للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَرُبَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ وَخِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ (وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ) وَإِنْ لَمْ يُصَبْ بِجُرْحٍ (لَا) خَفِيفِ مَرَضٍ (كَجَرَبٍ) وَرَمَدٍ أَوْ ضِرْسٍ أَوْ حُمَّى يَوْمٍ بَعْدَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَنْشَأُ عَنْهُ مَوْتٌ عَادَةً (و) حُجِرَ عَلَى (مُلَجِّجٍ) أَيْ سَائِرٍ فِي اللُّجَّةِ (بِبَحْرٍ) مِلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ عَائِمًا أَحْسَنَ الْعَوْمِ (وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ) أَيْ الْفَزَعُ بِشِدَّةِ الرِّيحِ أَوْ غَيْرِهَا وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ الْمُخَوَّفِ (فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ) لَا فِيهِمَا؛ لِأَنَّ بِهِمَا قِوَامَ بَدَنِهِ (و) غَيْرِ (مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ) لَا مَالِيَّةٍ كَقِرَاضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ فَإِنْ حَابَى فِي الْمَالِيَّةِ فَمِنْ ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ وَكَانَتْ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ (وَوُقِفَ تَبَرُّعُهُ) إنْ تَبَرَّعَ وَلَوْ بِثُلُثِهِ وَلَا يَنْفُذُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَبَرُّعُهُ (لِمَالٍ) أَيْ مِنْ مَالٍ (مَأْمُونٍ) أَيْ لَا يُخْشَى تَغَيُّرُهُ (وَهُوَ الْعَقَارُ) كَدَارٍ وَأَرْضٍ وَشَجَرٍ فَلَا يُوقَفُ بَلْ يَنْفُذُ الْآنَ حَيْثُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بِأَنْ يَأْخُذَهُ الْمُتَبَرِّعُ لَهُ بِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ الْمَوْتَ فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ نَفَذَ ذَلِكَ الْبَعْضُ عَاجِلًا فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَمْضِ غَيْرُ مَا نَفَذَ وَإِنْ صَحَّ نَفَذَ الْجَمِيعُ (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وُقِفَ تَبَرُّعُهُ لِعَدَمِ أَمْنِ مَالِهِ (فَمِنْ الثُّلُثِ) يَوْمَ التَّنْفِيذِ إنْ حَمَلَهُ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ فِي مَرَضِهِ (وَإِلَّا) يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ (مَضَى) تَبَرُّعُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ التَّبَرُّعِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ؛ لِأَنَّهَا تُوقَفُ مُطْلَقًا وَلَهُ فِيهَا الرُّجُوعُ

ثُمَّ ذَكَرَ السَّبَبَ السَّادِسَ لِلْحَجْرِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَعَقَّبَهُ بِالْخَامِسِ لِمُشَارَكَتِهِمَا فِي أَنَّ الْحَجْرَ فِيهِمَا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّبَرُّعَاتِ فَقَالَ (و) حُجِرَ (عَلَى الزَّوْجَةِ) الْحُرَّةِ الرَّشِيدَةِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ حَجْرِ السَّيِّدِ عَلَى رَقِيقِهِ وَالْوَلِيِّ عَلَى السَّفِيهِ (لِزَوْجِهَا) الْبَالِغِ الرَّشِيدِ أَوْ وَلِيِّ السَّفِيهِ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (عَبْدًا)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمَحْذُوفِ الَّذِي بَقِيَ مَعْمُولُهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَهِيَ انْفَرَدَتْ

بِعِطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ

مَعْمُولُهُ لِأَنَّا نَقُولُ ذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَوْ مِثْلُ الْوَاوِ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَخِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ) فِيهِ أَنَّهُ مَتَى خِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ تُرِكَ الْقَطْعُ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الشَّرْطِ مُشْكِلٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُفْرَضُ فِي الْمَقْطُوعِ لِلْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ وَلَوْ خِيفَ مَوْتُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ فَإِذَا قَرُبَ لِلْقَطْعِ وَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ: صَفَّ الْقِتَالِ) أَيْ حَضَرَ صَفَّ الْقِتَالِ فَهُوَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفِ أَوْ هُوَ مَجْرُورٌ بِإِضَافَتِهِ لِحَاضِرِ وَاحْتُرِزَ بِصَفِّ الْقِتَالِ عَمَّنْ حَضَرَ صَفَّ النِّظَارَةِ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الظَّاءِ أَوْ صَفِّ الرَّدِّ فَإِنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَصَفُّ النِّظَارَةِ هُمْ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ الْمَغْلُوبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَاهِدِينَ فَيَنْصُرُونَهُ وَصَفُّ الرَّدِّ هُمْ الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَرُدُّونَ أَسْلِحَتَهُمْ إلَيْهِمْ.

(قَوْلُهُ: مُلَجِّجٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً اسْمُ فَاعِلٍ.

(قَوْلُهُ أَحْسَنَ الْعَوْمِ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ سَفِينَةٍ لَا إنْ كَانَ بِهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْحَجْرِ عِنْدَ حُصُولِ الْهَوْلِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَرِيضِ الْمَخُوفِ) أَيْ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَرِيضٍ أَيْ وَمَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَحْضُرُ عَلَيْهِ فِي تَدَاوِيهِ وَمُؤْنَتِهِ وَلَا فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ وَلَوْ بِكُلِّ مَالِهِ وَأَمَّا التَّبَرُّعَاتُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهَا إذَا كَانَتْ بِزَائِدٍ عَنْ الثُّلُثِ وَأَمَّا تَبَرُّعُهُ بِالثُّلُثِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَمِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعَاتِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَنْعِ التَّبَرُّعَاتِ وَكَذَلِكَ صُلْحُ الْقِصَاصِ فَإِذَا جَنَى جِنَايَةً وَمَرِضَ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَ بِالدِّيَةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ وَيُمَكَّنُ أَرْبَابُ الْجِنَايَةِ مِنْ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ فَمِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ فَتَنْفُذُ تِلْكَ الْمُحَابَاةُ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ وَسِعَهَا مَضَتْ بِتَمَامِهَا وَإِنْ لَمْ يَسَعْهَا نَفَذَ مِنْهَا مَحْمَلُ الثُّلُثِ فَقَطْ وَتُعْتَبَرُ الْمُحَابَاةُ يَوْمَ فِعْلِهَا لَا يَوْمَ الْحُكْمِ فَحَوَالَةُ السُّوقِ بَعْدَ فِعْلِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَغْوٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ وَلَوْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لِوَارِثٍ فِي الْمَرَضِ.

(قَوْلُهُ: وَوَقَفَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إذَا تَبَرَّعَ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِأَنْ أَعْتَقَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ وَقَفَ فَإِنْ ذَلِكَ يُوقَفُ فَإِنْ مَاتَ قَوْمٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ وَسِعَهُ كُلَّهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ مَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ فَقَطْ وَإِنْ صَحَّ وَلَمْ يَمُتْ مَضَى جَمِيعُ تَبَرُّعِهِ هَذَا إذَا كَانَ مَالُهُ الْبَاقِي بَعْدَ التَّبَرُّعِ غَيْرَ مَأْمُونٍ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَالُهُ الْبَاقِي بَعْدَ التَّبَرُّعِ مَأْمُونًا وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ فَإِنَّ مَا بَتَلَهُ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَمْ يُوقَفْ وَيَنْفُذُ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُهُ عَاجِلًا وَوَقَفَ مِنْهُ مَا زَادَ ثُمَّ إنْ صَحَّ نَفَذَ الْجَمِيعُ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يَمْضِ غَيْرُ مَا نَفَذَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ إلَخْ) أَيْ وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صُنِعَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَضَى تَبَرُّعُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ أَيْ لِأَنَّهُ بَتَلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً.

(قَوْلُهُ: الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ) أَيْ بَيْنَ كَوْنِهِ تَارَةً يُوقَفُ لِمَوْتِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَتَارَةً لَا يُوقَفُ وَيَنْفُذُ حَالًا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ تُوقَفُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْمُوصِي مَأْمُونًا أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ

. (قَوْلُهُ: وَعَقَّبَهُ بِالْخَامِسِ) أَيْ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْخَامِسِ وَهُوَ الْمَرَضُ.

(قَوْلُهُ وَحُجِرَ عَلَى الزَّوْجَةِ) أَيْ وَحَجَرَ الشَّرْعُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا لَا لِأَبِيهَا وَنَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيِّ السَّفِيهِ) أَيْ أَوْ لِوَلِيِّ الزَّوْجِ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا) أَيْ فَالْحَجْرُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ السَّفِيهِ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرُ فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَى زَوْجَتِهِ لِوَلِيِّهِ لَا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>