للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، فَإِنْ بَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (حَبْسُهَا) أَيْ السِّلْعَةِ فِي نَظِيرِ مَا نَقَدَهُ عَنْ الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الشَّرْطِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمُطَالَبَةُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْآمِرُ اُنْقُدْ عَنِّي (وَاحْبِسْهَا) عِنْدَك حَتَّى أُوَفِّيَك (فَكَالرَّهْنِ) فِي كَوْنِهِ أَحَقُّ بِهَا وَفِي الضَّمَانِ أَيْ يَكُونَ لَهُ حَبْسُهَا وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا ضَمَانَ الرَّهْنِ وَلَهُ حَبْسُهَا أَيْضًا إنْ كَانَ الْآمِرُ مِمَّنْ يُخْشَى لَدَدُهُ وَلِمَا ذُكِرَ مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُسَلِّفًا ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ الْمُسَلِّفُ غَيْرَهُ فَقَالَ

(وَإِنْ أَسْلَفَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي) مِنْ آمِرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ كَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُقْتَرِضِ أَمْ لَا (جَازَ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ) الشَّرِيكِ (الْمُشْتَرِي) الْمُتَسَلِّفِ فَيَمْنَعُ لِجَرِّهِ نَفْعًا لِلْمُسَلِّفِ وَلِذَا لَوْ كَانَ الْمُسَلِّفُ أَجْنَبِيًّا وَقَصَدَ نَفْعَ الْمَأْمُورِ فَقَدْ جَازَ ثُمَّ ذَكَرَ شِرْكَةَ الْجَبْرِ الَّتِي قَضَى بِهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ بِهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ بِقَوْلِهِ (وَأُجْبِرَ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الشِّرْكَةِ أَيْ تَشْرِيك الْغَيْرِ مَعَهُ (إنْ اشْتَرَى شَيْئًا) طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (بِسُوقِهِ) أَيْ سُوقِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ تُجَّارِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيهِ لِلتِّجَارَةِ بِهِ فِي الْبَلَدِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِبَيْتِهِ أَوْ بِحَانُوتٍ لَيْسَ فِي سُوقِهِ أَوْ فِي زُقَاقٍ أَوْ لَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِيَتَّجِرَ بِهِ فِي بَلَدٍ أُخْرَى.

وَلِذَا قَالَ (لَا لِكَسَفَرٍ) بِهِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ (و) لَا (قُنْيَةٍ) وَإِقْرَاءِ ضَيْفٍ أَوْ عُرْسٍ أَوْ إهْدَاءٍ وَصُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ (وَغَيْرُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَاهُ فِي غَيْبَتِهِ وَمِمَّا إذَا تَزَايَدَ مَعَهُ أَوْ كَانَ الْحَاضِرُ لَيْسَ مِنْ تُجَّارِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَا جَبْرَ (وَهَلْ) يُجْبَرُ (و) إنْ اشْتَرَاهَا (فِي الزُّقَاقِ) أَيْ الطَّرِيقِ (لَا كَبَيْتِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا نَقَدَ عَنْهُ مُعَجَّلًا وَلَوْ اشْتَرَطَ تَأْجِيلَهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْآمِرِ الْبَيْعَ أَيْ لِحِصَّةِ الْمُسَلِّفِ الَّذِي هُوَ الْمَأْمُورُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ بَاعَ) أَيْ الْآمِرُ تِلْكَ السِّلْعَةَ (قَوْلُهُ فِي كَوْنِهِ أَحَقَّ بِهَا) أَيْ عِنْدَ مَوْتِ الْآمِرِ أَوْ فَلَسِهِ (قَوْلُهُ أَيْ يَكُونُ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ حَبْسُهَا حَتَّى يَقْبِضَ مَا نَقَدَهُ عَنْ الْآمِرِ وَيَكُونُ الْمَأْمُورُ أَحَقَّ بِهَا فِي مَوْتِ الْآمِرِ وَفِي فَلَسِهِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ الرَّهْنِ) أَيْ إذَا ادَّعَى تَلَفَهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ضَمِنَهَا إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ.

فَإِنْ قُلْت إنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَكَالرَّهْنِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ اُنْقُدْ عَنِّي وَاحْبِسْهَا عِنْدَك حَتَّى أُوَفِّيَك كَانَتْ رَهْنًا حَقِيقَةً وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَكَالرَّهْنِ الْمُصَرَّحِ فِيهِ بِلَفْظِ الرَّهْنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هَذَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الرَّهْنِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِلَفْظِ الرَّهْنِ.

وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَنْعِ كَوْنِ هَذَا رَهْنًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الرَّهْنِ وَهَذَا لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّشْبِيهُ ظَاهِرٌ وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَحْتَاجُ لِلَّفْظِ مُصَرَّحٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ كَانَ) أَيْ الْمُسَلِّفُ وَقَوْلُهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُقْتَرِضِ الْأَوْلَى مِنْ نَاحِيَةِ الْآمِرِ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ السَّلَفُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ أَسْلَفَ أَوْ الْمُرَادُ جَازَ أَيْ الْعَقْدُ الْمُحْتَوِي عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي) أَيْ مَعْرِفَتُهُ وَوَجَاهَتُهُ وَجَاهُهُ وَإِنَّمَا أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إلَّا لِكَبَصِيرَتِهِ لَتَوَهَّمَ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَوْدُهُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُضَافِ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ قَيْدٌ لَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ لِجَرِّهِ نَفْعًا لِلْمُسَلِّفِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْآمِرُ هُوَ الْمُسَلِّفُ، وَكَذَا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ نَاحِيَةٍ كَصَدِيقِهِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ الْآمِرِ حِينَئِذٍ نَفْعٌ لِلْمُسَلِّفِ (قَوْلُهُ بِسُوقِهِ) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ الْجَبْرِ عَلَى الشِّرْكَةِ وَهِيَ سِتَّةٌ: ثَلَاثَةٌ فِي الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِسُوقِهِ وَأَنْ يَكُونَ شِرَاؤُهُ لِلتِّجَارَةِ وَأَنْ تَكُونَ التِّجَارَةُ بِهِ فِي الْبَلَدِ، وَثَلَاثٌ فِي الْمُشْتَرَكِ بِالْفَتْحِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا فِي السُّوقِ وَقْتَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ الَّتِي بِيعَتْ بِحَضْرَتِهِ وَأَلَّا يَتَكَلَّمَ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْجَبْرِ إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُشْتَرِي لِلْحَاضِرِينَ مِنْ التُّجَّارِ وَيَقُولُ لَهُمْ أَنَا لَا أُشَارِكُ أَحَدًا مِنْكُمْ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَزِيدَ زَادَ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ الْجَبْرِ الْمَذْكُورَةِ فَالظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ جَبْرُهُ عَلَى الشِّرْكَةِ، وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ حَيْثُ كَانَ مَا اشْتَرَى بَاقِيًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفْصَلَ فِيهِ كَالشُّفْعَةِ فَلَا جَبْرَ بَعْدَ السَّنَةِ، ثُمَّ إنَّ عُهْدَةَ الدَّاخِلِ الَّذِي أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى دُخُولِهِ مَعَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَصْلِيِّ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي أُجْبِرَ عَلَى مُشَارَكَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا إلَخْ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْحَاضِرُونَ لِشِرَائِهِ عَلَى مُشَارَكَتِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ تَكَلُّمِهِمْ، وَأَمَّا إنْ حَضَرُوا السَّوْمَ وَقَالُوا لَهُ أُشْرِكْنَا فَأَجَابَهُمْ بِنَعَمْ أَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى مُشَارَكَتِهِ إنْ طَلَبَ كَمَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى مُشَارَكَتِهِمْ إنْ طَلَبُوا.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ تُجَّارِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تُجَّارِ ذَلِكَ السُّوقِ بَلْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ التِّجَارَةِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيمَنْ يُرِيدُ الْمُشْتَرِي مُشَارَكَتَهُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِلتِّجَارَةِ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِبَيْتِهِ) أَيْ بِبَيْتِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ لِيَتَّجِرَ بِهِ فِي بَلَدٍ أُخْرَى) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ قَرِيبَةً لَا يُسَمَّى السَّيْرُ إلَيْهَا سَفَرًا عُرْفًا مَا لَمْ يَكُنْ الْبَلَدَانِ فِي مَعْنَى الْبَلَدِ الْوَاحِدِ كَمِصْرِ وَبُولَاقَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ) كَكَثْرَةِ مَا اشْتَرَاهُ لِلْقُنْيَةِ بِدَعْوَاهُ أَوْ تَرَكَ السَّفَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ مِنْ تُجَّارِهِ) أَيْ مِنْ تُجَّارِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ أَمْ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>