للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاشْتِرَاطُ الْحِسِّيِّ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَرُجِّحَ وَلَهُمَا أَيْضًا قَوْلٌ مَعَ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حِسًّا وَلَا حُكْمًا فَلَوْ بَذَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي جِهَةٍ أَوْ فَدَّانٍ غَيْرَ الْآخَرِ صَحَّتْ عِنْدَهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ شَرْطٌ وَهُوَ تَمَاثُلُهُمَا جِنْسًا وَصِنْفًا فَلَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا قَمْحًا وَالْآخَرُ فُولًا أَوْ شَعِيرًا لَمْ تَصِحَّ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَهُ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَةِ وَقِيلَ بِالصِّحَّةِ أَيْضًا وَفَرَّعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ.

(فَإِنْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا وَعَلِمَ) رَبُّهُ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ لِفَرَاغِهِ أَوْ سُوسِهِ أَوْ قِدَمِهِ وَبَعْضُ الْحَبِّ الَّذِي إذَا أَصَابَهُ الدُّخَانُ لَمْ يَنْبُتْ كَالْبِرْسِيمِ وَبَذْرُ الْكَتَّانِ وَالْمُلُوخِيَّةِ سَوَاءٌ تَمَيَّزَ الْبَذْرُ الْمَذْكُورُ فِي جِهَةٍ أَوْ اخْتَلَطَ (لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ) فِي الشِّرْكَةِ (إنْ غَرَّ) صَاحِبَهُ بِأَنْ عَلِمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَارِّ لِشَرِيكِهِ إذْ الشِّرْكَةُ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا (مِثْلُ نِصْفِ) الْبَذْرِ (النَّابِتِ) فِي شِرْكَةِ الْمُنَاصَفَةِ وَمِثْلُ حِصَّتِهِ مِنْ النَّابِتِ فِي غَيْرِهَا فَلَوْ عَبَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكَانَ أَشْمَلَ (وَإِلَّا) يَغُرُّ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَنْبُتُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ وَبَيَّنَ لِصَاحِبِهِ (فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا لِشَرِيكِهِ (نِصْفُ بَذْرِ الْآخَرِ) فِي شِرْكَةِ الْمُنَاصَفَةِ (وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا) عَلَى كُلِّ حَالٍ فَعَلَى مَنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ مِثْلُ نِصْفِ النَّابِتِ غَرَّ أَمْ لَا وَعَلَى مَنْ نَبَتَ بَذْرُهُ مِثْلُ نِصْفِ غَيْرِ النَّابِتِ أَيْ قَدِيمًا أَوْ مُسَوِّسًا إنْ لَمْ يَغُرَّ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ عَلِمَ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْإِبَّانَ قَدْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِذَلِكَ إلَى إنْ كَانَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَاقِصَةٌ لَا أَنَّهَا تَامَّةٌ كَمَا قَالَ بَعْضٌ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَخَلْطُ بَذْرٍ إنْ وُجِدَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِخَلْطِ الزَّرِيعَةِ هَذَا إذَا حُمِلَ الْبَذْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الزَّرِيعَةَ ضَاعَ مَفْهُومُ إنْ وُجِدَ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْمَنْطُوقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُ الْحِسِّيِّ) تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْقَوْلَيْنِ إذَا أَخْرَجَاهُ مَعًا وَبَذْرَاهُ وَصَارَ لَا يَتَمَيَّزُ بَذْرُ أَحَدِهِمَا مِنْ بَذْرِ الْآخَرِ فَيَصِحُّ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا عَلَى مَا رَدَّهُ بِلَوْ (قَوْلُهُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ خَلْطِ الْبَذْرِ وَلَوْ حُكْمًا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ قَالَ طفى هَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا يُعْرَفُ لِسَحْنُونٍ وَعَزَاهُ لَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ لَا حِسًّا وَلَا حُكْمًا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا فِي شِرْكَةِ الْأَمْوَالِ وَسَحْنُونٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ هُنَاكَ فَكُلٌّ طَرْدُ أَصْلِهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا هَلْ يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ فِي الصِّحَّةِ فَأَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ الشِّرْكَةَ إذَا أَخْرَجَا قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا، وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَاهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا فِي الْعَيْنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَاهَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فَقَالَ مَرَّةً بِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَرَّةً إنَّمَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ إذَا خَلَطَا الزَّرِيعَةَ أَوْ حَمَلَاهَا إلَى الْفَدَّانِ أَوْ جَمَعَاهَا فِي بَيْتٍ فَظَهَرَ لَك أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخَلْطِ وَلَوْ حُكْمًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ سَحْنُونٍ فَقَطْ اهـ كَلَامُهُ.

(قَوْلُهُ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) وَنَحْوُهُ فِي عبق قَالَ بْن وهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَيْنِ كَسَحْنُونٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حِسًّا وَلَا حُكْمًا تَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ تَمَاثُلُهُمَا) أَيْ تَمَاثُلُ مَا أَخْرَجَاهُ مِنْ الْبَذْرِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ كِفَايَةِ إخْرَاجِهِمَا لِلْبَذْرِ إلَى الْفَدَّانِ وَبَذْرِ كُلِّ وَاحِدٍ وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ إلَخْ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ أَصْلًا وَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهُ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ بِاشْتِرَاطِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ عِنْدَهُ يُوجِبُ بُطْلَانَ الشِّرْكَةِ مُطْلَقًا نَبَتَ بَذْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمْ لَا فَتَعَيَّنَ أَنْ يُرَادَ بِالْخَلْطِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُجَرَّدُ الْمُعَاوَنَةِ تَسَاهُلًا حَتَّى يَصِحَّ التَّفْرِيعُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْهُمَا فَيُشْتَرَطُ تَعَاوُنُهُمَا وَلَوْ بِإِخْرَاجِهِمَا بِأَنْ يَخْرُجَا بِالْبَذْرِ مَعًا وَيَبْذُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَذْرَهُ كَانَ بَذْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مُتَمَيِّزًا عَنْ بَذْرِ الْآخَرِ أَوَّلًا وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَالْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ الْآخَرُ لَا يَكْفِي إخْرَاجُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ الْبَذْرَانِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَحِينَئِذٍ فَحَمْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ الْإِخْرَاجَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْرِيعِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا مُحَصَّلُ كَلَامِ ح.

وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَرَدَ بِالْمُبَالَغَةِ، الْقَوْلُ بِاشْتِرَاطِ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ لَا يَصِحُّ إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ فِي الْبَذْرِ وَعَدَمِ كِفَايَةِ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ بِمَعْنَى عَدَمِ التَّمْيِيزِ مُتَّفَقٌ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّعَاوُنِ مَعَ التَّمْيِيزِ كَمَا عَلِمْت اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ عَلِمَ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ النَّابِتِ) أَيْ وَعَلَيْهِ أَيْضًا نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ مَا لَمْ يَنْبُتْ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَمَلِ فِيهِ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا اُنْظُرْ اهـ بْن.

(تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ عج أَنَّ مَنْ اشْتَرَى حَبًّا وَبَيَّنَ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ لِلزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَنْبُتْ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَم أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ أَوْ كَانَ شَاكًّا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبِأُجْرَةِ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ إنْ فَاتَ الْإِبَّانُ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَرَّهُ وَالشِّرَاءُ فِي زَمَنِ الزِّرَاعَةِ بِثَمَنِ مَا يُزْرَعُ كَالشَّرْطِ، وَإِنْ اشْتَرَى لِلْأَكْلِ فَزَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ.

(قَوْلُهُ وَأَنَّ الْإِبَّانَ) أَيْ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِبَّانَ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>