أَوْ عِنْدَ غَيْرِ الْمُتَّجِرِ بِهَا وَيَرْضَى بِهِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْخُسْرُ عَلَيْهِمَا (وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (وَكِيلٌ) أَيْ كَوَكِيلٍ عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَالْكِرَاءِ وَالِاكْتِرَاءِ (فَيُرَدُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ يَعُودُ عَلَى الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَنْ يَرُدَّ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ حَيْثُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا (عَلَى) شَرِيكٍ (حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ) بَيْعًا وَالرَّدُّ عَلَيْهِ (كَالْغَائِبِ) أَيْ كَالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا وَشَرْطُ الرَّدِّ عَلَى الْحَاضِرِ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ بَيْعًا (إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ غَيْبَةُ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ أَوْ الْيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ (انْتَظَرَ) لِيَرُدَّ عَلَيْهِ مَا بَاعَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ وَلَا يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ وَأَوْلَى إنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ (وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ) فِي مَالِ الشِّرْكَةِ وَكَذَا الْعَمَلُ يُفَضُّ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ (بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ) مِنْ تَسَاوٍ وَتَفَاوُتٍ إنْ شَرَطَا ذَلِكَ أَوْ سَكَتَا عَنْهُ
(وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ) فِي ذَلِكَ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ إنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فُضَّ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ (وَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ) فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ وَدَخَلَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِسُدُسِ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِسُدُسِ أُجْرَةِ الْعَمَلِ (وَلَهُ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (التَّبَرُّعُ) لِشَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ (وَالسَّلَفُ وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ) لَا قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ (وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ وَالْخُسْرِ) عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهِمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِمَالِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِ الْمُتَّجِرِ بِهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اتَّجَرَ بِهَا مَنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ اخْتَصَّ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ وَلَوْ عَلِمَ الْآخَرُ بِتَعَدِّيهِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَإِنْ أَوْدَعَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا وَدِيعَةً فَعَمِلَ فِيهَا تَعَدِّيًا فَرَبِحَ فَإِنْ عَلِمَ شَرِيكُهُ بِالتَّعَدِّي وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ بِهَا بَيْنَهُمَا فَلَهُمَا الرِّبْحُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالرِّبْحُ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ خَاصَّةً فَظَاهِرُهَا أَنَّ رِضَا الشَّرِيكِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ عَمَلِهِ مَعَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ بِالتَّجْرِ فِي الْوَدِيعَةِ الَّتِي عِنْدَهُمَا أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُتَّجِرُ أَوْ غَيْرُهُ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْخُسْرُ عَلَيْهِمَا وَيَنْزِلُ عِلْمُ الشَّرِيكِ وَرِضَاهُ مَنْزِلَةَ عَمَلِهِ مَعَهُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ رَضِيَ الشَّرِيكُ وَعَمِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا أَعَانَهُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَإِنْ رَضِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ مَعَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ أَيْ كَوَكِيلٍ) أَيْ فَلَيْسَ وَكِيلًا حَقِيقَةً وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ الشَّرْطُ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ الْمُوَكِّلِ بَلْ وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَضَى) أَيْ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ لِلْمَعِيبِ إنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عُهْدَةً أَيْ أَنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ مِنْ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ مُؤَرَّخَةً أَيْ وَأَثْبَتَ تَارِيخَ الْبَيْعِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا أَيْ عَلَى الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا التَّارِيخُ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ الْغَائِبِ الْمُشَبَّهِ لَا الْمُشَبَّهِ بِهِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ (قَوْلُهُ شَرِيكُهُ الْغَائِبُ) أَيْ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ عَلَى شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ) وَأَوْلَى إذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ أَيْ لَا يُرَدُّ عَلَى الْحَاضِرِ جَبْرًا فِيهِمَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرّ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْمَعِيبَ الْمَرْدُودَ مِنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ
(قَوْلُهُ وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ بِاشْتِرَاطِ أَحَدِهِمَا التَّفَاوُتَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُقَالُ اشْتِرَاطٌ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الرِّبْحِ وَالْخُسْرِ وَالْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَلِكُلِّ أَجْرٍ عَمَلُهُ لِلْآخَرِ) أَيْ الَّذِي عَمِلَهُ عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ أَجْرَ الْعَمَلِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَحَقِيقَتُهُ الْأُجْرَةُ التَّابِعَةُ لِلْعَمَلِ وَمَجَازُهُ الرِّبْحُ التَّابِعُ لِلْمَالِ وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ دَلَالَتُهُ عَلَى الْحَالَتَيْنِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي لَهُ أَجْرُ الْعَمَلِ الَّذِي عَمِلَهُ عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ اشْتِرَاطِ التَّفَاوُتِ إنَّمَا هُوَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بِأَثَرِهِ فَوْرًا وَالْجَوَازُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ لَيْسَ كَوَاقِعٍ فِيهَا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ كَالْوَاقِعِ فِيهَا فَيُمْنَعُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَثَرِ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ لَا قَبْلُهُ أَوْ فِيهِ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ مَمْنُوعًا وَظَاهِرُهُ فِي التَّبَرُّعِ وَالسَّلَفِ وَالْهِبَةِ أَمَّا فِي السَّلَفِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ وَالتَّبَرُّعِ فَلِأَنَّ ذَلِكَ كَأَنَّهُ مِنْ رِبْحٍ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ مَنْعِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ حَالَ الْعَقْدِ كَقَبْلِهِ هُوَ مَا فِي شب وَاَلَّذِي فِي عبق أَنَّ غَيْرَ السَّلَفِ يُمْنَعُ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ وَأَمَّا السَّلَفُ فَيُمْنَعُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَأَمَّا فِيهِ فَيُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمُتَسَلِّفِ ذَا بَصِيرَةٍ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ هَذَا هُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ بِمَنْعِ السَّلَفِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا فِي الشَّارِحِ وشب (قَوْلُهُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ) هُوَ مَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ بَلْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ نَصٍّ وَأَمَّا الْخُسْرُ فَهُوَ مَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي مَالِ الشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهِمَا) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ بَعْضِ مَالِ الشِّرْكَةِ تَلَفًا أَوْ خُسْرًا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute