بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ وَقِيمَتُهَا فِي الْعُسْرِ يَوْمَ الْحَمْلِ وَفِي الْيُسْرِ قَبْلَ يَوْمِ الْوَطْءِ وَقِيلَ يَوْمَ الْحَمْلِ قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَحَمَلَتْ قَيْدٌ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَأَشَارَ لِلْحَالَةِ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) تَحْمِلُ فِي الْوَطْءِ بِغَيْرِ إذْنٍ (فَلِلْآخَرِ إبْقَاؤُهَا) لِلشِّرْكَةِ (أَوْ مُقَاوَاتُهَا) بِأَنْ يَتَزَايَدَ فِيهَا حَتَّى تَقِفَ عَلَى عَطَاءِ أَحَدِهِمَا فَيَأْخُذَهَا بِهِ لَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى تَقْوِيمُهَا عَلَى الْوَاطِئِ أَيْ يُخَيَّرُ غَيْرُ الْوَاطِئِ فِي إبْقَائِهَا وَتَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْقِيمَةَ أَخَذَهَا مِنْ الْوَاطِئِ إنْ أَيْسَرَ وَاتَّبَعَهُ إنْ عُسْرَ أَوْ يَلْزَمُهُ بِبَيْعِ مَا يَفِي بِحِصَّتِهِ مِنْهَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شِرْكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَتْبَعَهَا بِشِرْكَةِ الْعِنَانِ فَقَالَ.
[دَرْسٌ] (وَإِنْ اشْتَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ فَعِنَانٌ) أَيْ فَهِيَ شِرْكَةُ عِنَانٍ أَيْ تُسَمَّى بِذَلِكَ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَا تُقَادُ بِهِ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَ بِعِنَانِ صَاحِبِهِ لَا يُطْلِقُهُ يَتَصَرَّفُ حَيْثُ شَاءَ وَلِذَا لَوْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفَ الْمُطْلَقَ دُونَ الْآخَرِ هَلْ تَكُونُ مُفَاوَضَةً فِيمَنْ أَطْلَقَ لَهُ وَعِنَانًا فِيمَنْ قَيَّدَ عَلَيْهِ أَوْ فَاسِدَةً وَاسْتُظْهِرَ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا جَاءَ فِيهَا وَلِأَنَّ هَذِهِ فِيهَا تَفَاوُتٌ فِي الْعَمَلِ (وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ) ذَكَرٍ (وَذِي طِيَرَةٍ) مِمَّا يَشْتَرِكُ فِي الْحَضْنِ كَحَمَامٍ لَا دَجَاجٍ وَإِوَزٍّ وَلَا غَيْرَ طَيْرٍ كَحُمُرٍ وَخَيْلٍ وَرَقِيقٍ (أَنْ يُنْفِقَا عَلَى الشِّرْكَةِ فِي الْفِرَاخِ) الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً لَا فِي الْبَيْضِ وَنَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى رَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِهَا.
(و) وَإِنْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ (اشْتَرِ) كَذَا (وَلِي وَلَك) وَالثَّمَنُ بَيْنَنَا فَاشْتَرَاهَا (فَوَكَالَةٌ) فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ فِي النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلْآمِرِ فَيُطَالِبُهُ بِثَمَنِهِ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَقَوْلُهُ فَوَكَالَةٌ أَيْ وَشِرْكَةٌ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْ الشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ فِي الْمَقَامِ وَمِنْ قَوْلِهِ لِي وَلَك، وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فَتَخْفَى فَلِذَا نَصَّ عَلَيْهَا (وَجَازَ) لِرَجُلٍ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي وَلَك (وَانْقُدْ) مَا يَخُصُّنِي مِنْ الثَّمَنِ (عَنِّي) ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ مَعَهُ وَهُوَ سَلَفُهُ لَهُ مَعَ تُوَلِّي الشِّرَاءِ عَنْهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ لَمْ يَقُلْ) السَّائِلُ (و) أَنَا (أَبِيعُهَا لَك) أَيْ عَنْك أَيْ أَنَا أَتَوَلَّى بَيْعَهَا عَنْك، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَكَانَتْ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِيهِمَا لَكِنْ يَغْرَمُ الْوَاطِئُ فِيهِمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ) هَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَعْدُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْوَلَدِ هَلْ يَلْزَمُ لَهُ قِيمَةٌ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحَمْلِ غَرِمَ الْوَاطِئُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الْوَلَدِ، وَإِنْ قُلْنَا يَوْمَ الْوَطْءِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَاوَاتُهَا) الْمُقَاوَاةُ هِيَ الْمُزَايَدَةُ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَاتَّبَعَهُ) أَيْ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يَلْزَمُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاتَّبَعَهُ
(قَوْلُهُ، وَإِنْ شَرَطَا) أَيْ، وَإِنْ شَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ نَفْيَ الِاسْتِقْلَالِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَالْكِرَاءِ وَالِاكْتِرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ صَرِيحُ ابْنِ يُونُسَ وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَنَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ لَا ابْتِدَاءً لِفَقْدِ الْعِلْمِ وَالْوُجُودِ فِي الْفِرَاخِ الَّتِي حَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا (قَوْلُهُ لَا دَجَاجَ وَإِوَزَّ) أَيْ لِانْفِرَادِ الْأُنْثَى مِنْهُمَا بِالْحَضْنِ دُونَ ذَكَرِهِمَا، فَإِنْ دَفَعَ أَحَدٌ بَيْضًا لِذِي دَجَاجَةٍ أَوْ إوَزَّةٍ لِيُرْقِدَهُ تَحْتَهَا وَيَشْتَرِكَا فِي الْفِرَاخِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مِثْلُ بَيْضِهِ كَمَنْ دَفَعَ بَذْرًا لِمَنْ يَزْرَعُهُ فِي أَرْضِهِ.
(قَوْلُهُ أَنْ يُنْفِقَا عَلَى الشِّرْكَةِ) أَيْ مُنَاصَفَةً إنْ كَانَتْ قِيمَةُ عَمَلِ الطَّيْرِ قَدْرَ قِيمَةِ عَمَلِ الطَّيْرَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ عَمَلِ الطَّيْرِ تَسَاوِي نِصْفَ قِيمَةِ عَمَلِ الطَّيْرَةِ فَعَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَقَوْلُهُ أَنْ يُنْفِقَا عَلَى الشِّرْكَةِ فِي الْفِرَاخِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ كُلَّ طَيْرٍ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ الَّذِي فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَحَلُّ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَمَامِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا يَمْلِكُهُ بِنِصْفِ مَا يَمْلِكُهُ الْآخَرُ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ مُطْلَقًا فِي الْحَمَامِ وَغَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَنَفَقَةُ كُلٍّ) أَيْ إذَا حَصَلَتْ الشِّرْكَةُ فِي الْفِرَاخِ مَعَ بَقَاءِ كُلِّ طَيْرٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ فَيُطَالِبُهُ بِثَمَنِهِ) هَذَا فَائِدَةُ الْوَكَالَةِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِ الْمَأْمُورِ وَكِيلًا فِي شِرَاءِ النِّصْفِ لِلْآمِرِ أَنْ يُطَالِبَ ذَلِكَ الْمَأْمُورَ ابْتِدَاءً بِالثَّمَنِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَتَقَدَّمَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ وَلَا يَبِيعُ الْمَأْمُورُ النِّصْفَ الَّذِي لِلْآمِرِ إلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ قَاصِرَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ كَلَامُ الشَّارِحِ أَنَّ بَيْعَ الْمَأْمُورِ نِصْفَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ الْآمِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ شِرْكَةِ الْعِنَانِ يُفِيدُ أَنَّهَا مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فَتَخْفَى) اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ لِي وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ الِالْتِفَاتُ لِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ لِي وَلَك وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشِّرْكَةِ وَالِالْتِفَاتُ لِخُصُوصٍ لِي خَفِيَ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَانْقُدْ مَا يَخُصُّنِي مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ وَهُوَ وَكَالَةٌ وَشِرْكَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ صَنَعَهُ) أَيْ الْمَأْمُورُ مَعَ الْآمِرِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ سَلَّفَهُ أَيْ سَلَّفَ الْمَأْمُورُ لِلْآمِرِ وَقَوْلُهُ مَعَ تُوَلِّي الشِّرَاءِ أَيْ مَعَ تَوَلِّي الْمَأْمُورِ الشِّرَاءَ عَنْ الْآمِرِ (قَوْلُهُ أَيْ عَنْك) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ اللَّامَ فِي لَك بِمَعْنَى عَنْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ سِلْعَةَ الشَّخْصِ لَا تُبَاعُ لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ سَلَّفَ الْآمِرَ وَقَدْ جَرَّ ذَلِكَ السَّلَفُ نَفْعًا لِلْمَأْمُورِ وَهُوَ تَوَلِّي الْآمِرِ الْبَيْعَ لِحِصَّةِ ذَلِكَ الْمَأْمُورِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَإِذَا عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ النَّقْدِ أَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ بِنَقْدِ ثَمَنِ حِصَّتِهِ وَيَتَوَلَّى بَيْعَهَا، وَإِنْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ النَّقْدِ أَمَرَ الْمَنْقُودَ عَنْهُ بِدَفْعِ