أَيْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلَانِ) أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْجَبْرِ
ثُمَّ ذَكَرَ شِرْكَةَ الْعَمَلِ وَتُسَمَّى شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ أَيْضًا فَقَالَ (وَجَازَتْ بِالْعَمَلِ) أَيْ فِيهِ بِشُرُوطٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ اتَّحَدَ) كَخَيَّاطَيْنِ (أَوْ تَلَازَمَ) بِأَنْ تَوَقَّفَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا عَلَى عَمَلِ الْآخَرِ كَأَنْ يَنْسِجَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ يُنِيرُ وَيَدُورُ وَكَأَنْ يَغُوصَ أَحَدُهُمَا لِطَلَبِ اللُّؤْلُؤِ وَالثَّانِي يُمْسِكُ عَلَيْهِ وَيَجْذِفُ (وَتَسَاوَيَا فِيهِ) أَيْ فِي الْعَمَلِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ عَمَلِهِ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَالْآخَرِ الثُّلُثُ لَمْ يَجُزْ إلَّا فَضُّ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ (أَوْ تَقَارَبَا) فِيهِ عُرْفًا بِأَنْ يَزِيدَ عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْعَمَلِ شَيْئًا قَلِيلًا وَقَسَمَا عَلَى النِّصْفِ أَوْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ يَسِيرًا وَقَسَمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ (وَحَصَلَ التَّعَاوُنُ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ بِمَكَانَيْنِ) كَخَيَّاطَيْنِ بِحَانُوتَيْنِ تَجُولُ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا فِي الْآخَرِ.
وَلَمَّا كَانَ مَا قَدَّمَهُ فِي صَنْعَةٍ لَا آلَةَ فِيهَا أَوْ فِيهَا آلَةٌ لَا بَالَ لَهَا كَالْخِيَاطَةِ ذُكِرَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ لِآلَةٍ لَهَا بَالٌ كَالصِّيَاغَةِ وَالنَّجَّارَةِ وَالصَّيْدِ بِالْجَوَارِحِ هَلْ يُزَادُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ اشْتِرَاطُ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْآلَةِ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ لَا؟ فَقَالَ (وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (آلَةً) مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ كُلٌّ نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ وَهُوَ ظَاهِرُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لَوْ وَقَعَ مُضِيٌّ (و) فِي جَوَازِ (اسْتِئْجَارِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (مِنْ الْآخَرِ) كَأَنْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا آلَةً وَاسْتَأْجَرَ كُلٌّ نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ (أَوْ لَا بُدَّ) لِلْجَوَازِ (مِنْ مِلْكٍ) بِأَنْ يَمْلِكَاهَا مَعًا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ (أَوْ كِرَاءٍ) لَهَا مِنْ غَيْرِهِمَا لِيَصِيرَ ضَمَانُهَا مِنْهُمَا مَعًا فَهَاتَانِ لَيْسَتَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَبَاعَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ نِصْفَهَا بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ (تَأْوِيلَانِ) فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي الْجَوَازِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُصَنِّفِ لَا فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا.
وَمَثَّلَ لِشَرِكَةِ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ (كَطَبِيبَيْنِ) اتَّحَدَ طِبُّهُمَا كَكَحَّالَيْنِ أَوْ تَلَازَمَ (اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ وَصَائِدَيْنِ) اشْتَرَكَا (فِي الْبَازَيْنِ) مَثَلًا بِمِلْكٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْآلَةِ أَوْ بَازٍ لِأَحَدِهِمَا وَكَلْبٍ لِلْآخَرِ لِلتَّلَازُمِ (وَهَلْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ اتَّفَقَا فِي الْمَصِيدِ وَالْمَكَانِ وَفِي مِلْكِ ذَاتِهِمَا أَوْ الْجَوَازِ (وَإِنْ افْتَرَقَا) فِي الْمَصِيدِ كَأَنْ يَصْطَادَ أَحَدُهُمَا الْغَزَالَ وَالْآخَرُ بَقَرَ الْوَحْشِ أَوْ فِي الْمَكَانِ أَوْ فِي الْمِلْكِ بِأَنْ يَمْلِكَ أَحَدُهُمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْجَبْرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الزُّقَاقُ نَافِذًا
(قَوْلُهُ وَجَازَتْ بِالْعَمَلِ) أَيْ وَلَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَيَجْذِفُ) أَيْ يَقْذِفُ بِالْمِقْذَافِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ عَمَلِهِ، وَأَمَّا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ حَقِيقَةً فَلَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلٍّ مِنْهُمَا آلَةً إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ جَوَازِهِ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهَا إمَّا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَإِمَّا بِاسْتِئْجَارٍ مِنْ غَيْرِهِمَا لِيَصِيرَ ضَمَانُهَا مِنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُهَا) أَيْ وَتَأَوَّلَهَا عِيَاضٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لَوْ وَقَعَ) أَيْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ أَحَدُهُمَا نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَفِي اسْتِئْجَارِهِ إلَخْ) أَيْ وَاخْتَلَفَ أَيْضًا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ كُلَّهَا مِنْ عِنْدِهِ وَأَجَّرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ أَوْ أَخْرَجَ هَذَا آلَةً وَهَذَا آلَةً وَأَجَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكِهِمَا لَهَا مِلْكًا وَاحِدًا بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إكْرَاءٍ مِنْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ كَأَنْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا آلَةً) أَيْ أَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ مِنْ عِنْدِهِ وَاسْتَأْجَرَ مِنْهُ الْآخَرُ نِصْفَهَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَعُلِمَ أَنَّ صُوَرَ الْخِلَافِ ثَلَاثَةٌ: إخْرَاجُ كُلِّ وَاحِدٍ آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ وَهَذِهِ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلِّ آلَةٍ، وَالثَّانِيَةُ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا الْآلَةَ كُلَّهَا مِنْ عِنْدِهِ وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ، وَالثَّالِثَةُ إخْرَاجُ كُلٍّ مِنْهُمَا آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ وَأَجَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَشْمَلُهُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي اسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ فَهَاتَانِ) أَيْ مِلْكُهُمَا مَعًا لِلْآلَةِ أَوْ كِرَاؤُهُمَا مَعًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ لَيْسَتَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ) أَيْ بَلْ جَائِزَتَانِ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَبَاعَ إلَخْ تَشْبِيهٌ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَعُلِمَ أَنَّ الصُّوَرَ الْمُتَّفَقَ عَلَى جَوَازِهَا ثَلَاثَةٌ كَمَا أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْجَوَازِ) أَيْ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ لَا فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا أَيْ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا بُدَّ أَيْ فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ اتَّحَدَ طِبُّهُمَا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ طِبُّهُمَا كَكَحَّالٍ وَجَرَائِحِيٍّ لَمْ تَجُزْ لِلْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَرُوجُ صَنْعَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ صَنْعَةِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وِفَاقًا وَخِلَافًا وَلَا يُقَالُ حَيْثُ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ كَانَتْ شِرْكَةَ أَمْوَالٍ لَا أَبْدَانٍ وَالْكَلَامُ فِيهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الشِّرْكَةُ فِي الدَّوَاءِ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَالْمَقْصُودُ الشِّرْكَةُ فِي التَّطْبِيبِ (قَوْلُهُ اشْتَرَكَا فِي الْبَازَيْنِ مَثَلًا بِمِلْكٍ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ بَازٍ مَمْلُوكًا لَهُمَا (قَوْلُهُ وَهَلْ، وَإِنْ افْتَرَقَا إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ