للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهَا تُفِيدُ صِدْقَ الْحَالِفِ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَكُلَّ مَا كَانَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ وَيَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ الْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ (و) لَا (مَعْصِيَةٍ كَظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ وَأَدْخَلَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ السَّرِقَةَ وَالْغَصْبَ وَالْقَتْلَ الْحَرَامَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ لِزَوْجَةِ الْمُوَكِّلِ أَنْت عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فِي الْحَيْضِ فَأَوْقَعَهُ الْوَكِيلُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ فِي الْحَيْضِ عَارِضَةٌ إذْ هُوَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ بِخِلَافِ الظِّهَارِ فَإِنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ بِقَوْلِهِ (بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا) مِنْ قَوْلٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ (لَا بِمُجَرَّدِ) قَوْلِهِ (وَكَّلْتُك) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى شَيْءٍ (لَا حَتَّى يُفَوِّضَ) لِلْوَكِيلِ الْأَمْرَ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوَّضَةً أَوْ فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي فِي أُمُورِي وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَإِذَا فَوَّضَ لَهُ (فَيَمْضِي) وَيَجُوزُ (النَّظَرُ) أَيْ الصَّوَابُ لَا غَيْرُهُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْمُوَكِّلُ (و) يَمْضِي مِنْك (غَيْرُ النَّظَرِ) فَيَمْضِي إنْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ وَلَا تَضْمِينُ الْوَكِيلِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ النَّظَرِ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا تَبْذِيرٍ (إلَّا الطَّلَاقَ) لِزَوْجَةِ الْمُوَكِّلِ (وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ و)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأَشْيَاءِ إيصَالُ الْحُقُوقِ لِأَهْلِهَا وَذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ لَهَا وَغَيْرِهِ فَيَبْرَأُ الْمَأْمُورُ بِهَا بِفِعْلِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ، وَالثَّالِثُ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٍ مَنْظُورٍ فِيهَا لِجِهَةِ الْفِعْلِ وَلِجِهَةِ الْفَاعِلِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا بِأَيِّهِمَا يَلْحَقُ وَذَلِكَ كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مَعَهَا إنْفَاقُ مَالٍ، فَمَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ رَأَوْا أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَأْدِيبُ النَّفْسِ وَتَهْذِيبُهَا وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَإِظْهَارُ الِانْقِيَادِ إلَيْهِ وَهَذَا أَمْرٌ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ قَادِرٍ فَإِذَا فَعَلَهُ إنْسَانٌ عَنْهُ فَاتَتْ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ مِنْهُ، وَرَأَوْا أَنَّ إنْفَاقَ الْمَالِ فِيهِ أَمْرٌ عَارِضٌ بِدَلِيلِ الْمَكِّيِّ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِلَا مَالٍ فَقَدْ أَلْحَقُوهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَصَالِحَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ عَنْهُ، وَلِذَا كَانَ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ وَلَهُ أُجْرَةُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ رَأَوْا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ الْقُرْبَةُ الْمَالِيَّةُ الَّتِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا غَالِبًا فَأَلْحَقُوهُ بِالْقِسْمِ الثَّانِي اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ صِدْقَ الْحَالِفِ) أَيْ وَصِدْقَ الْوَكِيلِ بِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوُضُوءَ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْأَفْعَالُ الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ وَإِجْلَالُ الرَّبِّ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خُضُوعِ الْوَكِيلِ خُضُوعُ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا فَعَلَهَا غَيْرُهُ فَاتَتْ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَظِهَارٍ؛ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُطَلِّقَهَا فِي الْحَيْضِ فَطَلَّقَهَا فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِهَا فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَهِيَ حَائِضٌ كَانَ الطَّلَاقُ لَازِمًا اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا إلَخْ) مِنْ الْعُرْفِ فِي الْوَكَالَةِ الْوَكَالَةُ بِالْعَادَةِ كَمَا إذَا كَانَ رِيعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَكَانَ الْأَخُ يَتَوَلَّى كِرَاءَهُ وَقَبْضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ دَفَعَ لِأُخْتِهِ مَا يَخُصُّهَا فِي الْكِرَاءِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ وَتَصَرُّفُ الرَّجُلِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّعَدِّي قَالَهُ مَالِكٌ اُنْظُرْ ح وَالْمَوَّاقَ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ) أَيْ لَا مِنْ نَاطِقٍ (قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك) أَيْ وَأَنْتَ وَكِيلِي وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا أَبْهَمَ فِيهَا الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَالَ: وَكَّلْتُك كَانَتْ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةً خِلَافَ أَنْتَ وَصِيِّ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَتَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَقِيلَ إنَّهَا وَكَالَةٌ صَحِيحَةٌ وَتَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إنْ قَصُرَتْ طَالَتْ وَإِنْ طَالَتْ قَصُرَتْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَفَرَّقَ ابْنُ شَاسٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ أَيْ إذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ فَإِنَّهُ يَعُمُّ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَادَةُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ التَّصَرُّفَ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَلَا تَقْتَضِيهِ فِي الْوَكَالَةِ وَيَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ الثَّانِي أَنَّ الْمُوَكَّلُ مُهَيَّأٌ لِلتَّصَرُّفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْقِيَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَيَفْتَقِرُ لِتَقْرِيرِ مَا أَبْقَى، وَالْوَصِيُّ لَا تَصَرُّفَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَفْتَقِرُ لِتَقْرِيرِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى شَيْءٍ) أَيْ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى الْوَكَالَةِ لُغَةً (قَوْلُهُ فَيُمْضِي النَّظَرَ) أَيْ وَهُوَ مَا فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ أَيْ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ النَّظَرِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لَهُ أَمْضَيْت فِعْلَك النَّظَرَ وَغَيْرَ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ فَيُمْضِي أَيْ غَيْرَ النَّظَرِ إنْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بَاطِلَةٌ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَلَا تَبْذِيرَ أَيْ كَأَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ النَّظَرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً وَيُمْضِي بَعْدَ وُقُوعِهِ مَا لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ لَا مَا كَانَ مَعْصِيَةً أَوْ سَفَهًا وَإِلَّا نَاقَضَ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ فِي الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ إلَّا الطَّلَاقُ) الصَّوَابُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَغَيْرَ النَّظَرِ وَالْأَصْلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَ النَّظَرِ فَيُمْضِي النَّظَرَ وَغَيْرَهُ إلَّا الطَّلَاقَ إلَخْ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ تت مِنْ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فَيُمْضِي النَّظَرَ وَنَحْوَهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَرَدَّهُ ح بِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَ النَّظَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>