ السِّتَّةِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ السَّابِعِ بِأَنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ كَانَ تَبَرُّعُهَا مَاضِيًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ تَمَامِ السِّتَّةِ تُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَوْ لَمْ تَدْخُلُ فِي السَّابِعِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَامِلِ سِتَّةٍ مَعْنَاهُ حَامِلٌ مَنْسُوبٌ لِلسِّتَّةِ وَمَتَى أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا تُنْسَبُ إلَيْهَا وَيَكْفِي فِي الْعِلْمِ بِبُلُوغِهَا السِّتَّةَ أَشْهُرٍ إخْبَارُهَا بِذَلِكَ وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءَ.

(قَوْلُهُ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) لَا يُقَالُ إنَّ عَطْفَ الْعَامِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>