للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ وَإِلَّا غَرِمَ (و) الْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ (لِأَخْذِ لَائِقٍ) بِهِ أَوْ بِعِيَالِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ لِبَاسٍ فَقَطْ إذَا ادَّعَى شِرَاءَهُ (لَهُ) أَوْ لِعِيَالِهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ شَرِيكُهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرُ اللَّائِقِ مِنْهُمَا فَلَا يُصَدَّقُ وَيُرَدُّ لِلشِّرْكَةِ (و) الْقَوْلُ (لِمُدَّعِي النِّصْفِ) بِيَمِينٍ (وَحُمِلَ عَلَيْهِ فِي تَنَازُعِهِمَا) بِيَمِينِهِمَا اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الثَّانِيَ تَكْرَارٌ مَعَ الْأَوَّلِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْآخَرُ حَالَ حَيَاتِهِمَا (وَلِلِاشْتِرَاكِ) أَيْ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ (فِيمَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا) دُونَ مُدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ (إلَّا لِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لِلْحَائِزِ (عَلَيَّ كَإِرْثِهِ) وَقَالَتْ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الشِّرْكَةِ (وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ لَهَا) الصَّوَابُ تَأَخُّرُهُ عَنْهَا، فَإِنْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ عَلَيْهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تَقُلْ وَأَنَّهُمَا عَقَدَاهَا عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْهَا، وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ لِمُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ (إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ) أَيْ بِتَصَرُّفِهِمَا تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضِينَ وَأَوْلَى إنْ شَهِدَ بِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَلَمْ يَحْصُلْ تَلَفٌ وَلَا خُسْرٌ.

(قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) أَيْ مَنْ اتَّهَمَهُ صَاحِبُهُ وَإِنْ كَانَ فِي ذَاتِهِ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَقَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ أَيْ إنْ كَانَتْ التُّهْمَةُ غَيْرَ قَوِيَّةٍ وَأَمَّا التُّهْمَةُ الْقَوِيَّةُ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن وَمُرَادُهُ بِالتُّهْمَةِ الْقَوِيَّةِ ظُهُورُ كَذِبِهِ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْقَرَائِنِ كَدَعْوَاهُ التَّلَفَ وَهُوَ فِي رُفْقَةٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَكَدَعْوَاهُ الْخَسَارَةَ فِي سِلْعَةٍ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فِيهَا لِشُهْرَةِ سِعْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ شَرِيكُهُ) أَيْ وَقَالَ لَهُ بَلْ اشْتَرَيْت ذَلِكَ لِلشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ) أَيْ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ عَاقِلٍ أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ وَلَوْ كَانَ لَائِقًا بِهِ.

(قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ) فَإِذَا تَنَازَعَا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ ثُلُثَيْ الْمَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ لِكُلٍّ نِصْفُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً بَعْدَ حَلِفِهِمَا هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ نَظَرًا لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَوْزِ، وَالْقَضَاءُ بِالْحَوْزِ لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِهِ بِدُونِ يَمِينٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ الثُّلُثَيْنِ وَالْآخَرُ ادَّعَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ دَفَعَ لِكُلٍّ مَا سَلَّمَ لَهُ وَقُسِمَ السُّدُسُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُ مُدَّعِي النِّصْفِ الثُّلُثَ وَنِصْفَ سُدُسٍ وَيَأْخُذُ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ النِّصْفَ وَنِصْفَ سُدُسٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ مِنْ اثْنَيْنِ وَإِلَّا قُسِمَ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَهُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَأَرَادَتْ وَرَثَتُهُ الْمُفَاصَلَةَ مَعَ شَرِيكِهِ وَقَالُوا لِمُوَرِّثِنَا ثُلُثَا الْمَالِ وَثُلُثَا الرِّبْحِ وَقَالَ الشَّرِيكُ بَلْ الْمَالُ بَيْنِي وَبَيْنَ مُوَرِّثِكُمْ عَلَى التَّنْصِيفِ فَيُحْمَلَانِ عَلَى النِّصْفِ بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ.

(قَوْلُهُ وَلِلِاشْتِرَاكِ) عَطْفٌ عَلَى التَّلَفِ وَاللَّامُ مُقَوِّيَةٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشِّرْكَةَ إذَا انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ رَآهُ بِيَدِ شَرِيكِهِ أَنَّهُ لِلشِّرْكَةِ وَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ سِلَعِ التِّجَارَةِ وَادَّعَى الْآخَرُ الِاخْتِصَاصَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ لِلشِّرْكَةِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ سَوَاءٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالْمُفَاوَضَةِ أَوْ لَا، وَأَوْلَى إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوُقُوعِ الشِّرْكَةِ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ عَلَى إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يَكُونُ لِلشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ الْأَمْلَاكِ عَنْ يَدِ أَرْبَابِهَا وَسَوَاءٌ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ سَابِقٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا أَوْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ هَلْ الْمُفَاوَضَةُ سَابِقَةٌ عَلَى الْإِرْثِ أَوْ هُوَ سَابِقٌ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَأَوْلَى لَوْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَاتِ الثَّلَاثَةِ تَكُونُ لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ وَأَمَّا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا وَلَمْ تَشْهَدْ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فِي الْمُفَاوَضَةِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ تِلْكَ السِّلْعَةُ الْمُتَنَازَعُ فِيهَا عَلَى الشِّرْكَةِ، فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ قَدْ عَلِمْتهَا وَزَادَ شَيْخُنَا حَالًا خَامِسًا وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْبَيِّنَةِ قَوْلٌ أَصْلًا زِيَادَةً عَلَى الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ قَدْ وَرِثَهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ وَحُكْمُهُ كَمَا إذَا قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ عَلَيْهَا وَلَا تَأَخُّرَهُ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ الصَّوَابُ تَأَخُّرُهُ عَنْهَا) أَيْ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَيَّ كَإِرْثِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَأَخُّرَهُ عَنْهَا وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا قَالَتْ الْبَيِّنَةُ نَعْلَمُ تَقَدُّمَ الْمِيرَاثِ عَلَى الشِّرْكَةِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِلشِّرْكَةِ لَا لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْمُفَاوَضَةِ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَيَّ كَإِرْثِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْهَا لِأَجْلِ أَنْ يُفِيدَ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا شَهِدَتْ بِتَأَخُّرِهِ عَنْهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةٌ لَا أَنَّهَا لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَيْسَ قَوْلُهَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَ الْمِيرَاثِ عَلَيْهَا كَمَا فَهِمَ الْمُعْتَرِضُ بَلْ قَوْلُهَا نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْهَا وَشَارِحُنَا حَلَّ الْمُبَالَغَةَ بِهَذَا ثُمَّ صَوَّبَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهَا نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْهَا لَا يَتَأَتَّى الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَيَّ كَمِيرَاثٍ وَإِنْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِمَا تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>